تركيا و3 بلدان آسيوية توقع خارطة طريق “الممر الأوسط”..|| ما هو ولماذا تزعج الخطوة روسيا؟

وقع وزراء خارجية تركيا وأذربيجان وكازاخستان وجورجيا، الجمعة، خارطة طريق لأعوام 2022- 2027 من أجل تطوير طريق النقل الدولي عبر قزوين أو ما يعرف بـ”الممر الأوسط”.

خطوة يراها مراقبون مزعجة لروسيا ومفيدة للصين، فيما تدعمها دول أوروبية في إطار مساعيها لنزع كل أوراق الضغط الاقتصادية من يد موسكو.

خارطة الطريق تلك تم التوقيع عليها خلال الاجتماع الثاني لوزراء خارجية ونقل تركيا وأذربيجان وكازاخستان وجورجيا في مدينة أكتاو الكازاخية، وتهدف إلى زيادة طاقة الممر الأوسط إلى 10 ملايين طن سنويا بحلول العام 2025.

وفي كلمة له خلال الفعالية، أوضح وزير خارجية كازاخستان “مختار تيلوبردي” أن اجتماع اليوم مهم لاتخاذ خطوات عملية لتعزيز التعاون في منطقة بحري قزوين والأسود وليس فقط لتطوير ممرات النقل الدولية بين الشرق والغرب عبر بحر قزوين.

وشدد على أن الاجتماع الثلاثي الذي عقد بباكو، في يونيو/حزيران الماضي، أكد أهمية تنفيذ مشاريع مشتركة لتبسيط الإجراءات الجمركية على طريق “الممر الأوسط”.

وأكد أهمية توقيع خارطة الطريق لتطوير طريق “الممر الأوسط”، مضيفا: “نهدف عبر هذه الوثيقة إلى تنفيذ مشاريع واضحة وليس التنسيق فقط”.

وأعرب الوزير الكازاخي عن سروره لرؤية جورجيا بينهم في الاجتماع، قائلا: ” تمر معظم مشاريع النقل الكبرى عبر الأراضي الجورجية ونحن متفائلون بشأن تطوير قدرات خط سكة حديد باكو – تبليسي – قارص، وكذلك خطي أنابيب نفط باكو – تبليسي – جيهان، وباكو – سوبسا”.

ولفت إلى أنهم يخططون للبدء بنقل النفط عبر خط أنابيب باكو – تبليسي – جيهان اعتبارًا من العام المقبل.

ما هو “الممر الأوسط”؟

و”الممر الأوسط” هو البديل للممر الشمالي الرابط بين الصين وأوروبا عبر روسيا.

ويعتبر هذا الممر ضمن 3 ممرات للتجارة العالمية بين الصين وأوروبا، بجانب “الممر الجنوبي” و”الممر الشمالي”، ويبلغ طوله 4256 كيلومترا بين الطرق البرية والسكك الحديدية إضافة إلى 508 كيلومترات عبر البحر.

وينطلق هذا الممر من مدينة كاشجر الصينية، ومنها إلى قرجيزستان، فأوزبكستان، ثم إلى ميناء تركمانباشي في تركستان.

ومن تركستان يتم نقل كل البضائع عبر حاويات إلى أذربيجان، ومنها إلى جورجيا، ثم إلى تركيا، وتحديدا محطة قارص للسكك الحديدية، ثم إلى إسطنبول، أو الموانئ البحرية التركية، ومنها إلى أوروبا وبقية دول العالم.

ولتوضيح أهمية هذه الممر، تشير الأرقام إلى أن قطار الشحن المنطلق من الصين إلى أوروبا عبر “الممر الأوسط” يقطع مسافة 7 آلاف كيلومتر في 12 يوما، مقارنة بمسافة 10 آلاف كيلومترات ومدة لا تقل عن 15 يوما في حال عبور “الممر الشمالي”، و20 ألف كيلومتر ومدة تتراوح بين 45 و60 يوما في حال عبور “الممر الجنوبي”.

ولذا تؤكد وزارة النقل والبنية التحتية التركية أن “الممر الأوسط” هو الأسرع مقارنة بـ”الشمالي” الذي يعبر من روسيا.

وارتفع حجم الشحنات التي تمر عبر “الممر الأوسط” 3 أضعاف خلال العام الجاري ليصل إلى 845 ألف طن خلال الأشهر السبعة الأولى مقارنة بحوالي 311 طنا خلال نفس الفترة من العام الماضي.

تركيا المستفيد الأكبر

وتعتبر تركيا من الدول الراعية والداعمة لـ”الممر الأوسط”، وهي المفاوض والمحاور الأساسي لكل الدول التي يعبر منها الممر بداية من الصين وصولا لأذربيجان، وتعتبر من أكبر الدول المستفيدة من هذا الممر الذي سيجعلها نقطة الوصل الحقيقية بين آسيا وأوروبا في نقل البضائع.

ويعد استكمال خط سكة الحديد (باكو- تبليسي ـ كارس)، الذي يربط أذربيجان بجورجيا وصولا إلى تركيا، من أهم المشاريع التي تركز عليها أنقرة، ومن المتوقع أن تصل قدرته الاستيعابية إلى 3 مليارات مسافر و17 مليون طن من البضائع سنويا.

أذربيجان أيضا من الدول المستفيدة من الممر الأوسط؛ إذ تسعى لاستغلال الوضع الحالي للتحول نحو ممر تجاري وطاقي حيوي عالمي.

وتقوم أذربيجان حاليا بتوسيع منطقة التجارة الحرة في بلدة تبعد نحو 70 كيلومترا جنوب العاصمة.

كما تم بالفعل الانتهاء من تجديد وتوسيع ميناء باكو على مرحلتين الأولى انطلقت سنة 2012 والثانية سنة 2020، ويقع في الطرف الغربي من بحر قزوين، والذي سيكون نقطة الوصل بين كل الشحنات التي تصل من الصين إلى تركمانستان، وقد تم تصميم الميناء لنقل الحاويات والسلع من الشرق إلى الغرب.

ولتعزيز قوة “الممر الأوسط”، تخطط كل من أذربيجان وكازاخستان وجورجيا لتطوير طريق نقل جديد قادر على نقل 200 ألف حاوية سنويا.

ولتسهيل مرور الشاحنات، تخطط الدول الثلاث لوضع تعريفات موحدة لشركات الشحن المحلية وتسهيل عمل شركات النقل.

وتتوقع الدول التي تشارك في “الممر الأوسط” ومشاريع تطويره أن تصل أرباحه السنوية إلى مليار دولار، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع خلال السنوات المقبلة مع زيادة الاعتماد عليه وتراجع الاعتماد على الممر الشمالي الذي يمر عبر روسيا.

وتشجع كل الظروف على الاعتماد على الممر الأوسط، خاصة أن العبور عبر السكك الحديدية الروسية على طول الطريق بين الصين وروسيا وأوروبا ارتفع سعره بحوالي النصف خلال سنة 2021 مقارنة بسنة 2020.

كما أن خط السكك الحديدية بين الصين وروسيا بلغ مستواه الأقصى، ولم يعد بالإمكان زيادة حجم الحاويات التي تمر عبره حتى قبل اندلاع الحرب.

لما تدعم الصين هذا الممر؟

وأطلقت الصين سنة 2013 مبادرة “الحزام والطريق”، التي تتكون من ممرين تجاريين؛ الأول “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” والذي يعبر آسيا الوسطى وإيران وتركيا وصولا إلى أوروبا، والثاني طريق مائي، يعرف “بطريق الحرير البحري” وينبع من بحر جنوب الصين ثم المحيط الهندي ثم البحر الأحمر وصولا للبحر المتوسط، وخصصت لهذه الخطة ميزانية قدرها 152 مليار دولار.

وتعترض الخطة الصينية حاليا صعوبة كبيرة أولها كون روسيا باتت تعاني عزلة غربية، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها في خطة طريق الحرير؛ ولهذا فهي لا تمانع في تسهيل تطوير “الممر الأوسط”، الذي يمكنها من الوصول إلى أذربيجان عبر بحر قزوين، ومنه إلى جورجيا ثم تركيا، بكلفة أقل وفي وقت أقل.

المصدر: الخليج الجديد

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى