الوعي السياسي يُعرّف بأنه الفهم العام للمناخ السياسي وما يحركه من تجاذبات ومخطّطات من الفاعلين السياسيين داخل القطر أو حتى خارجه نظراً للترابط العالمي للأحداث.
والوعي السياسي يتعلق بالأفراد والمنظمات والمجتمعات، فهو القلب النابض للفعل السياسي، ونتيجة ظروف معروفة من إقصاء الشعب عن الحياة السياسية، تراجع مستوى الوعي السياسي السوري.
وإذا كان الوعي السياسي مهماً للطبقة السياسية فهو بحالة الصراع أهم، فشيوع الوعي السياسي في الطبقة السياسية ضرورة، بسبب اتخاذها القرارات ورسم السياسات العامة، وهي الممثلة للشعب، فشيوع الوعي في هذه الطبقة هو أكثر الأمور ضرورة، ليتشكل مجتمع يعم فيه الوعي ويشيع بين أبنائه، وهذا بطبيعة الحال ينعكس على الفعل السياسي وبدوره ينعكس على الشعب.
ولو سألنا ماذا عن الوعي السياسي في الثورة السورية؟
حقيقة هناك تراجع للوعي السياسي وصعود للوعي الزائف تارة والخاطئ تارة أخرى، وتصاعد خطاب الشعبوية، وغياب القرارات الواعية، طوال السنين الماضية، مع غياب القيادة السياسية ذات الخبرة والقدرة، والقادرة على التأثير في المجتمع وتحريكه، رغم بعض الفرص التي أتيحت لكن لم يتم الاستفادة منها، وسادت الخطابات العاطفية وردود الأفعال، والارتجال العاطفي في الاختيار والقرارات السياسية.
فضلاً عن التصارع الداخلي والتآكل في البنية الداخلية في القضايا التكتيكية والتفصيلية الصغيرة، وكان ذلك على حساب الأهداف الاستراتيجية الكبيرة والمصلحة العامة.
من يملك العلم والمعرفة والمعلومة المبكرة للحدث والتنبؤ الصحيح فهو يمتلك نصف الحل للمشكلة، ويبقى النصف الآخر الذي يدعمه الوعي السياسي للتعامل معها والتأثير فيها بشكل صحيح ومفيد.
وكما يقول الفلاسفة العرب لا بدّ لأهل السلطة والساسة من القدرة على التنبؤ.
أما من لا يملك أي شيء فسيبقى يتعامل مع الأمور بطريقة ردة الفعل وسيبقى غير فاعل بالحدث، بل مجرد انفعالي لا غير.
والمجتمعات التي يغيب فيها الوعي الصحيح تعاني من الوعي الزائف غالباً أو من الوعي الخاطئ وهو الأخطر، فتفشي الوعي الزائف أي ذاك الوعي المُتوهم والمتخيل وغير المطابق للوقائع، فالتعبير عن الرغبة بوصفها وقائع هذا وهم ومجانبة للواقع، كما التعبير عن المصلحة الخاصة بوصفها مصلحة العامة.
وترسيخ الوعي الزائف ونشره يهدف لخلق وعي يخدم الأيديولوجيا التي ترغب الجهات النافذة والمتحكمة في تثبيتها في المجتمع.
فيساهم الوعي الزائف في عرقلة نمو المجتمع والحد من وعيه المعرفي، فبدل أن نكون واعين لإمكاناتنا وقدراتنا وتطويرها ومعرفه نقاط ضعفنا والعمل على تقويتها، نعيش وهم الرغبوية التي ننتظر حصولها!.
أما الوعي الخاطئ فهو الأخطر، فمثلاً من يرى أن تنظيم داعش صورة للحكم الإسلامي أو من يرى أن البيض هم أرقى من السود ويجب أن يكون لهم تميزهم ولهم الحكم والأولوية، كما حصل في مسألة التمييز العنصري، فهذا وعي خاطئ مدمر للمجتمعات والإنسان وتكون ضريبته كبيرة وسببه غياب الوعي الصحيح القائم على العقل والمصلحة والمنطق والحقيقة.
فأياً ما يكون الظرف والإمكانات والقدرات والظروف الإقليمية والدولية المحيطة بنا، بينها وبين أهدافنا من حجم ومسافة، لنعرف بوعي حقيقي ماذا ينبغي أن نعمل وكيف نعمل لنحقق أهدافنا بشكل مبصر وحقيقي لحجم القوة والضعف واستثمار كل ذلك للوصول لأهدافنا، ولكن أن نبقى بدائرة الأمنيات ومنطق الرغبات بلا وعي حقيقي، فهذا سيجعلنا ندور في حلقة مفرغة لا نخرج منها إلا بوعي سياسي حقيقي.
المصدر: تلفزيون سوريا/ آرام ميديا