تمديد عمليات الإغاثة لسورية عبر الحدود موافقة غير متوقعة من روسيا بعد تحذيرات غربية من عواقب كارثية

علي بردى

صوَّت مجلس الأمن بدعم لم يكن متوقعاً من روسيا على تمديد عملية إيصال المساعدات الإنسانية، من خلال معبر «باب الهوى» في تركيا، إلى شمال غربي سوريا، لمدة 6 أشهر أخرى.

وكانت كل الأنظار مصوبة على روسيا التي امتنعت في الماضي عن التصويت، أو استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد مشروعات قرارات تسليم المساعدات عبر الحدود، وسعت طويلاً إلى أن تستبدل بالمساعدات الإنسانية التي تعبر الحدود التركية إلى شمال غربي محافظة إدلب، قوافل من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة عبر جبهات القتال.

ووافقت الدول الـ15 الأعضاء هذه المرة على القرار الذي أُعطي الرقم 2672، وكانت قد اقترحته النرويج وآيرلندا قبل انتهاء عضوية البلدين في مجلس الأمن، بداية العام الجاري، وسط تحذيرات من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أن «الوضع الإنساني المتردي بالفعل في سوريا يزداد سوءاً»، متخوفاً من أنه «إذا لم تُجدد شحنات المساعدات من تركيا إلى شمال غربي إدلب، فقد لا ينجو ملايين السوريين من الشتاء القارس». وأقر بأن عمليات تسليم المساعدات زادت عبر خطوط القتال داخل البلاد، وهو ما مارست روسيا ضغوطاً من أجله؛ لكنه استدرك بأنها لا يمكن حتى الآن أن تحل محل «حجم أو نطاق عملية الأمم المتحدة الضخمة عبر الحدود».

وسجل القرار أن مجلس الأمن «يقرر أن الوضع الإنساني المدمر في سوريا لا يزال يشكل تهديداً للسلام والأمن في المنطقة».

وسيسمح القرار بتسليم المساعدات عبر معبر «باب الهوى» من تركيا إلى شمال غربي سوريا، على مدى الأشهر الستة المقبلة، حتى 10 يوليو (تموز) المقبل، ويشجع الجهود المبذولة لتحسين عمليات تسليم المساعدات عبر الخطوط الأمامية، ويدعو جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة إلى الاستجابة «لحالة الطوارئ الإنسانية المعقدة في سوريا»، وتلبية الاحتياجات العاجلة للشعب السوري «في ضوء الآثار الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية العميقة المترتبة على ذلك، وجائحة (كوفيد-19)»، ويحض على تكثيف المبادرات لتوسيع الأنشطة، لتشمل توفير المياه والصرف الصحي والصحة والتعليم والكهرباء والمأوى، ومشروعات الإنعاش المبكر.

وعلى أثر إصدار القرار، أفاد الناطق باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن الأمين العام «أخذ علماً» بتأكيد تمديد تفويض المجلس لعمليات الأمم المتحدة الإنسانية عبر الحدود «التي تظل شريان حياة لا غنى عنه لـ4.1 مليون شخص في شمال غربي سوريا». وقال إن القرار بالتمديد لستة أشهر إضافية «يأتي في الوقت الذي وصلت فيه الحاجات الإنسانية إلى أعلى مستوياتها منذ بدء النزاع عام 2011، إذ يعاني الناس في سوريا شتاء قارساً وتفشي وباء الكوليرا».

وأضاف أن الأمم المتحدة «تلتزم اتباع كل السبل لتقديم المساعدة والحماية، من خلال أكثر الطرق أماناً ومباشرة وفعالية»، مشدداً على أنه «يجب توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية عبر سوريا، بما في ذلك من خلال العمليات عبر الحدود وعبر الجبهات، وتوسيع النشاطات الإنسانية، من خلال الاستثمار في مشروعات الإنعاش المبكر». وحض أعضاء مجلس الأمن وغيرهم على «مواصلة دعم جهود الشركاء في المجال الإنساني، لتقديم المساعدة لمن يحتاجون إليها في جميع أنحاء سوريا».

وكانت الولايات المتحدة قد حذرت أيضاً من أن «الفشل في إعادة تفويض عملية المساعدة، سيكون كارثياً لملايين السوريين الفقراء الذين يعتمدون عليها لتلبية حاجاتهم الأساسية».

وأُنشئت آلية المساعدة عبر الحدود عام 2014، لتشمل في الأصل 4 معابر حدودية، منها اثنان في تركيا، وواحد في الأردن، وواحد في العراق، من دون الحاجة إلى تعاون نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بسبب تاريخه في عرقلة تسليم المساعدات إلى الأجزاء التي تسيطر عليها المعارضة في البلاد.

ولطالما جادلت موسكو بأن المساعدات الإنسانية «يجب أن تمر عبر دمشق، وليس عبر الحدود». واستخدمت روسيا والصين -وهما حليفتان لسوريا- حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، لتقليص عدد طرق التسليم، ولم يتبق سوى معبر «باب الهوى» على الحدود السورية- التركية. وتستخدم الأمم المتحدة وشركاؤها ممر المساعدات هذا للوصول إلى نحو 2.7 مليون سوري كل شهر.

وفي مواجهة تهديد روسيا باستخدام حق النقض في يوليو الماضي، قرر المجلس المؤلف من 15 عضواً تمديد عمليات التسليم عبر ممر المساعدات لمدة 6 أشهر، بدلاً من عام كامل كانت تسعى إليه الولايات المتحدة وحلفاؤها. وقالت وكالات إغاثة إن التجديد الذي مدته 6 أشهر لا يفي بما هو مطلوب لمعالجة الأزمة الإنسانية في البلاد.

وتعاني محافظة إدلب أوضاعاً اقتصادية صعبة. وتتقاسم السيطرة على المنطقة جيوب للمعارضة، بالإضافة إلى «هيئة تحرير الشام».

وسبَّبت حالة عدم اليقين التي تحيط بتجديد القرار عبر الحدود كل عام حالة من الذعر في مجتمعات المساعدة الإنسانية، مما يجبر عمال الإغاثة على تخزين الإمدادات، والمطالبة بالحد الأدنى، في وقت الحاجة غير المسبوقة في سوريا.

بعد 12 عاماً من الحرب، تقول الأمم المتحدة إن 14.6 مليون سوري يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

المصدر: الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى