لتبقى صحيفة إشراق منبراً للسوريين الأحرار في تركيا

د-محمد مروان الخطيب

يحتفل السوريون مع أسرة تحرير صحيفة “إشراق” بالذكرى السابعة لإطلاق هذه الصحيفة التي بدأت بمبادرة كريمة من منظمة منبر الشام، وحاولت أن تكون صوتاً للسوريين يعبرون من خلالها عن رؤيتهم بمآلات ثورة الحرية والكرامة، وطالما كانت هذه الصحيفة باكورة جهود كوكبة من مثقفي الثورة السورية، الذين حطت رحالهم في الأراضي التركية، على أمل العودة إلى تراب الوطن بعد تحقيق أهداف ثورتهم.

وترتكز الصحيفة على العلاقة الأخوية السورية التركية، التي توطدت بجهود كوادر وإدارة منظمة منبر الشام المستندة إلى تاريخ طويل من العلاقة الأخوية بين الشعبين، والتي توطدت بعد أحداث الثورة السورية ونزوح أعداد كبيرة من السوريين واستقبالهم من قبل الشعب التركي بكل رحابة صدر، قبل أن تزداد الأعداد بشكل فاق الإمكانيات المتوقعة، وطالت فترة بقائهم في دولة النزوح وترافق ذلك مع تراجع في الوضع الاقتصادي العالمي بما فيه الاقتصاد التركي، وشكل استمرار وجودهم عبءً كبيرًا على الاقتصاد والمجتمع التركي.

والتزمت الصحيفة منذ بدايتها بالموضوعية في معالجة الملفات التي تصدت لها، إضافة لتمتع القائمين عليها بالمهنية الصحفية، واحترامهم للقيم ومعايير العمل الإعلامي، حيث اعتمدت الصحيفة في كادرها والقائمين عليها على إعلاميين مهنيين متمرسين بالعمل الصحفي أتراك وسوريين، كما دعمت عمل الصحيفة بعدد من الكتاب السوريين العاملين بالشأن العام في محاوره المتعددة الثقافية والسياسية والاقتصادية، لتتمكن بالتالي من الالتزام بالخط الوطني السوري الجامع والملتزم بوحدة سورية الوطن أرضاً وشعباً، في محاولتها للمساهمة بتشكيل رأي عام سوري ثوري نظيف، يضيئ على ما يجري على الساحة السورية ويبرز العوائق والمخاطر المحدقة بالقضية السورية، ويظهر الجوانب السلبية والإيجابية في حياة الحاضنة الشعبية للثورة في الداخل السوري ومناطق اللجوء دون المساس بقيم الحريات الديمقراطية وثقافة سيادة القانون، والعلاقة التاريخية السورية التركية حاضراً ومستقبلاً، إنما يركز على تلاحم النقاط المشتركة في مسيرة كلا الشعبين، وفي ذات الوقت يوصف رؤية الشعب السورية للحياة المنشودة في دولة المواطنة التي يسعى لبنائها.

تلتقي العقبات في مواجهة كلا الشعبين السوري والتركي في مواجهة مجموعة من الصعوبات التي يعاني منها كلا الكيانين، وإحداها تمكن القوى الدولية في إفراز مجموعات إرهابية زرعتها على الحدود المشتركة لكلا البلدين، وغذتها بالإمكانيات والمقومات للعمل والاستمرار مستثمرة حالة الفوضى السائدة في الوطن السوري، وهشاشة مؤسسات الدولة وضعف الوعي السياسي لدى بعض شرائح المكون الكردي على أرض سورية الوطن، مما أوجد المناخ الملائم لنمو سرطان انفصالي، استغل جميع نقاط الضعف تلك ليحاول ترسيخ مشروعه في غفلة من القوى الثورية على الجانب السوري، ومستغلاً التناقضات ضمن القوى الدولية والإقليمية بما يخدم مشروعه. وكان لصحيفة إشراق دوراً في محاولة تشريح هذه المسألة وتبيان تلاقي نضالي الشعبين السوري والتركي في محاربة هذا السرطان وتوحيد الجهود لنشر الوعي حول مخاطره على مستقبل القضية السورية وضرورة العمل المشترك على بناء وعي مجتمعي لحماية الحاضنة الشعبية من انتشار هكذا مشروع المدعم بفكر وثقافة تحيل أجيال كاملة إلى وقود في أتون صراع لا يمكن التنبؤ بلحظة الخلاص منه.

في مقابل ذلك فإننا نعتقد أن صحيفة إشراق تأخرت قليلاً في التصدي لملف تقييم وضع المهجرين السوريين في مختلف المناطق التركية، وإبراز المشكلات القانونية والمعيشية التي يعانون منها، ومحاولة تشريح قضية الاندماج المجتمعي الذي كان يفترض بالمؤسسات التركية أن تسعى له منذ سنوات، في محاولة التصدي لمشكلات صعوبات الحياة في تركيا على الكثير من المهجرين السوريين الذي فقدوا ممتلكاتهم وحياتهم وأقربائهم وجزء هاماً من عائلاتهم، ويحاولون الاستمرار، للإبقاء على مستقبل أطفالهم في ظل أزمة اقتصادية تعصف بالعالم بكامله، وتراجع الاهتمام الدولي بقضيتهم، وخاصة بعد العدوان الروسي على أوكرانيا الذي جعل الأوربيون يشعرون بقرب النيران إلى منازلهم. هنا كان يفترض في صحيفة إشراق إيلاء الاهتمام والتركيز على ما يمكن أن يسبب إحالة بعض أسباب الضائقة الاقتصادية على المواطنين الأتراك، لوجود أعداد كبيرة نسبياً من المهجرين السوريين على الأراضي التركية، مما شكل أحياناً بعض الاحتكاك من مجموعات غير منضبطة اتجاه تجمعات المهجرين السوريين في بعض المدن التركية.

وقد حاولت الصحيفة التصدي لوضع السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة عصابات الأسد، والتي سيطر عليها (الجيش الوطني السوري) بمختلف مكوناته، بدعم من قبل الجيش التركي، إلا أن عملية تقييم وضع هذه المناطق لم ترق إلى مرحلة البحث في المشكلات التي يعانيها أبناء هذه المناطق إضافة إلى البحث في مشكلات النازحين من المناطق التي سيطرت عليها عصابات الأسد إلى المخيمات التي شيدت في عجالة نتيجة غزو عصابات الأسد والميليشيات الطائفية للقوى الآمنة، في محاولة لمعالجة مشكلاتهم في فقدان السكن والأرض والأهل، وفقدان مورد الرزق الذي من خلاله يمكن دعم استمرارية الحياة في مواجهة عملية الإبادة المستمرة التي تحاول العصابات الطائفية، وطيران عصابات الأسد والمافيا البوتينية التي لا تفرق بين المدن والمخيمات والمشافي والمدارس. هؤلاء المهجرين الذين فقدوا كل مقومات الحياة في ظل تراجع الاهتمام والدعم الدولي للقضية السورية، وفي ظل تحول الفصائل المسلحة العاملة ضمن مظلة (الجيش الوطني) إلى إمراء حرب، يكسبون رزقهم من خلال الأعمال السوداء التي انتشرت في المناطق الخارجة عن سيطرة عصابات الأسد.

مازالت صحيفة إشراق منبر الوطنيين السوريين في تركيا، وعليها كل الأمل في أن تبقى منبراً حراً نستطيع من خلالها تعميق الاندماج المجتمعي مع أصحاب الدار، وتعميق الأخوة التي بدأت لحظة استقبالنا بكل رحابة صدر منذ أحد عشر عاماً، وخاصة بامتلاكها الإصدار باللغتين التركية والعربية، كما أننا نؤكد على دورها في تعميق الحوار المجتمعي بين مكونات المجتمع السوري من خلال عملها على الإصدار باللغة الكردية إلى جانب اللغتين التركية والعربية، ونتمنى عودتها للإصدار الورقي الذي طالما شكل توثيق للعمل الصحفي والقراءة التقليدية، وإلى المزيد من العطاء، الذي طالما نسعى إليه، فالإنسان بطبعه يطمح إلى المزيد.

المصدر: اشراق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى