لماذا غضت أميركا النظر عن عملية “المخلب – السيف” التركية ضد قسد؟

فراس فحام

انتهج المسؤولون الأميركيون عموماً نهجاً معتدلاً خلال التعليق على عملية ” المخلب – السيف” التي أطلقتها تركيا ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وعناصر حزب العمال الكردستاني في سوريا بتاريخ 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، رداً على تفجير تقسيم الذي نفذته امرأة سورية بناء على أوامر من جهاز الاستخبارات في “قسد”.

وتراوحت التصريحات الأميركية بين الإقرار بأن تركيا تواجه تهديدات على حدودها الجنوبية، وحقها بالحفاظ على أمنها وسلامة موطنيها، وبين المطالبة بخفض التصعيد لعدم الإضرار بجهود محاربة داعش.

وعلى الرغم من نفي مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية تنسيق الغارات مع تركيا، إلا أن مسؤولين أمنيين أتراك أكدوا لوكالة رويترز إجراء بعض التنسيق مع كل من روسيا وأميركا من أجل تنفيذ عملية ” المخلب – السيف”.

رواية المسؤولين الأتراك يؤيدها الواقع، نظراً لوصول الضربات الجوية التركية إلى منطقة “المكمن” في دير الزور، على بعد 70 كيلومتراً من الحدود التركية، وإلى عمق محافظة الحسكة، وهي أجواء خاضعة للغطاء الأميركي.

واستهدفت أيضاً إحدى الغارات التركية قاعدة “استراحة الوزير” في الحسكة، التابعة للتحالف الدولي، لكن المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية جو بوتشينو أكد في أعقاب الضربة أن الجنود الأميركيين كانوا في مأمن خلال الهجوم على القاعدة لأنهم غادروها قبل الغارة، مما يشير بشكل واضح إلى تنسيق وإن بالحدود الدنيا لضمان سلامة الجنود الأميركيين.

وأكدت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن مؤسسة الجيش في أميركا لا تمانع توجيه الجيش التركي ضربات انتقائية منسقة مع القوات الأميركية في سوريا ضد أهداف في شمال شرقي سوريا، دون الانزلاق إلى تصعيد مفتوح.

مساع واشنطن لاستعادة ثقة الحلفاء التقليديين

لا يبدو الموقف الأميركي الأخير من الغارات التركية ضد حزب العمال الكردستاني و”قسد”، منفصلاً عن استراتيجية أوسع تتبعها واشنطن خلال الأشهر الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، تستهدف استعادة قدر من ثقة الحلفاء التقليديين، والحديث هنا عن دول الخليج المنتجة للنفط، وإسرائيل، وتركيا، بما يخدم مواجهتها الموسعة مع روسيا على الأصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية، والتي تصاعدت بشكل ملحوظ بعد الغزو الروسي لأوكرانيا مطلع العام الجاري.

وبحسب ما أفاد به مصدر دبلوماسي مطلع لموقع تلفزيون سوريا، فإن وفداً أمنياً أميركياً أجرى زيارة إلى أنقرة مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، من أجل نقاش ملفات عديدة على الصعيد الدولي، من ضمنها المخاوف التركية المتعلقة بتسليح “قسد”، وخطوات أنقرة المحتملة في الملف السوري.

زيارة الوفد الأميركي تبعها تأكيد من الرئيس بايدن خلال لقائه بنظيره التركي أردوغان على هامش قمة الدول العشرين، بأن الإدارة الأميركية ستواصل تقديم الدعم لعملية بيع تركيا طائرات إف 16.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2022، ألغى الكونغرس الأميركي الشروط المفروضة على بيع طائرات إف 16 إلى تركيا، ومن أبرزها رفض استخدام تلك الطائرات ضد اليونان.

إلى جانب العمل على تخفيض التوتر مع تركيا وحلحلة الملفات الخلافية، فإن واشنطن عملت على تعزيز التقارب أيضاً مع كل من إسرائيل والسعودية، في إطار استعادة ثقة الحلفاء في منطقة الشرق الأوسط، حيث وقع الرئيس الأميركي بايدن في تموز، يوليو 2022،  اتفاقاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، تعهداً بمنع إيران من حيازة السلاح النووي، بالتوازي مع إعداد القيادة المركزية الأميركية بالاشتراك مع الجيش الإسرائيلي استراتيجية لتقليص النفوذ الإيراني في سوريا، إضافة إلى إجراء واشنطن في تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، اجتماعات أمنية مع السعودية لمناقشة التهديدات الإيرانية المتمثلة بهجمات محتملة ضد الرياض، وإقرار البيت الأبيض بحصانة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضد دعاوى محتملة من المحاكم الأميركية بخصوص قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

ضبط نسق قسد

يشهد التيار المتبني لتعزيز العلاقات مع روسيا ضمن “قسد” تنامياً في الآونة الأخيرة، ومن أبرز وجوه هذا التيار المسؤول في مكتب العلاقات مصطفى بالي، الذي شن هجوماً حاداً على الموقف الأميركي من الغارات التركية الأخيرة، ضمن تغريدة له على حسابه في تويتر تضمنت الإشارة إلى “غدر أمريكا” بقسد، قبل أن يقوم بحذف التغريدة.

وأرجع الإعلامي والسياسي المقيم في أميركا أيمن عبد النور، سبب تغاضي الجيش والاستخبارات الأميركية عن الغارات الجوية ضد “قسد”، إلى وجود توجه داخل “قسد” لتوسيع التفاهمات مع روسيا والنظام السوري، بما يتجاوز الإطار المتفق عليه مع واشنطن.

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى