لبنان 2023… طبقة وسطى هجينة تناسب الطبقة الحاكمة

روزيت فاضل

في ظل القلق المستمر جراء ما عشناه وما زلنا نعيشه من كوابيس في العام  2022، نقل الكاتب في الاقتصاد السياسي البروفسور بيار خوري لـ” النهار العربي” صورة سوداوية و غير مشجعة لاتجاه التوازن الطبقي اجتماعياً في  لبنان سنة 2023، متوقعاً انهياراً شاملاً سيزيد من انحدار الطبقة الوسطى، التي رفعت صوتها في ثورة 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2019 من دون وصول تحركها الى خواتم سعيدة، الى مستوى الفقر والهجرة، مشيراً الى أن “الفئات الهجينة، ستحل مكان الطبقة الوسطى التي عرفناها سابقاً، وهي ربما ستناسب أكثر الطبقة الحاكمة في سيطرتها على البلد من دون أي تداعيات مزعجة سببتها الطبقة المتوسطة الأصيلة في ثورة 2019”.

واعتبر أن “هذه الطبقة الهجينة لا تقوم على الاخلاقيات المتعارف عليها للطبقة الوسطى، بل تقوم على اللاقانون واللاأخلاق”.

هذا الكلام المحبط جداً  بدأه الخوري من خلال تسليط الضوء على صورة واضحة لديه ألا وهي أن سنة 2023 سيستكمل فيها مسار الإنهيار الكامل، الذي خرج الى العلن في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، مشيراً الى أن “هذا الإنهيار قد تم حسمه بشكل رئيسي في التوازنات الاجتماعية التي جعلت من لبنان عبر التاريخ بلد الطبقة الوسطى، التي لم تنجح الحرب الأهلية في إلغاء دورها أو حتى وجودها كعنصر أساسي في توازن المجتمع اللبناني”.

وشدد على أن “أزمة 2019 كشفت اتجاهاً قوياً نحو تحلل مسؤولية الدولة تجاه الصعاب الاجتماعية وبخاصة تجاه المحافظة على دور هذه الطبقة”، مشيراً الى أن “الدولة تركت كل شيء على غاربه، من سوق المال، وبالأخص الودائع الى كل من سوق الدواء وسوق تجارة المواد الفاسدة وصولاً الى أسواق التهريب، مروراً بإنعدام الرقابة على التعليم، ما جعل الدولة تحول تلك الطبقات الاجتماعية الى قيم تشترى وتباع في الأسواق…”.

وتوقف عند الطبقة الوسطى التي هرع شبابها ورجالها ونساؤها الى افتراش الشوارع ليعبروا عن هلعهم من واقع تقلب الأمور ضدها دفعة واحدة، مشيراً الى أن “هذا الواقع دفع شباب هذه الطبقة الى الهجرة على دفعات نحو الخارج مع زيادة مستوى اليأس لديهم لدرجة رضوخ بعضهم الى شروط غير مناسبة للهجرة”.

بالنسبة إليه، تراجعت “عائلات الطبقة الوسطى الى مشروع تجديد نفسها بالحد الأدنى القائم على تأمين الدواء واللوازم الحياتية بحدها الأدنى”، مشيراً الى أن “الفئات الاجتماعية الهجينة تقدمت الى الواجهة لتعبئة الفراغ الذي تركته الطبقة الوسطى، بتشكيل عماد هذه الفئات من الصرافين الثانويين في السوق السوداء، الذين يتعاملون عبر آلاف من شباب قاع المجتمع، الذين نراهم يلوحون بمئات الألوف في الشوارع وعبر “صيادلة” آخر زمان، الذين يجولون يومياً من إسطنبول الى بيروت وعواصم أخرى لتحصيل ربح غير أخلاقي من بيع الأدوية على حساب المرضى، وصولاً الى بائعي غالونات البنزين ومصانع تزوير تاريخ صلاحيات المواد الغذائية والأدوية وتجار الطوابع المالية، إضافة الى تعداد عشرات المصالح الصغرى الهجينة القائمة اليوم بقوة اللاقانون، والتي عششت في كل شيء في ظل غياب، أفترضه متعمداً، لأي رقابة من أجهزة الدولة لهذه الفئة الجديدة وقمعها…”.

وخلص الى اعتبار أن “رواسب نشوء هذه الطبقة المتوسطة الجديدة في لبنان يفرض نفسه في ظل انقطاع لبنان عن الخدمات المالية النظامية وغياب الرقابة المالية على الأموال الداخلية والخارجية سبب انتظام اقتصاد “الكاش” إضافة الى توسع مقلق جداً لمافيات الجريمة المنظمة، التي تعمل في المال والمخدرات والدعارة وتجارة الأعضاء إضافة الى عمليات الخطف مقابل الفدية…”.

 

المصدر: النهار العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى