رحيل كاتب سوري بارز متأثرًا بجراحه جراء زلزال تركيا

محمد منصور

أعلن في أحد مشافي مدينة غازي عينتاب التركية، عن وفاة الكاتب السوري الدكتور مصطفى عبد الفتاح، أبرز كتاب أدب الطفل في سوريا، نتيجة تدهور حالته الصحية جراء إصابته في زلزال السادس من شباط/ فبراير الذي ضرب الجنوب التركي والشمال السوري.
وكان الكاتب يقيم مع أسرته المكونة من زوجته وابنتيه مي ودارين، في مدينة أنطاكيا التركية، حين انهار المبنى السكني فوقهم جراء الزلزال، ما أدى إلى وفاة زوجته وابنتيه، وقد استطاعت فرق الإنقاذ انتشال د. عبد الفتاح حياً من تحت الأنقاض في اليوم الثالث قبل أن ينقل إلى أحد المشافي في مدينة غازي عينتاب، التي تضررت بشكل أقل من الزلزال، لكنه فارق الحياة صبيحة أمس الثلاثاء، بعد نحو أسبوعين من دخوله المشفى.

كاتب للدراما والأغاني

شارك مصطفى عبد الفتاح ككاتب للدراما والأغاني في الموسمين الأخيرين من برنامج الأطفال العربي الأشهر (افتح يا سمسم) الذي بدأت مؤسسة الإنتاج المشترك لدول الخليج العربي عام 1979 بمشاركة كتاب ومخرجين ونجوم من مصر وسوريا والعراق والكويت والبحرين وحظي بجماهيرية كبيرة في الوطن العربي، قبل أن يتوقف بسبب حرب الخليج الثانية وغزو الكويت للعراق، ثم يتم استئناف إنتاج جزأيه الثالث والرابع عام 2015 و2019
ولد مصطفى عبد الفتاح في مدينة إدلب السورية عام 1972، وكان والده محمد عبد الفتاح، شاعراً معارضاً اعتقله نظام حافظ الأسد عام 1979 فحرم مصطفى من أبيه وهو في السابعة من العمر. واضطر للعمل وهو طفل في مهن عدة كي يساهم في إعالة أسرته، حتى أكمل تعليمه ودرس في كلية طب الأسنان في جامعة حلب وتخرج في تسعينيات القرن العشرين وانصرف إلى ممارسة مهنة طب الأسنان.
واظب كاتبنا على متابعة مجلات الأطفال منذ طفولته، كما نشر محاولاته الأولى فيها وهو في سن اليفاعة، ثم تفرغ بعد عمله في الطب إلى الكتابة للأطفال وفي عام 1999 أنشأ مجلة (ندى) وكانت أول مجلة يحررها الأطفال بأنفسهم، لكنها توقفت فيما بعد بسبب ضعف التمويل. وفي عام 2006 أصدر ديوانه الشعري الأول للأطفال (حكايات سنا) الذي صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، وضم أكثر من خمسين أنشودة. قبل أن تترافق مؤلفاته الأخرى مع دخولها المسابقات الأدبية وحصولها على العديد من الجوائز الهامة، حيث نال جائزة نيلسون مانديلا الدولية في البحوث والدراسات في جنوب أفريقيا، وجائزة شكري فيصل للنقاد الشباب، وجائزة دبي الثقافية للبحوث، فضلا عن جائزة الدولة لأدب الأطفال في قطر، وهي أرفع جائزة تمنح في هذا المجال.
وقد بلغ مجموع ما حصده من جوائز في مجال أدب الأطفال في كل من سوريا وفلسطين ولبنان والأردن والسعودية وقطر والإمارات، تسع جوائز هي على التوالي:
جائزة الكتب العلمية المبسطة للأطفال ـ مكتب التربية العربي لدول الخليج ـ السعودية ـ 2002.
جائزة شعر الأطفال ـ مؤسسة جوائز أنجال هزاع آل نهيان لأدب الطفل ـ الإمارات ـ 2005.
جائزة ماري لويز لقصص الأطفال ـ مؤسسة ناجي نعمان للثقافة ـ لبنان ـ 2009.
جائزة العودة لأدب الأطفال ـ مركز بديل الفلسطيني لحقوق العودة ـ فلسطين ـ 2010.
جائزة المزرعة لأدب الطفل ـ مؤسسة المزرعة للإبداع ـ سوريا ـ 2010.
جائزة قصص الأطفال ـ مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي ووزارة السياحة ـ فلسطين ـ 2011.
جائزة شعر الطفل ـ جائزة الدولة لأدب الطفل ـ قطر ـ 2015.
جائزة نصوص مسرح الطفل ـ الهيئة العربية للمسرح ـ الشارقة ـ الإمارات ـ 2016.
جائزة شعر الطفل ـ مؤسسة عبد الحميد شومان ـ عمان ـ الأردن ـ 2017.
وكان مصطفى عبد الفتاح قد عمل في السنوات الأخيرة على تأليف عدد من كتب الأطفال في مجالات تبسيط العلوم لصالح دور نشر أوروبية، كما عكف على كتابة سيناريو مسلسل للأطفال عن اللغة العربية قال انه سيكون مختلفاً عما سبق طرحه في هذا المجال»
الشاعر محمد طه عثمان نعى الكاتب مصطفى عبد الفتاح في تصريح لـ« القدس العربي» بالقول:
«كان من أنبل وأجمل الناس الذين تعرفت عليهم في حياتي، بدأنا من الصفر معا هنا في تركيا بعد خروجنا من سورية، سافرنا معا، وحصدنا الجوائز معا، وكانت هناك صداقات عائلية. كان كتلة إبداع، وأمهر من كتب لأدب الطفل في سورية، بروح جديدة بعيدة عن أمراض طلائع البعث، وبقدرة شعرية وأدبية خلاقة، مع إلمام علمي واسع بحكم دراسته للطب، فقد كان يؤمن بأهمية توظيف العلم في أدب الأطفال».

سلسلة كتاب

أما كاتب القصة مصطفى تاج الدين الموسى، فقد أفرد لمصطفى عبد الفتاح فصلا خاصا في كتابه (إدلب من كوكب آخر) الذي صدر ضمن سلسلة كتاب أورينت عام 2022، وقد ترجم له في الباب الأول الذي تحدث فيه عن أدباء إدلب، ومما قاله عنه:
« لا بد من الإشارة إلى أهمية شعر الأطفال، وأهمية ما يقدمه الكاتب مصطفى عبد الفتاح في هذا المجال، فعلى امتداد الساحة العربية اليوم لا نجد من يكتب شعر الأطفال باحتراف إلا قلة معدودة على أصابع اليد الواحدة، ونجد بين نتاجات شاعرنا مصطفى نوعية فريدة في المستوى المناسب للطفل، والذي يحقق معايير هذا الفن الخطير، بالإضافة لإنتاجه الغزير، والمتمثل في الدواوين الشعرية التالية التي نشرها للأطفال: (حكايات سنا)، (حكاية الغيمة)، (أميرة الزهور)، (أبي بحَّار)، (عبير الهدى)، (سنا والقمر)، (عبير الحب)، (طريف وظريفة) وهي مجموعة أناشيد الحروف الهجائية، ملحنة ومغناة بصوت الفنانة عنان خياط، بالإضافة لمشاركته بثماني عشرة أنشودة للأطفال في منهاج دولة زنجبار».

المصدر: القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى