في مناسبة اليوم العالمي للمرأة، المصادف يوم غد الأربعاء 8 آذار (مارس)، نستعيد أبرز التحديات أمام النساء العراقيات مع ناشطات عرفن بالدفاع عن حقوق المرأة العراقية، وبرزن في محطات عدة تنتقل من قضايا جرائم الشرف وزواج القاصرات والعنف… إلى أيام احتجاجات تشرين.
نضال مستمر
في هذه المناسبة، لا تحتفل المرأة العراقية، بل تتظاهر للمطالبة بحقوقها المسلوبة، تقول الناشطة زينب الشباندر، وتضيف لـ”النهار العربي” أن “المرأة العراقية تواصل نضالها حتى انتزاع حقوقها، كما أنها تقف ضد العادات والتقاليد والقوانين التي تقتلها”، مؤكدة أن “النساء العراقيات تعلّمن من احتجاجات تشرين الثورة من أجل حقوقهن، لأن ثورة تشرين مدتنا بالحافز والقوة لتنظيم الوقفات النسوية الاحتجاجية”.
تمارا علاء، مسؤولة المكتب النسوي المركزي لحركة “وجود السياسة” وعضوة منظمة “ساندها” لحقوق المرأة، ترى أن “وضع المرأة العراقية لا يختلف عن وضعها في مناطق أخرى من العالم لجهة الأمية والعنف الأسري والاغتصاب والتحرش وعدم المساواة، وهذا الظلم الاجتماعي مرتبط بالموروث والمعتقدات الدينية والسيطرة العشائرية على عقلية الأسرة وتصرفاتها”.
وتقول علاء لـ”النهار العربي” إن فرص حصول العراقيات على العمل لا تزال تعد ضئيلة، موضحة أن “نسبة النساء العاملات لا تتخطى الـ15 في المئة، والبقية هن ضحايا العنف الاقتصادي الذي تفرضه الأسرة وعوامل أخرى تحد من دورهن”.
وتضيف أن “النظرة الاجتماعية السائدة في العراق تحد من مساحة المرأة في سوق العمل، بالإضافة إلى ما تتعرض له من تحرش وابتزاز وترهيب، والمشكلة أن الدولة لا تقوم بأي دور فعال لتأمين وضع النساء في مجال سوق العمل، وبالتالي تبقى النساء عرضة لمختلف أشكال التمييز والاستغلال”.
“غسل العار”
ووفق إحصاءات منظمات غير حكومية، فقد سجلت في العراق في عام 2022 نحو 90 حالة قتل بحق النساء تحت عنوان “غسل العار”.
وتوضح علاء: “عادة ما تكون الضحية بريئة وتقتل نتيجة خلاف عائلي أو مسألة خلاف في ما يخص الميراث، بل قد يصل الأمر أحياناً، إذا أراد الزوج أن يتملص من موضوع النفقات بعد الطلاق، إلى أن يتهم زوجته بالزنا أو يقتلها على أنها مسألة شرف”.
وتعتبر أن “هذا نتيجة لبعض القوانين التي تبيح للرجل أو الأسرة قتل المرأة، ويمكن أن يفلت من العقاب من دون مساءلة بكفالة مالية وفق المادة 409 من قانون العقوبات العراقي التي تتيح للقاتل الإفلات من العقاب”.
أما بخصوص التحرش في القطاع الخاص، فتقول علاء إن “النتائج أظهرت أن 80 في المئة من النساء تعرضن للتحرش اللفظي، و42 في المئة للتحرش المباشر و27 في المئة اضطررن لترك العمل و19 في المئة قدمن تنازلات للحصول على العمل”، لافتة إلى أن “الشابات المتعرضات للتحرش لم يقمن برفع دعاوى قضائية بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية وخوفاً من فقدان العمل”.
وتشير علاء إلى ارتفاع نسب زواج القاصرات، إذ وفقاً لبيانات وزارة العدل ازداد زواج القاصرات بنسبة 50 في المئة عما كان عليه في عام 2011، ما زاد بدوره نسب الطلاق والعنف الأسري والانتحار وتسوّل الأطفال.
سيادة العشيرة
وفي السياق، تقول الناشطة في منظمة “حرية المرأة” العراقية روزة الحميد إن “واقع المرأة في العراق اليوم من سيئ إلى أسوأ، والوضع الاجتماعي متدن بسبب سيطرة العادات والتقاليد والأعراف العشائرية التي جعلت وضع المرأة في الحضيض”.
وتضيف أنه “لا سيادة اليوم على العشيرة وأعرافها، فالقانون اليوم تحت عباءة رجل الدين وشيخ القبيلة اللذين تمكنا من توظيف أفكارهما الذكورية في القوانين والحكم على النساء. فمنذ عقود لم يتم تشريع قانون واحد لمصلحة النساء، بل على العكس، ورغم وجود الكثير من المواد القانونية السامة مثل المادة 41 من قانون العقوبات العراقي التي تسمح للرجل بتأديب زوجته بالضرب والمادة 398 التي تسمح بتزويج الضحية من المغتصب لتخفيف الحكم عنه (هي بالحقيقة تشجيع للرجل على الاغتصاب) والمادة 409 التي تتساهل مع قتلة النساء، فإننا نرى لممثلينا في البرلمان العراقي المزيد من الرغبة في قمعنا، إذ إن الكثير من ممثلينا الذين لا يمثلوننا مصرون على تطبيق المشروع الإيراني الخاص بحضانة الأطفال في العراق لوضع المزيد من قيود الزواج على يد المرأة”.
وتقول الحميد لـ”النهار العربي” إنه “تم السماح بسرقة الطفولة من خلال السماح بتزويج الطفلات وتحجيبهن وعدم وجود قانون عنف أسري يحميهن، ودائماً ما أقول إن أوضاع الأطفال تتحسن عندما تتحسن أوضاع المرأة، وأن تحسين وضع المرأة مرتبط بتشريع قوانين بعيدة من المؤسسة العشائرية والمؤسسة الدينية وإزالة القوانين المستنبطة أو المستمدة من كلتا المؤسستين والمذكورة أعلاه”.
وتؤكد أن “معايدتنا للمرأة بيومها غير منطقية، فكم أكون وقحة عندما أهنئ سجينات أكبر طموحاتهن المشي في الشارع بحرية وبلا خوف، بل إن ما أود أن أقوله للنساء في يوم المرأة العالمي هو الحثُّ على الرفض، والثورة على القوانين، لأن حياتنا معتمدة على قرار قاض يسير بقوانين الدولة”.
المصدر: النهار العربي