“اعتماد روسيا على إيران لتزويدها بالطائرات المسيرة اللازمة في حرب أوكرانيا قلل من إمكانية الحد من نفوذ طهران في سوريا”.. هكذا يخلص تحليل “أمواج ميديا”، لافتا إلى أنه “على الرغم من جهود إسرائيل لمنع عزلة روسيا مع تزويد أوكرانيا بدعم عسكري كبير، فإن موسكو غير راضية بشكل متزايد عن موقف تل أبيب من حرب أوكرانيا”.
ويضيف: “تتلاشى صورة روسيا كقوة مؤهلة وموثوق بها في نظر إسرائيل لوقف التصعيد مع إيران، ومع معارضة أقل من روسيا، قد تقرر إيران في النهاية الرد على هجمات إسرائيل”.
ويتابع: “إذا اندلعت نيران المواجهة في سوريا مرة أخرى، فمن المحتمل أن يكون اشتباك عسكري خطير بين إيران وإسرائيل هو الشرارة”.
ويلفت التحليل إلى أن هجوم 19 فبراير/شباط كان له خاصية جديدة واضحة في هذا الصدد، وهي نقل الإنذار المبكر من خلال المخابرات الغربية والقنوات العراقية بدلاً من الروس الذين كانوا في السنوات الماضية مسؤولين تقليديًا عن نقل الرسائل ومنع التصعيد بين إيران وإسرائيل.
وبتابع: “قد يساعد التقرير الذي نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية بعد يومين من الغارة التي استهدفت دمشق في فهم التغيير الواضح في نهج الجانب الإسرائيلي، حيث نقل عن المخابرات الغربية قولها إن خبيرًا في التكنولوجيا والاتصالات مرتبطًا بالحرس الثوري الإسلامي الإيراني زار سوريا مؤخرًا لتنفيذ مشاريع عسكرية مشتركة مع روسيا في البلاد”.
وحسب التقرير “يعتقد أن المشاريع مرتبطة بتطوير أنظمة الرادار وشبكات الاتصالات”.
وليس من الواضح ما إذا كان الخبير المزعوم التابع للحرس الثوري الإيراني هو المواطن الإيراني الذي ورد أنه قُتل في هجوم 19 فبراير/شباط.
وفي كل الأحوال، فإن التعاون بين موسكو وطهران في تطوير أنظمة الرادار في سوريا سيكون غير مسبوق.
واقتصرت الشراكة الإيرانية الروسية تقليديا في سوريا على العمليات المشتركة ضد الجماعات المسلحة المعارضة للأسد ونفذت القوات المدعومة من إيران والجيش السوري عمليات برية، بينما وفرت روسيا غطاء جويا لها.
وتتعدد الأسباب التي جعلت موسكو مترددة منذ فترة طويلة في توسيع التعاون العسكري مع طهران في سوريا.
وللحد من مخاوف إسرائيل ومنع حصول تصعيد أكبر، عارضت روسيا أيضًا فكرة نشر أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية الصنع في البلاد. لكن يبدو أن هذه الديناميكيات تتغير الآن.
وأجرت روسيا منذ الصيف الماضي تغييرات في نشر أجهزتها العسكرية في سوريا لتعزيز دفاعاتها الجوية في الداخل.
وفي أغسطس/آب 2022، ورد أن موسكو نقلت بطارية من صواريخ أس-300 المضادة للطائرات كانت موجودة سابقًا في مدينة مصياف السورية إلى ميناء روسي بالقرب من شبه جزيرة القرم. وفي الوقت نفسه، ورد أن طهران تعمل على تعزيز الدفاعات الجوية السورية من خلال الأنظمة الإيرانية في مواجهة الهجمات الإسرائيلية المتكررة.
وبالإضافة إلى ذلك، يُقال إن الإيرانيين ساعدوا السوريين في تحديث مجموعة الرادار الخاصة بهم.
مع الأخذ في الاعتبار هذه الديناميكيات المتغيرة والتطورات الأخيرة التي تتعلق بإيران وروسيا وسوريا على المستوى الرسمي، هناك مؤشرات على أن التغييرات لا تتعارض مع إرادة موسكو، بل تتوافق إن لم تكن بالتنسيق معها.
ففي 24 فبراير/شباط، أفاد التلفزيون الإيراني الحكومي أنه تم إبرام اتفاقية مع سوريا لتوفير أنظمة دفاع جوي، بما في ذلك نظام 15 خرداد إيراني الصنع، ومعدات الحرب الإلكترونية والرادار، وصواريخ صياد -2.
ولم تلق الاتفاقية أي رد فعل من جانب روسيا، رغم توجهها الواضح ضد إسرائيل.
وهذا بينما كان رد فعل موسكو على هجوم إسرائيل في 19 فبراير/شباط قويًا، إذ وصفت موسكو الضربة بِـ”الانتهاك الصارخ” للقانون الدولي، وحثت تل أبيب على “الامتناع عن الخطوات التي تنطوي على عواقب وخيمة على المنطقة بأكملها”.
ويشير التحليل إلى أن “النقطة الأساسية هي أن موسكو ليس لديها ما يكفي من التسهيلات أو الإرادة السياسية لاحتواء طهران في سوريا”.
ومع ذلك، لا يزال من غير المحتمل أن تقوم روسيا بتفعيل أنظمة دفاعها الجوي لمواجهة الهجمات الإسرائيلية، لأن مثل هذا الإجراء سيكون له تداعيات طويلة المدى على العلاقات مع تل أبيب.
لكن ما سيكون كافياً لإيران، وما يبدو أن طهران قد حققته بالفعل، حسب التحليل، هو أن “تسمح روسيا ببساطة للحرس الثوري الإيراني باتخاذ إجراءات لإحباط حرية إسرائيل في تنفيذ عمليات في سوريا”.
ويضيف: “يبدو أن هذا التحول هو الذي تسبب في تراجع موقف روسيا كقوة مؤهلة وموثوق بها في نظر إسرائيل لوقف التصعيد مع إيران”.
وبالنظر إلى المستقبل، ستقل احتمالات الضربات المشابهة لغارة 19 فبراير/شباط.
من ناحية أخرى، مع معارضة أقل من روسيا، قد تقرر إيران في النهاية الرد على هجمات إسرائيل.
ويختتم التحليل بالقول: “إذا اندلعت نيران المواجهة في سوريا مرة أخرى، فمن المحتمل أن يكون اشتباك عسكري خطير بين إيران وإسرائيل هو الشرارة”.
المصدر: الخليج الجديد