تحذيرات من خطر اتفاقات الائتلاف الحكومي المزمع على الأمن القومي والجيش والمجتمع في إسرائيل.
في وقت كانت الأجواء السياسية والأمنية في إسرائيل تغلي كالمراجل، جاءت البشرى لبنيامين نتنياهو المكلف تشكيل حكومة من زعيم “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموطرتش، الذي كان يشكل عقبة كبيرة أمام تشكيل الحكومة، بقبول البنود العريضة لاتفاق الائتلاف مع حزبه، ليعلن الاثنان تفاهمات بينهما حول معظم المواضيع تمهيداً للتوقيع قريباً.
ضد الأمن القومي
تزامن ذلك مع زيادة العنف في القدس والضفة الغربية وتصريحات اليميني المتطرف ووزير الأمن القومي المقبل إيتمار بن غفير، حول المسجد الأقصى ومساعيه إلى تغيير الوضع الراهن هناك بكل ما يتعلق بصلاة اليهود، إلى جانب التحذيرات والقلق الشديد الذي لم يخفه أي مسؤول أمني أو عسكري أو سياسي غير موافق على حكومة نتنياهو المتوقعة، من أن تؤدي سياسة الحكومة إلى معركة داخلية في الجيش الإسرائيلي، والتحذير من أن تؤدي إلى انقسام داخلي خطر وتحديات أشد خطورة أمام رئيس أركان الجيش الجديد هرتسي هليفي.
ولا يكمن القلق في ذلك فقط، بل ارتفع درجة أخرى مع إعلان الاتفاق الأولي بين سموطرتش ونتنياهو، حيث يسعى الأخير إلى تعيين رئيس موقت لـ”الكنيست” من أجل تمرير قوانين وتعديلات قانونية، وفي صلبها تعديل قانون لشرعنة تعيين رئيس حزب “شاس” أرييه درعي وزيراً، بحيث يمنع التعديل فرض وصمة عار على درعي بعد إدانته بتهم فساد والحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ.
كما يسعى نتنياهو إلى سن قانون يمنع المحكمة العليا من شطب قوانين يسنها “الكنيست”، وذلك لمنع المحكمة من شطب القانون المتعلق بدرعي.
وفي الحالين فإن هناك مساً كبيراً بالديمقراطية والمؤسسة السياسية في تل أبيب، مما يزيد من تحذيرات المسؤولين من أخطار سياسة الحكومة المقبلة على سكان إسرائيل وأمنها القومي.
غانتس يلمح ونتنياهو يساوم
قبل أيام من مغادرة منصبه وزيراً للأمن، أجرى بيني غانتس مقابلة للقناة التلفزيونية “12” أطلق خلالها رسالة واضحة لنتنياهو مفادها بأنه من أجل أمن إسرائيل لن تكون لديه مشكلة في الانضمام لحكومته.
وقال غانتس “لن أنضم إلى نتنياهو، لكن إذا كان أمن إسرائيل في خطر ملموس يمكنني أنا وحدي حله فسوف أخدم الدولة”.
ومع تحذيرات أمنيين وعسكريين وسياسيين من الخطر الذي تشكله أحزاب الائتلاف على أمن إسرائيل، يصبح دخول غانتس إلى الحكومة أقرب من أي وقت آخر منذ أزمة تشكيل الحكومة التي يواجهها نتنياهو.
وخلال مشاركته في مؤتمر عقده “المعهد الإسرائيلي للديمقراطية”، حذر غانتس من تصعيد أمني فور تشكيل الحكومة قائلاً “الاتفاقات الائتلافية التي وقعها وسيوقعها نتنياهو مع حزبي اليمين المتطرف (الصهيونية الدينية) و(عوتسما يهوديت) من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد أمني، حيث إن الاتفاق بين بن غفير ونتنياهو على نقل المسؤولية عن حرس الحدود في الضفة الغربية إلى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وإخضاع الإدارة المدنية لوزارة المالية المتوقع أن يتولاها سموطرتش ستساعد أعداءنا وتشكل خطراً على جنودنا في المحاكم الدولية أيضاً، لأن هناك كثيرين سيرون في ذلك بداية لفرض سيادة إسرائيلية في الضفة”.
الوضع في “الأقصى”
أولى الخطوات التي وعد بها بن غفير فور توليه وزارته المستحدثة “الأمن القومي” هي تغيير الوضع الراهن في “الأقصى”، وتشير التوقعات إلى أن نتنياهو لن يتخذ أية خطوة أو قرار لمنع بن غفير من تفعيل صلاحياته في الوزارة، إذ أعلن الأخير مراراً أنه يعتزم تنفيذ تغييرات في “الأقصى” بالسماح لجماعات يهودية متطرفة بأداء صلوات في الحرم. وقال في تصريح إعلامي إنه سيطالب المجلس الوزاري المصغر ببحث هذا الموضوع.
وبحسب بن غفير فإن “السماح لليهود بالصلاة في الحرم القدسي ليس إلا مساواة في الحقوق لليهود، ومنعهم من الصلاة فيه سياسة عنصرية”.
ويتوقع سياسيون وأمنيون موافقة نتنياهو على هذا الطلب وعدم مواجهة بن غفير أي نوع من العقبات في حال تنفيذه، بخاصة أن علاقاته وثيقة وجيدة مع قائد الشرطة في منطقة القدس دورون تورجمان، الذي كما تشهد حوادث عدة في المدينة تزايد دخول اليهود المتطرفين إلى “الأقصى” في حماية الشرطة بقيادة تورجمان.
تحديات الجيش
اعتبر أمنيون أن الجيش سيكون بؤرة الاستهداف في ظل الحكومة الجديدة، بعد أن صرح أكثر من مسؤول مقرب من نتنياهو بأن “الملف الإيراني أحد أبرز أهداف نتنياهو، إذ أكد أكثر من مرة أنه يتوجب تدمير المشروع النووي الإيراني مرة واحدة وإلى الأبد”، وفق مصدر مقرب من نتنياهو، وهو هدف سيحظى بدعم مطلق من أحزاب الائتلاف.
من جهة أخرى يرى مسؤولون أمنيون وعسكريون أن النظام الذي سيضعه بن غفير وسموطرتش بدعم نتنياهو في الضفة “سيمزق الجيش الإسرائيلي”، إذا وضعنا في الاعتبار ما تم توثيقه أخيراً لجندي إسرائيلي من وحدة جفعاتي في مواجهة مع نشطاء يساريين في الخليل.
وبحسب وجهة النظر هذه فإنه “في حال ستركز خدمة الجنود في الضفة على فرض النظام بمستوطنة يتسهار والخليل ومطاردة راشقي الحجارة، فإن الاهتمام في الخدمة العسكرية سيتردى”.
وعلقت وسائل إعلام على ذلك بالقول “منذ اليوم جيش الشعب هو جيش نصف الشعب. جيش مبني على سبعة مقاعد لسموطرتش، وسبعة أخرى لبن غفير، وبالتالي لن يكون جيش الشعب ولا جيشاً منتصراً”.
“نوعام” لا تقل خطورة
ما بين سموطرتش وبن غفير هناك وزير ثالث هو نوعام آفي ماعوز زعيم كتلة “نوعام”، وهو لا يقل خطورة عن الاثنين. فالاتفاق الموقع بينه ونتنياهو يضمن له إقامة سلطة خاصة تابعة لديوان رئيس الحكومة أطلق عليها “سلطة للهوية القومية اليهودية”، وبموجبها سيتم تعزيز وتعميق أمن الهوية الشخصية، العائلية والقومية واليهودية”، وفق ما قال ماعوز، وهي سلطة بحسب أكثر من مسؤول إسرائيلي تشكل خطراً لا يقل عن خطر ما سيتولاه سموطرتش وبن غفير.
المصدر: اندبندنت عربية