تعليقًا على أنباء اختراق النظام الإيراني بجاسوس عالي المستوى والمسؤولية

د- مخلص الصيادي

 ليس غريبا أن يوجد جاسوس ايراني يعمل في منصب عال في نظام الملالي،ليس غريبا  أن يقع هذا في ايران أو ي أي نظام وبلد آخر، وقد وقع، وأمثلته عديدة في المانيا، وبريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة، وفي الكثير من بلداننا العربية، ودائما فإن ما يكشف في هذا المجال لا يتعدى الجزء اليسير من الحقيقة.

وفي مثل الحالة الايرانية فإن الأزمة التي تمسك بنظام الحكم ، وانفضاض الناس عنه وانقلابهم عليه، وتفجر مختلف التناقضات داخل هذا المجتمع التي ولدتها ممارسات: الاستبداد، العنصرية، الطائفية، الفساد، العداء مع المحيط العربي والاسلامي، دعم الأنظمة الموصفة  بالممارسات نفسها ، واتساع مساحة المعارضة لتشمل  قطاعات وشخصيات ومسؤولين سابقين تسلموا حينها أعلى المسؤوليات والمهام،  كلها توفر بيئة صالحة ومفرخة للخيانة والتجسس، لأنها تفسح المجال لولادة مفاهيم جديدة،  لهذه الأفعال الدانة بذاتها، فتصبح الخيانة والتجسس يستهف نظاما لا يملك الصفة الوطنية.

لكن بالمقابل فإن التوصيف الذي رصدناه في النظام الايراني” نظام الملالي وولاية الفقيه”، يجعله مؤهلا لاستخدام تهمة” التجسس والعمالة” ضد المعارضين الحقيقيين والمحتملين، وتزداد أهلية النظام في استخدام هذه التهم. كلما ازدادت أزمة النظام، وكثرت سقطاته، وبانت عوراته، فتصبح هذه التهمة وسيلة لتصفية هؤلاء بطريقة الاعدام المادي والمعنوي، وقد سارت على هذا الدرب العديد من النظم المستبدة، لذلك فإن من الحصافة التشكيك بمصداقية ما يخرج عن النظام الايراني بهذا الشأن خصوصا في هذه المرحلة، وقد رأينا هذا النظام يكذب لتغطية جرائمه ضد “الناس” في بلاده، من جريمة قتل مهسا أميني في 22 سبتمبر 2022 على يد أجهزة الأمن عقب اعتقالها لسبب تافه،إلى اطلاق وصف العمالة على التحركات الشعبية الممتدة والمستمرة التي ولدتها تلك الجريمة. وعلى المعارضة في إقليم الأهواز / عربستان الذي لم يتوقف جهادها ضد نظام طهران الراهن والسابق.

مهم الحذر في التعامل مع الأخبار التي مصدرها هذا النظام خصوصا ما يتصل ويستهدف الشخصيات العامة والمسؤولة.

مهم المطالبة بقوة وإصرار بالأدلة والوثائق تجاه أي تهمة يتم سوقها ضد أي شخصية إيرانية.

ثم إن سرعة تنفيذ حكم الاعدام في هذا ” الجاسوس” المتهم يزيد من دواعي الشك.

مهم المطالبة بالشفافية والوضوح إزاء مثل هذه الأحداث والتطورات، فبدون الشفافية والوضوح الموثق والقابل للاختبار يبقى كل ما يصدر عن نظام الملالي في دائرة الشك.

د. مخلص الصيادي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى