البرلمان يؤجل مناقشته إلى السبت وناشطون يحذرون من أن تمريره يهدد الاستقرار والسلم الأهلي. شهدت العاصمة العراقية بغداد خلال الساعات الأولى من صباح الإثنين تظاهرة شارك فيها المئات، احتجاجاً على محاولة معظم الكتل السياسية في البرلمان العراقي تعديل قانون الانتخابات وتحويله من نظام الدوائر المتعددة كما حصل في انتخابات عام 2021 إلى الدائرة الواحدة لكل محافظة.
وجاءت التظاهرة بعد دعوات وجهها ناشطون من “حركة تشرين” و”التيار الصدري” للاحتجاج على تعديل قانون الانتخابات، وجعل المحافظة دائرة واحدة في الانتخابات المحلية المقبلة بدلاً من نظام الدوائر المتعددة الذي ترى فيه هذه القوى أساساً لضمان وصول المستقلين وممثلي “تشرين” إلى البرلمان العراقي والمجالس المحلية، فيما تسعى قوى “الإطار التنسيقي” بالاتفاق مع بعض القوى السنيّة والكردية لتمرير التعديل ضماناً للحصول على أكبر عدد من مقاعد مجالس المحافظات العراقية.
النصاب مفقود
وفشل البرلمان العراقي منذ نهاية الأسبوع الماضي واليوم الإثنين في تحقيق النصاب للقراءة الثانية لمشروع قانون تعديل قانون الانتخابات بعد انسحاب أكثر من 100 نائب من الكتل المختلفة، إضافة إلى المستقلين الرافضين لتعديل قانون الانتخابات.
وبعد ساعة من انتهاء تظاهرات اليوم التي اقتربت من مجلس النواب العراقي، قرر الأخير تأجيل مناقشة القانون إلى السبت المقبل بعد فشل القوى السياسية الرئيسة في البرلمان بجمع النصاب اللازم لتمرير القراءة الثانية.
ورفع المتظاهرون الأعلام العراقية وشعارات رافضة لتعديل قانون الانتخابات بصيغته الحالية، وهدد الناشط سلام الحسيني المقرب من “التيار الصدري” باحتجاجات واسعة في حال مناقشة تعديل قانون الانتخابات السبت المقبل.
وقال الحسيني في تغريدة له على “تويتر” إن “مجلس النواب بأغلبيته الإطارية الخاسرة صوّت على تأجيل تقرير قانون ومناقشة مقترح التعديل الثالث لقانون الانتخابات إلى السبت المقبل، بعد ضغط الأغلبية الشعبية الشرعية”.
وأضاف الحسيني أن “المحتجين لن يسكتوا وسيعودون مرة أخرى للتظاهر لحين منع تعديل القانون بشكل كامل”.
سانت ليغو
بدوره حذر النائب عن المستقلين علاء الركابي من أن تشريع قانون الانتخابات وفق الدائرة الواحدة ونظام “سانت ليغو” سيكرس هيمنة الكتل السياسية ويتسبب بتهديد استقرار البلد والسلم الأهلي.
و”سانت ليغو” طريقة ابتكرت عام 1912 على يد عالم الرياضيات الفرنسي أندريه سانت ليغو، والغاية منها توزيع الأصوات على المقاعد الانتخابية في الدوائر متعددة المقاعد.
وأضاف الركابي في تغريدة على “تويتر” أن “تشريع القانون سيمنع نهائياً فوز أي نائب مستقل ويضعف أو يقصي الأحزاب الناشئة، وسيزيد تأثير المال السياسي مع عدم وجود قانون للإنفاق الانتخابي”.
فيما قال عضو اللجنة المركزية للتظاهر محمد الفريداوي إن “التظاهرة جاءت بدعم الأحزاب الرافضة للانتخابات، وهي امتداد وحركة وعي من الجيل الجديد”، مشيراً إلى أن التظاهرات ستتجدد السبت المقبل عند عرض قانون الانتخابات بصيغته الحالية في البرلمان.
وأضاف الفريداوي، “طالبنا في تظاهرات اليوم برفض قانون الانتخابات وفق نظام ’سانت ليغو‘ الذي يعطي فرصة أكبر للأحزاب الكبيرة”، منوهاً بأن أعضاء اللجنة المركزية للتظاهر هم أنفسهم أبناء “تظاهرات تشرين”، ولذلك فهي “تظاهرة شعب”، وفق تعبيره.
وبيّن أن التظاهرات انطلقت من منطقة العلاوي إلى تقاطع التشريفات قرب المنطقة الخضراء وحققت النجاح بتأجيل قانون الانتخابات المعروض في مجلس النواب اليوم، ولذلك ستتجدد السبت المقبل عند عرض القانون في البرلمان، وستنضم حركات أخرى للاحتجاجات.
فيما يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي أن “الصدر لن يقف مكتوف اليدين إذا ما تم إقرار قانون الانتخابات، وسيكون له بصمة حاضرة وسيستخدم عنصر المفاجأة، لا سيما أن المرجعية الدينية أوصت بالدوائر المتعددة”.
وأشار إلى أنه على رغم انسحاب الصدر من العملية السياسية إلا أنه لا يزال عنصراً فاعلاً، بخاصة أنه مشروع إصلاحي من أهم مرتكزاته الدوائر المتعددة في المحافظة الواحدة.
واعتبر أن نظام “سانت ليغو” يعني تكريس وجود طبقة سياسية باقية على مدى 20 عاماً، وستبقى تدور في دوامة المحاصصة التي ترفض التغيير، وسيحرم العراق من وجود زعامة جديدة قد تذهب لبناء دولة حقيقية في هذه المرحلة.
وقال الفيلي إن “الصدر وأتباعه يمثلون تسونامياً بشرياً قادراً على إحداث تغيير في أي مشهد سياسي”، معتبراً أن “غيابهم في هذه المرحلة يهدف إلى أن يعرف الجميع أن ما طرحه الصدر في المرحلة السابقة بضرورة الائتلاف معه لتبني الإصلاح كان ضرورياً”.
واعتبر الفيلي أن “إقرار القانون يعني الذهاب إلى الانتحار السياسي وتقويض كل الجهود”، ورجح أن يكون قانون الانتخابات المحلية مثار جدل بين القوى السياسية في البرلمان خلال الفترة المقبلة.
المصدر: اندبندنت عربية
