منذ إطلاق تركيا تصريحات تتحدث عن رغبتها بإنجاز “مصالحة” بين النظام السوري والمعارضة في آب من العام الجاري، تسود حالة من الترقب في الأوساط السورية، كما تنتشر بشكل متكرر روايات عن مسار التطبيع المحتمل، كان آخرها تسريبات تحدثت عن لقاء جمع بين شخصيات في المعارضة السورية والنظام برعاية تركيا في معبر كسب الحدودي بين تركيا والساحل السوري.
المعارضة السورية تنفي اللقاء
قللت مصادر في المعارضة السورية الأنباء المتداولة، مشيرة إلى عدم منطقية التسريبات لأنه لا يوجد أي مبررات أو أسباب منطقية تؤدي لحدوث مثل هذه اللقاءات.
مصدرين في المعارضة السورية أحدهما من الائتلاف السوري المعارض، والثاني من وفد أستانا نفيا لموقع تلفزيون سوريا أن يكون الجانب التركي قد طلب من المعارضة إجراء أي لقاءات مع النظام السوري، وقال المصدران: “الجانب التركي يخوض مباحثات على المستوى الأمني مع النظام، ولا دور للمعارضة السورية في المسار، وتركيا هي من تتولى إبلاغ الجهات الفاعلة على الأرض من فصائل المعارضة بالتوافقات الدولية، وبالتالي ليس هناك أي دافع لمثل هكذا لقاء”.
المصادر استدلت على مصداقية نفيها بالإشارة إلى تضارب الروايات التي انتشرت، وأشارت إلى أن التسريبات تحدثت مرة عن إجراء لقاء مع النظام السوري في معبر كسب، ورواية أخرى ادعت أن اللقاء تم في إسطنبول خلال مؤتمر مكافحة المخدرات، مع اختلاف أسماء الشخصيات المنتمية للمعارضة التي حضرت اللقاء في كل رواية، وأضافت المصادر: وفدا النظام والمعارضة يحضران جولات أستانا بشكل متكرر، ولو كان هناك ضغوطات دولية لعقد لقاءات مباشرة لكان المكان الأنسب لها هو أستانا.
وأشارت المصادر إلى حجم الشائعات غير الدقيقة التي يتم تداولها مؤخراً عن علاقة المعارضة مع الجانب التركي، ومن ضمن هذه الشائعات الادعاء بأن عدم تسليم المخصصات المالية للائتلاف سببه رغبة أنقرة بالتقارب مع النظام السوري، وأكد المصدر أن السبب الحقيقي لوقف المخصصات هو حالة الإحباط التي أصابت الجانب التركي من سلوك الشخصيات المهيمنة على قرار الائتلاف، وعدم إجراءها عملية توسعة حقيقية بما يضمن زيادة الفاعلية والتأثير بالشارع السوري، وما زاد الوضع سوءً في الآونة الأخيرة هو تبديد المدخرات المالية من صندوق الائتلاف دون تبرير واضح.
لا مستجدات في مفاوضات تركيا والنظام السوري
أفادت مصادر مطلعة لموقع تلفزيون سوريا أن المفاوضات بعدم وجود مستجدات في المفاوضات بين النظام السوري وتركيا، بما يستدعي أن تطلب أنقرة من المعارضة السورية إجراء لقاءات مع النظام.
وبحسب المصادر فإن تركيا وروسيا وإيران اتفقتا في حزيران من العام الجاري على آلية تنسيق أمنية، بمشاركة النظام السوري، وتتركز هذه الآلية على تبادل المعلومات بما يخص قوات سورية الديمقراطية، والعمل على تقويض قوة قسد، والعمل المشترك لمواجهة السلوك الأمريكي في سورية باعتبار واشنطن الداعم الأساسي للتنظيمات الانفصالية.
بمقابل التوافق على التنسيق الأمني، فإن الجانب التركي يرفض مناقشة أي مطالب من طرف النظام تتعلق بالتخلي عن المعارضة السورية، أو انسحاب القوات التركية من شمال سوريا، كما أن أنقرة تبحث عن حل سياسي في سوريا تشترك فيه المعارضة بصفتها طرف.
ما دوافع التسريبات؟
أجرى موقع تلفزيون سوريا عملية استقصاء لمعرفة دوافع التسريبات التي تتحدث عن لقاء بين المعارضة السورية والنظام، وبحسب عدة شخصيات مطلعة على الأوضاع في شمال سوريا، فإن هيئة تحرير الشام نشرت معلومات تتحدث عن مشاركة منذر سراس قائد فيلق الشام في مباحثات مع النظام السوري، والهدف على الأرجح هو العمل على تفكيك فيلق الشام بشكل تدريجي عن طريق تشكيك العناصر بقيادتها، لأن الهيئة متخوفة من وجود منافسين محتملين لها على النفوذ في إدلب مستقبلا، إذ أن سياسة تحرير الشام تقوم على محاولة حصر خيارات الفاعلين الدوليين بالتنسيق الميداني معها.
وازدادت مخاوف الهيئة على مستقبلها بعد الموقف التركي الصارم المتمسك بمغادرتها لمنطقة كفرجنة في عفرين، وإتاحة المجال للفيلق الثالث باستعادة مقراته، والحملات التي يقوم بها الجيش التركي بشكل متكرر داخل مدينة عفرين للبحث عن خلايا متخفية من تحرير الشام بهدف إخراجها.
أيضاً، فإن الجبهة الوطنية التي يعتبر فيلق الشام عمادها الرئيسي على مشارف عملية إعادة هيكلة، ستؤدي على الأغلب لتحويل الجبهة كلها إلى فيلق تابع للجيش الوطني السوري بقيادة منذر سراس قائد فيلق الشام، وهذا يقوي موقف فصائل الجبهة الوطنية للتحرير في إدلب لأنه يزيد من تنظيمها المركزي، ويبدو أنه أمر مؤرق بالنسبة لتحرير الشام.
ومن غير المستبعد أيضاً أن تكون بعض الشخصيات التي جرى إبعادها عن الائتلاف السوري في وقت سابق، قد ساهمت في نشر التسريبات عن لقاء شخصيات تعمل ضمن الائتلاف حاليا مع النظام السوري كنوع من رد الفعل على إبعادها.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا