خاص : موقع ملتقى العروبيين وموقع: المدار نت وموقع : مصير
ارتكزت خطة حكومة حزب “الله” وحليفيه حركة أمل والتيار الوطني الحر، الاقتصادية “الإنقاذية” على طلب دعم صندوق النقد الدولي بمبلغ 10 مليارات دولار، من الآن حتى عام 2024. يضاف إليها مساعدة المجموعة الدولية * لدعم لبنان، البالغة حوالي 11 مليار دولار والتي سبق للمجموعة وقررتها في مؤتمر “سيدر” في باريس عام 2018، دون تنفيذ من جانبها نتيجة تخلف لبنان في تطبيق “دفتر” شروط المساعدة.
بدأت الاجتماعات التمهيدية للتفاوض مع صندوق النقد الدولي منذ أيام في بيروت. أطل أول أمس السيد حسن نصر الله، أمين عام حزب “الله” بخطاب متلفز، وفي سياق حديثه عن هذه المفاوضات حذر بما أسماه من “وصاية دولية” و”مؤامرة أميركية- اسرائيلية”، لتحقيق أهداف حرب تموز عام 2006؛ بالإضافة لطلبه من حكومة الوكالة للرئيس حسان دياب “التطبيع” والتنسيق مع النظام السوري المتهالك، بحجج واهية تحت وقع فضائح تهريب المحروقات والقمح لسورية، عبر المعابر الشرعية، واللاشرعية تحت عين وسيطرة ومشاركة الحزب. علمًا أن دعم الخزينة اللبنانية لهذه السلع المهربة هو بنسبة 85%، ويكلفها 4 مليار دولار سنويًا منذ 2015.
يأتي ذلك عشية بدء المحاصرة الشديدة وتضييق الخناق اقتصاديًا على النظام السوري الأسدي الكيماوي، في حزيران/يونيو المقبل عبر تطبيق قانون “قيصر” الأميركي، الذي سيفرض عقوبات على الأفراد والكيانات، دول وشركات، في حال عدم الالتزام ببنوده والتعامل مع النظام. وتفجر الصراع داخل العائلة الحاكمة المستبدة الأقلوية، الأسد – مخلوف. وتصاعد الضربات للعدو الصهيوني على مواقع ومنشآت الحرس الثوري الإيراني العسكرية، وميليشياته المرتزقة المذهبية. والمعلومات عن اتفاق روسي- أميركي لإنهاء وجود إيران وميليشياتها في سورية، والتخلي عن المجرم بشار الأسد وحاشيته؛ ومنها قطع طريق طهران – بيروت في منطقة البوكمال شرق سورية، كما صرح (المرصد السوري لحقوق الانسان) من لندن.
هل السيد نصر الله وحكومة حلف الممانعة المزعومة في لبنان يستطيعان وضع شروط سياسية لدعم صندوق النقد الدولي؟ يكفي معرفة قوة وحجم التصويت للدول الأعضاء في “الصندوق” لقرار إعطاء قرض من عدمه لأي دولة، للاستنتاج بشبه استحالة ذلك. يتكون المجلس التنفيذي من 24 مديرًا، مقاعد مستقلة فيه تشغلها البلدان المساهمة الخمسة الكبرى، وهي الولايات المتحدة الأميركية ( 16,6 % من إجمالي الأصوات) واليابان ( 6,2 % ) وألمانيا ( 5,3 % ) وفرنسا ( 4,1 % ) وبريطانيا ( 4,1 % )، إلى جانب الصين ( 6 % ) وروسيا ( 2,6 % ) والسعودية ( 2,1 % ). احتساب أصوات الولايات المتحدة الأميركية مع حلفائها من الدول السابقة، بالإضافة لأخرى، يتجاوز ال 50 %؛ علمًا أنها الدولة الوحيدة التي تملك حق الفيتو من بين الدول الأعضاء. في نيسان/ابريل الماضي وضعت ألمانيا كل نشاطات حزب “الله” على لائحة الإرهاب، بعد بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية والسعودية، وغيرهم. الفصل في التعامل لأكثرية هذه الدول بين الحكومة اللبنانية والحزب لم يعد واردًا بالنسبة لها، خاصة بعد انتفاضة 17 تشرين المجيدة، وتشكيل حكومة اللون الواحد التي يترأسها السيد حسان دياب.
هل يمكن أن تراهن الحكومة على مساعدة المجموعة الدولية لدعم لبنان؟ المجموعة في بيان أول أمس أكدت ربط الإصلاحات الاقتصادية والمالية بشروط سياسية وسيادية، على الحكومة اللبنانية تنفيذها. حيث جاء في البيان أنها تدعو الحكومة إلى ” تنفيذ قرارات مجلس الأمن 1701 (من مدرجاته التطبيق الكامل لبنود اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680) و1680 (الذي يدعو إلى ترسيم الحدود بين لبنان وسورية، وهي حجة حزب “الله” التي يحملها للاستمرار في رفض نزع سلاحه، حول حدود لبنان في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا )، إلى جانب القرار 1559 ( الذي ينص على تفكيك ونزع سلاح “الميليشيات” اللبنانية، والمقصود طبعًا حزب “الله” دون تسميته، وبسط الحكومة اللبنانية سيطرتها وسيادتها على كامل أراضيها )”.
ورحب بيان المجموعة الدولية * بما صرح به الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الأربعاء الماضي، الذي دعا لبنان للمضي في إصلاحات اقتصادية، وأكد على وضرورة أن “يتحول حزب الله إلى حزب سياسي مدني صرف، ونزع سلاحه، وفقًا لأحكام اتفاق الطائف والقرار 1559 لتجنب شبح تجدد المواجهة بين المواطنين اللبنانيين ولتقوية مؤسسات الدولة”. جاء ذلك في تقريره النصف السنوي حول تنفيذ القرار 1559، والذي ناقشه مجلس الأمن الدولي، في جلسة دورية مغلقة بين أعضائه عن بعد.
بالرغم من انشغال دول المجموعة الداعمة للبنان بمواجهة واحتواء وباء كوفيد- 19، وتداعياته الاقتصادية الكبيرة، توقيت بيانها ليس صدفة أو اجراءً اعتياديًا، إنما رسالة واضحة حاسمة لمن يعنيهم الأمر، حكومة الثلاثي بالوكالة، وللأصيلين حزب “الله” وحليفيه حركة أمل والتيار الوطني الحر. رسالة مفادها أن أي دعم دولي، من صندوق النقد الدولي وغيره، لإنقاذ لبنان من انهياره الاقتصادي وإفلاسه المالي، مشروط بتطبيق قرارات مجلس الأمن آنفة الذكر، ومنها نزع سلاح الحزب واستعادة الدولة اللبنانية سيادتها على كامل أراضيها، ما يعني حكمًا انسحاب الحزب المسبق من سورية.
هل سيرضخ نظام ملالي طهران المتهالك اقتصاديًا، ويجلس على طاولة المفاوضات مع إدارة ترامب والغرب، ويتنازل طوعيًا عن تمدده واحتلاله مباشرة أو بالوكالة في سورية ولبنان والعراق؟ أم سيستمر بالمكابرة والقتال بميليشياته الطائفية المرتزقة العربية، وقود مشروعه التوسعي، حتى آخر “جندي” منهم؟
* تضم الأمم المتحدة وحكومات الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا والصين وروسيا والسعودية، والإتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، والبنك وصندوق النقد الدوليين.