المحتجون أكدوا استمرار الثورة ضد المرشد وأنصار النظام يعتصمون أمام السفارة الفرنسية تنديداً برسوم استهدفت خامنئي.
أظهرت مقاطع فيديو نشرها نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي موجة جديدة من الاحتجاجات في أرجاء إيران غداة إعدام اثنين من المحتجين شنقاً بعد إدانتهما بتهمة المشاركة في قتل أحد عناصر “الباسيج” والعمل ضد الأمن القومي.
وفي العاصمة طهران أطلق المحتجون شعارات حادة ضد مرشد الجمهورية علي خامنئي، حيث يعزو كثيرون سبب حدة القمع والإعدامات إلى أوامر مباشرة منه لاحتواء أسوأ أزمة سياسية منذ تأسيس النظام عام 1979.
وعلق بعضهم حبال مشانق على طريق رئيس في طهران، في إشارة إلى حملة الإعدامات التي يطلقها النظام، كما وضع المحتجون شعارات تندد بالإعدامات وتؤكد استمرار “الثورة” ضد حكم خامنئي.
وأطلق المحتجون في مدينة نجف أباد وسط البلاد شعار “كلما قتل أحد منا ينهض ألف خلفه”. ومن المدن التي شهدت احتجاجات ليلية كل من أصفهان وشيراز ومشهد وكرج وسقز وسنندج وبابل.
تظاهرات في الخارج
بالتزامن شارك عشرات الآلاف من المواطنين الإيرانيين المقيمين في الخارج تظاهرات ضد النظام وطالبوا برحيل حكم رجال الدين، وفي العاصمة البريطانية لندن كان بارزاً مشاركة أبناء الشعوب غير الفارسية في التظاهرات رافعين أعلام أقاليمهم، منها كردستان والأحواز وبلوشستان وأذربيجان.
وشهدت عديد من البلدان الغربية تظاهرات مماثلة، منها واشنطن وتورنتو وروما، وباريس وسيدني وفيينا وهامبورغ.
وتظاهر حوالى ألف شخص في ليون دعماً لحركة الاحتجاجات التي تشهدها إيران وتكريماً لذكرى إيراني انتحر في هذه المدينة الواقعة في الوسط الشرقي لفرنسا في نهاية ديسمبر (كانون الأول) لتسليط الضوء على الوضع في بلده، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وسار المتظاهرون خلف لافتة كبيرة كُتب عليها “امرأة، حياة، حرّية”. وكان السواد الأعظم منهم من أصول إيرانية، لكن انضمّ إليهم سكان في المدينة.
ونادى المتظاهرون الذين رفعوا شعارات مفادها “لنوقف المجزرة” و”تحيا الثورة الديمقراطية في إيران” و”كفى قتلاً للأبرياء” باسم محمد مرادي الذي انتحر في ليون في 28 ديسمبر وأسماء أشخاص أعدموا مؤخراً.
وأقدم مرادي على الانتحار ملقياً بنفسه في نهر الرون في مدينة ليون بغية لفت الانتباه إلى الوضع في بلده. وقال في شريط فيديو أُعد قبل وفاته “قررتُ الانتحار في نهر الرون، في تحدٍ يظهر أننا نحن، الشعب الإيراني، تعبنا جداً من هذا الوضع”.
وتزامنت التظاهرات مع ذكرى إسقاط الحرس الثوري طائرة مدنية كانت متوجهة من طهران إلى كييف قبل ثلاثة أعوام مما تسبب في مقتل 176 راكباً معظمهم إيرانيون وكنديون.
ولم يعترف النظام بالهجوم وقتها إلا بعد ثلاثة أيام، وعزا ذلك إلى خطأ إنساني في وقت أطلقت فيه إيران صواريخ على قاعدة عسكرية في العراق يستخدمها الجنود الأميركيون بعد مقتل قاسم سليماني في بغداد.
إعدام شابين
وأعدمت إيران شابين يوم السبت، بتهمة قتل مسؤول أمني خلال احتجاجات على مستوى البلاد أعقبت مقتل الإيرانية الكردية مهسا أميني (22 سنة) في 16 سبتمبر (أيلول).
وأدين الرجلان بقتل عضو في قوة “الباسيج”، وحكم على ثلاثة آخرين بالإعدام في القضية نفسها، بينما صدرت أحكام بالسجن على 11 آخرين.
وقالت السلطات القضائية، في بيان، إن “محمد مهدي كرمي وسيد محمد حسيني المتهمين الرئيسين في الجريمة التي أدت إلى مقتل روح الله عجميان جرى إعدامهما صباح اليوم”، وأعدم أربعة متظاهرين في أعقاب اندلاع الاضطرابات.
في هذا الوقت، قال رجل دين سني إيراني بارز، إنه ليس من الإسلام انتزاع الاعترافات بالقوة، الأمر الذي تتهم إيران بأنها تمارسه ضد المحتجين لإدانتهم.
واستمرت حملة القمع التي شنتها السلطات في أعقاب الاحتجاجات التي عمت أرجاء البلاد، وتواصلت الاعتقالات التي تضمنت اعتقال طاه مشهور وصحافي بارز.
وأثار إعدام الشابين حملة إدانات واسعة في داخل إيران وخارجها وسط مطالبات بوقف الإعدامات التي يبدو أن النظام يطلقها لبث الرعب بين المحتجين.
وعبر الاتحاد الأوروبي عن “صدمته” بحسب ما أعلنت متحدثة باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت نبيلة مصرالي في بيان إن “الاتحاد الأوروبي يشعر بالصدمة إزاء إعدام محمد مهدي كرامي وسيد محمد حسيني بعد توقيفهما والحكم عليهما بالإعدام لارتباطهما بالتظاهرات المستمرة في إيران”.
وندد وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، بإعدام إيران اثنين من المحتجين وحثها على “وقف العنف ضد شعبها على الفور”.
وقال وزير الخارجية الهولندي فوبكه هوكسترا، السبت، إن حكومة بلاده ستستدعي السفير الإيراني للمرة الثانية خلال شهر للتعبير عن قلقها البالغ في شأن إعدام متظاهرين، بحسب “رويترز”.
وفي خطوة مماثلة تستدعي الدنمارك الإثنين السفير الإيراني لديها للتعبير عن “غضبها”، وقال وزير الخارجية الدنماركية لارس لوكي راسموسن لوكالة “ريتزاو” المحلية للأنباء “نستدعي السفير الإيراني إلى اجتماع في وزارة الخارجية من أجل إرسال أقوى إشارة ممكنة بأن الانتهاكات التي ارتكبت ضد شعبه تثير سخطنا”.
تجمع أنصار النظام
تجمع عشرات الأشخاص أمام السفارة الفرنسية في طهران الأحد تنديداً بالرسوم الكاريكاتيرية التي نشرتها مجلة شارلي إيبدو الساخرة، واعتبرتها إيران “مهينة” للمرشد علي خامنئي.
ونشرت المجلة الأربعاء رسوماً كاريكاتيرية لخامنئي في إطار مسابقة أقامتها دعماً للاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ 16 سبتمبر في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني.
ولقيت الرسوم انتقادات لاذعة من طهران التي اعتبرتها “عملاً مهيناً وغير لائق”، في المقابل تفاعل كثيرون في إيران مع الرسومات التي وجدوا فيها دعماً لحراكهم المطالب برحيل النظام.
وأتى اعتصام السفارة الفرنسية بعد ساعات من تجمع مندد بالرسوم أقيم في مدينة قم جنوب طهران صباحاً، وفق لقطات نشرها التلفزيون الحكومي.
وأعلنت الخارجية الإيرانية الخميس إغلاق المعهد الفرنسي للبحوث في إيران، وذلك كخطوة “أولى” في سياق الرد على نشر شارلي إيبدو للرسوم.
من جهتها، أكدت الخارجية الفرنسية عدم تلقيها إشعاراً رسمياً بهذه الخطوة، معتبرة أن هذا الإجراء “سيكون مؤسفاً بالطبع في حال تأكد”.
المصدر: اندبندنت عربية