أجبرت صعوبات النزوح بعض سكان البلدات في الريف الغربي لمحافظة حلب شمالي سورية، إضافة للريف الجنوبي في محافظة إدلب، على العودة للسكن في بيوتهم المتصدعة وشبه المنهارة برغم الخطر الذي يتهددهم، على الاستمرار في البقاء في المخيمات.
كفرنوران البلدة التي تتبع مدينة الأتارب وناحية أبين بريف حلب الغربي واحدة من البلدات التي تعرضت خلال الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام السوري في فبراير/ شباط 2020 لقصف مكثف بالمدفعية الثقيلة وأيضاً قصفتها الطائرات الروسية بأكثر من ستين غارة جوية، لا يزال سكانها يعانون من تبعات هذا القصف كما تقع البلدة على خط مواجهات عسكرية بين قوات النظام وفصائل المعارضة المسلحة.
يطالب أهالي البلدة المنظمات الإنسانية بمساعدتهم في ترميم منازلهم كونها أفضل ألف مرة من الخيام الممزقة التي سلبتهم جزءاً من كرامتهم.
عمر حمرش من أهالي بلدة كفرنوران العائدين، قال خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، إنّ قسماً من بيته هدم بالكامل بقصف لقوات النظام السوري، والقسم الآخر المتصدع هو مكان للسكن في الوقت الحالي، مضيفاً “لا يوجد مكان نذهب إليه، لذلك نعيش في المنزل المدمر، المنطقة هنا جبهة والنظام دمر البيوت فيها، كلها مهدومة أو متصدعة”.
الحاجة وضحى أيضاً تعيش في منزل شبه مدمر في البلدة، وبينت خلال حديثها لـ”العربي الجديد” أن لديها منزلين مدمرين، الأول مكون من 4 غرف والثاني من 3 غرف، مضيفة أن الطيران الحربي دمّر البيوت بالكامل، عندما قصفت البيوت كنا قد نزحنا من البلدة وعندما عدنا وجدنا كل شيء مدمر”.
وعند سؤالها عن خطورة المعيشة في بيت متصدع اكتفت بالقول إنها لم تعد تخاف شيئاً وأن الحامي هو الله وليس لها أي مكان تذهب إليه. وتابعت “نجلس في البيوت وليس لدينا ما نخافه في الوقت الحالي حتى إن كانت ستنهار علينا لم يعد لدينا شيء”.
مدينة دارة عزة في ريف حلب الغربي من المدن التي تعرضت لقصف مكثف من الطيران الحربي الروسي ويعيش بعض سكانها في منازل شبه منهارة وقابلة للسقوط، ورغم ذلك فإن الأهالي مجبرون على السكن في هذه المنازل، ومنهم عيسى أبو محمد (44 عاماً) الذي قال لـ”العربي الجديد”: “في الشيخ مقصود انهارت بناية قبل مدة وخلفت العديد من القتلى. في المخيمات الحياة صعبة للغاية، جربت المعيشة في الشادر، كانت المياه تتسرب من تحت الخيمة أو تدخل علينا من ثقوب في سقفها، أحاول أن أرمم داري بأي طريقة وأرفض العيش في المخيم، أريد أن يساعدني أحد لأعيش في بيتي، من يساعد في بناء المخيمات أولى بأن يساعدنا بثمن نافذة أو باب أو مدفأة”.
بدوره أوضح بكر الأحمد من أهالي بلدة كفرنوران، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أنه مجبر على السكن في بيته شبه المنهار، وقال: “مجبرون على الجلوس هنا، وأي قذيفة تصيب المنطقة سيكون لها تأثير على أي منزل، كما أن وضع المخيمات صعب وهذا ما يجبرنا على البقاء في منازلنا حتى ولو كانت شبه مدمرة، نخاف من سقوط البيت في أي لحظة ونسبة الخطر فيها 90 بالمائة، البيوت متصدعة بشكل كبير”.
أم سامي من سكان البلدة قالت لـ”العربي الجديد” إن البيوت المدمرة أفضل من المخيمات، نرجو أن يساعدونا لإعادة ترميمها، أصلحنا قسماً من دارنا، فقدنا كرامتنا في المخيم، المعيشة في بيوتنا المهدومة أفضل من حياة الذل في المخيمات.
وتُقدر نسبة الدمار في بلدة كفرنوران بحوالي 70 بالمائة، بينما تتجاوز النسبة في مدينة دارة عزة 50 بالمائة، أما في بلدة فريكة بريف إدلب الجنوبي وهي واحدة من البلدات التي شهدت مواجهات عسكرية أيضاً تقدر نسبة الدمار بنحو 60 بالمائة. وفق الإحصائيات المحلية.
في المقابل أكد مصدر ميداني لـ”العربي الجديد” أنّ كافة المدن والبلدات الواقعة على خطوط التماس بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة، شهدت دماراً كبيراً جراء العمليات العسكرية، ونسبة هذا الدمار في الحد الأدنى تقدم بنحو 40 بالمائة، وذلك من منطقة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي وصولاً إلى منطقة إريحا جنوب المحافظة، بما فيها بلدة فريكة، أيضاً مناطق ريف حلب الغربي، بما فيها بلدة معارة النعسان ومدينتي دارة عزة والأتارب إضافة لبلدة كفرنوران.
وبيّن المصدر أنه رغم مخاطر السكن في البيوت شبه المنهارة والمتصدعة إلا أن الأهالي يفضّلون البقاء فيها، نظراً لارتفاع إيجارات المنازل وصعوبة المعيشة في المخيمات، وهذا ما أجبر الكثير من العوائل على السكن في المباني والبيوت التي تعرضت للقصف، حيث تجد الأمان الذي يقيها برد الشتاء وحر الصيف.
وقال المصدر “لا يهتم سكان هذه المباني بمدى خطورة الإقامة فيها، برغم كون معظمها مهدداً بالسقوط وببنية ضعيفة متصدعة”.
يشار إلى أنه في أكتوبر/ تشرين الأول توفي 4 أشخاص من عائلة واحدة وأصيب ثمانية آخرون بجروح جراء انهيار مبنى سكني على أطراف مدينة إدلب، إذ إن المبنى كان مكوناً من طابقين.
المصدر: العربي الجديد