اللقاءات بين تركيا وسورية || هل من سبيل لإنهاء قسد

محمد عمر كرداس

طويت مرحلة من العلاقات بين دمشق وأنقرة  وبدأت مرحلة جديدة فهل ستكون مآلاتها إنهاء لانفصاليي قسد وإرهابها أم إنقاذ للمجرم الأسد ونظامه؟

    طويت المرحلة السابقة التي استمرت أكثر من عقد من الزمن وكانت سمتها الرئيسية العداء، فقد وصف الرئيس التركي رئيس النظام السوري بالمجرم بعد أن كان له ناصحًا بالاستجابة لمطالب الناس، ولكن المجرم أبى وزاد من إجرامه وعمل قتلًا وتشريدًا وتدميرًا لشعبه.

    منذ قمة طهران  التي جمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمر بوتن والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اقترح الرئيس الروسي على الرئيس التركي محادثات على مستويات سياسية عليا بين تركيا ونظام الأسد تُفضي في النهاية إلى لقاء بين أردوغان والأسد وتكون بديلاً عن عملية عسكرية في الشمال السوري تقوم بها تركيا لتأمين حدودها بعمق 30 كم وعلى طول الحدود، العملية التي رفضتها روسيا راعية النظام وحليفته وشريكته بالإجرام ضد الشعب السوري وأميركا راعية قسد وإرهاب أحزاب قنديل، وبهذا يمكن لتركيا حسب روسيا أن تصل لما تريده دون حرب وتحل قوات النظام محل قسد، ولكن ذلك دونه الكثير من التعقيدات وحتى المستحيلات.

    الدور الروسي الذي يبدو وسيطًا لاشك بأنه طرف وطرف فاعل. فالنظام من الصعب أن يخرج عن الإرادة الروسية، وماتريده روسيا بموقفها الجديد ضد قسد توجيه ضربة للدور الأميركي المتنامي والمتماهي مع قسد  وضمان حياد تركيا في الحرب الروسية الأوكرانية وهي التي تسيطر على مداخل البحر الأسود بالغ الأهمية في هذه الحرب، وتريد روسيا أيضًا إبعاد تركيا عن الغرب وأميركا باعتبارهما يقفان ضد مصالح تركيا الأمنية في الشمال السوري ويدعمان حزب البي كي كي الشيوعي المصنف على قائمة الإرهاب العالمية. والذي يهدد أمن تركيا ومصالحها على حدودها الجنوبية. كما تريد روسيا أيضًا فك عزلة النظام المجرم في دمشق، فالتطبيع مع تركيا سيشكل مرتكزًا جديًا لتأهيل نظام دمشق الذي بات مصنفًا كرئيس عصابة تهريب مخدرات عالميًا بموجب قرار الكونغرس الأميركي، وسيفك عزلته العالمية وضائقته الاقتصادية.

    أما تركيا وهي مقبلة على انتخابات مصيرية في الأشهر القليلة القادمة، فالحزب الحاكم يريد سحب ملف العلاقات السورية التركية من مزاودة  أحزاب المعارضة  ذات الصلة الوثيقة بالنظام في دمشق، وأيضًا سحب ملف اللاجئين المستغل على نطاق واسع من هذه المعارضة ذات الهوى الغربي، ويريد فتح طرق التجارة البرية أمام تركيا باتجاه الخليج المتوقفة منذ عام 2011. ولا نتصور أن تركيا مهتمة بإنقاذ النظام ورموزه، فهي تؤكد أن محور اللقاءات ستدور بعد القضايا الأمنية حول تطبيق القرار 2254 الأممي الخاص بسورية والذي ينص أولًا على إقامة هيئة حكم سياسي كاملة الصلاحيات لتحل محل النظام الحالي في مرحلة انتقالية بدستور جديد وفك أسر المعتقلين والإفصاح عن مصير المختطفين. والتصريحات التركية تكرر كل يوم أن غايتها أمن ومصالح تركيا وأيضًا مصلحة الشعب السوري.

أما نظام الكبتاغون في دمشق وبعد ضغط روسي ومحاولة عرقلة من إيران، وبعد أن تنازل عن شرطه في انسحاب تركيا من جميع الأراضي السورية،لايريد من هذه المحادثات أن تفضي إلى لقاء بين أردوغان والأسد لتوهمه أن المعارضة ستقصي الائتلاف الحاكم وسيكون مرتاحًا للتعامل مع المعارضة التي تحاول عرقلة هذا اللقاء إلى مابعد الانتخابات، ويتصور أن لقاءه بالرئيس التركي سيزيد فرص الأخير بالفوز في تلك الانتخابات. ولكن من الواضح أن النظام غير مؤهل لتلبية المطالب التركية، فهو لايرغب، ولايستطيع أن يحل محل قسد في مناطقها وهي بحماية الأميركي الذي بدأ يعزز مواقعه خلال الأزمة. ولكن عينه على إدلب أيضًا فبعودتها إليه يقدم للموالين له جرعة تسندهم في ظل الجوع والحرمان الذي يعيشانه.

    انتهى عام 2022 بالاجتماع الثلاثي في موسكو بين وزراء دفاع تركيا وروسيا والنظام  وقيادات أمنية عليا بوعد أن يكون هناك في بداية عامنا هذا لقاء بين وزراء الخارجية في البلدان الثلاثة الذي سيعقبه، إذا كانت نتائجه إيجابية كما اجتماع وزراء الدفاع لقاء أردوغان والأسد. فماهي ردود الفعل الإقليمية والدولية على هذا المسار:

   1 _ سارعت السعودية إلى عقد اجتماع أمني مع سورية بعد انقطاع طويل لتكون في الصورة ولمحاولة تفويت الفرصة على تركيا بالانفراد بهذا الملف الهام.

  2 _ الإمارات التي تحاول الظهور بمظهر الدولة الفاعلة في الملف سارعت بإرسال (ملك الجمال الإماراتي ) عبد الله بن زايد، والبعض يقول أنها عرضت استضافة اجتماع الوزراء الثلاثة لتكون حاضرة في البازار قبل أن يتم فالشركات الإماراتية تتلهف للمشاركة بمشاريع إعادة الإعمار ويسيل لعابها منذ زمن ولم يوقفها إلا قوانين المقاطعة الصارمة والعقوبات المدمرة.

    أما أميركا وهي الفاعل الرئيسي برضى أو بغضب البعض فقالت على لسان كبار المسؤولين فيها أنها لن تسمح بتأهيل ملك الكبتاغون ولن تقيم أي علاقات معه ولابد من محاسبته هو ونظامه أولا. لذلك نقول: إن موعدنا الصبح أليس الصبح بقريب.

فرج الله كربتنا وأعادنا إلى بلادنا التي لن تكون إلا لكل السوريين مستقلة موحدة بنظام وطني ديمقراطي يكنس حثالة المخدرات والقتل والتدمير إلى مكانها الصحيح مزبلة التاريخ.

المصدر: إشراق

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى