بعد اندلاع الانتفاضة السورية عام 2011 وموجات العنف التي رافقتها، طردت دول أجنبية الديبلوماسيين السوريين الذين يمثلون نظام بشّار الأسد من بلادهم، لكن ما فات تلك الدول هو مناصب القناصل الفخريّين الذين استغلوا مواقعهم ليس لمصالحهم الخاصة وحسب، ولكن أيضاً لمصلحة النظام السوري الذي كان وما زال يخضع للعقوبات.
“ديبلوماسيو الظل” Shadow Diplomats هو مشروع تحقيقات استقصائية عابرة للحدود بإشراف “الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيّين” (ICIJ) وProPublica وبمشاركة نحو 160 صحافياً من نحو 60 مؤسسة صحافيّة من 46 دولة، بينها موقع “درج”. يستعرض هذا التحقيق أبرز القناصل الفخريّين السوريّين الذين تورّطوا في قضايا وشبهات فساد أو في استغلال مناصبهم ونفوذهم لتحقيق غايات ضيّقة على حساب الكثير من السوريّين، منهم من هرب من بطش هذا النظام، فوجد نسخة منقّحة منه على شكل قناصل فخريّين في بلاد الاغتراب.
قناصل فخريون سوريون مرتبطون بقضايا فساد
نيللي كنعو، قنصل فخري سابق لسوريا في مونتريال كندا تورّطت بقضيّة تجارة أدوية غير قانونيّة:
أصدرت الشؤون الخارجية (Global Affairs) في كندا رسالة في 26 شباط/ فبراير 2016 أمرت فيها بإغلاق القنصلية السورية في مونتريال وإنهاء منصب قنصلها الفخري، نيللي كنعو، دون تحديد الأسباب. الرسالة ذكرت فقط أنّ كنعو، وهي مؤيدة لبشار الأسد، لا يمكنها الاستمرار بالقيام بواجباتها كقنصل فخري.
الّا أنّه بحسب حكم صادر عن الهيئة الفيدرالية العليا، فقد باعت نيللي وشقيقتها تانيا كنعو المخدرات، لمدّة ثلاث سنوات، بشكل غير قانوني أو عملتا بشكل غير قانوني وسيطتين لبيع أدوية بقيمة 1.5 مليون دولار لشركة مونت فارما، وهي شركة تصدير يملكها رجل أعمال أردني. انتهى المطاف بمعظم هذه المنتجات في الشرق الأوسط، وبعض منها في أميركا الجنوبية، وفق تحقيق موقع La Presse الكندي.
اعترفت نيللي كنعو، القنصل الفخري لسوريا في مونتريال والشريكة في متاجر جان كوتو في الجزيرة الغربية، بثلاث تهم أمام المجلس التأديبي لنقابة الصيادلة. وكان من بين الاعترافات، الاعتراف بأنها شاركت بشكل غير قانوني في بيع أدوية بقيمة 1.5 مليون دولار لشركة مونتريال التي كانت تصدر منتجات صيدلانية للخارج، وبخاصة إلى الشرق الأوسط، دون الحصول على التصاريح اللازمة لهذا الغرض، وذلك من عام 2008 إلى عام 2011.
دافع محاميها عنها بالقول إنّ هدفها كان إنسانياً، لمساعدة المستشفيات في منطقتها، حتى لو كانت تحقق هامشاً من الربح. أمّا محامي النقابة فوصف التهم التأديبية بأنها “مقلقة وخطيرة بشكل خاص في ما يتعلق بحماية العامة”.
علماً أنّه حتى إقالتها من منصبها كقنصل فخري، كانت كنعو، إلى جانب قنصل فخري آخر في فانكوفر، تُعد أعلى ممثل لنظام الأسد في البلاد منذ طرد الجزء الأكبر من الديبلوماسيين السوريين من كندا في عام 2012، بحسب La Presse. قالت كنعو لوزارة الخارجيّة السوريّة إنّ المعارضة السورية لفّقت لها هذه التهمة “بسبب مواقفها الوطنية” المؤيّدة لنظام الأسد.
تجدر الإشارة إلى أنّ الوجود الديبلوماسي السوري في أميركا الشماليّة هو محدود جدّاً منذ عام 2012 وتحديداً بعد مجزرة الحولة التي قتل فيها النظام وفقاً للأمم المتحدة، 108 أشخاص، من بينهم 34 امرأة و49 طفلاً (من بينهم 30 طفلاً لم يتجاوزوا العاشرة)، عندها طردت كندا، كما الكثير من الدول الغربية، الديبلوماسيّين السوريّين.
وسيم الرملي الذي رفضت كندا أن يصبح قنصلاً
في أيلول/ سبتمبر 2019، تمّ اختيار وسيم الرملي، رجل الأعمال السوري الكندي، ليكون القنصل الفخري لسوريا في مونتريال، ولكن تبيّن أنّ الأخير هو أحد مؤيّدي الأسد الذين يشهرون دعمهم له علناً، بحسب ما كشفت مجلّة Maclean’s الكنديّة، وكانت أوّل من سلّط الضوء على هذه القضيّة. وسيارته الـ”هامر” الحمراء التي يقودها في كندا تحمل العلم السوري وصورة الأسد.
قال الرملي عند اختياره إن وظيفته هي العمل لجميع المواطنين السوريين، بغض النظر عن آرائهم السياسية. ووافقت السلطات الكندية على تعيينه.
الرملي كان أحد المنظّمين لتظاهرات مؤيّدة للأسد في مونتريال، إلّا أنّه نكر ذلك في مقابلة إعلاميّة، وهو يرفض التهم المتعلّقة باستخدام النظام السوري لأسلحة كيماويّة، بحسب مقال لموقع CBC الكندي. وكان قد اعتبر “منظّمة الخوذ البيض” منظّمة إرهابيّة تابعة لـ”القاعدة”. علماً أنها منظمة دفاع مدني تطوعيّة تعمل في المناطق المعارضة في سوريا، والتي حاولت كندا مع غيرها من الدول إنقاذ متطوّعيها عام 2018، وفق تحقيق Maclean’s الذي أشار إلى أنّ الرملي مرتبط أيضاً “بمجموعة البيت السوري المثير للجدل الموالي للنظام في كندا / تحالف السوريين من مونتريال”، والذي جمع آلاف الدولارات لصالح وكالة الأمانة السورية للتنمية الموالية للنظام، والتي ارتبط اسمها بفضيحة تتعلق بتحويل ما يقرب من مليار دولار من المساعدات الإنسانية إلى عمليات يسيطر عليها النظام السوري. علماً أنّ الوكالة طُردت من لائحة المنظّمات غير الحكوميّة السوريّة المندرجة تحت إطار الاتفاق العالمي للأمم المتحدة (UN Global Compact) في 31 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2016.
ويشير التحقيق نفسه أنّه في 17 حزيران/ يونيو 2019، كان الرملي من بين مجموعة صغيرة من أنصار الأسد الذين حضروا حفل جمع تبرعات للحزب الليبرالي الكندي بحضور رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الذي أخذ صورة مشتركة مع الرملي خلال الحفل.
وبعدما علت الأصوات المعارضة لهذا التعيين وما يشكّله من تهديد لسلامة السوريّين المعارضين لنظام الأسد في مونتريال، سارعت وزيرة الخارجية، كريستيا فريلاند، في ذلك الوقت إلى التصريح بأنّ تعيين أحد مناصري الأسد في هذا المنصب “غير مقبول” وأنّه “لم يكن من المفترض أن توافق الشؤون الخارجيّة الكنديّة على أي شخص يتبنّى وجهات نظر الرملي لهذا المنصب”. ووعدت بالرد السريع وسرعان ما تم سحب المنصب منه والتراجع عن التعيين.
وبناءً على هذه الحالة، أعادت الحكومة الكنديّة النظر في معاييرها المعتمدة في تعيينات القناصل الفخريّين عام 2020 وقامت بمراجعة ملفّات 330 قنصلاً فخرياً في كندا واكتشفت وجود 15 قنصل فخري، لم تصرّح عن هويّاتهم، يستدعون “تدقيقاً عميقاً” ومراقبة حثيثة. تبيّن من خلال التقرير، الذي حصل عليه موقع The National Post، أنه لا توجد معايير دقيقة لتعيين هؤلاء القناصل الفخريين”. وكشف التقرير أنّ قرار تعيين الرملي اقتصر على مراجعة سيرته الذاتية وبعض تصريحاته باللغة الإنكليزيّة. علماً أنّ الوثائق التي حصل عليها موقع The National Post تكشف عن وجود بعض المخاوف المحلية التي أثيرت قبل تعيينه، لكن لم تتم متابعتها أو التعامل معها بشكلٍ جدّي.
على ضوء ذلك، تمّ تطوير مدونة سلوكيّات جديدة ومعايير محدّدة لهذا المنصب. وأيضاً تمّ تطوير سبل جديدة للتحقّق من أهليّة الأشخاص ليتولّوا هذا المنصب.
القانون السوري:
يتعيّن القنصل الفخري السوري بمرسوم جمهوري ويقترحه عادةً وزير الخارجيّة والمغتربين، وفق ما ينصّ المرسوم التشريعي رقم 274 بتاريخ 28-8-2016 الخاص بالقنصليات الفخرية، الذي يسمى لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد بناءً على اقتراح من الوزير.
ينصّ هذا المرسوم في المادّة العاشرة من الباب الثالث على شروط تعيين القنصل الفخري وهي أن يكون مواطناً سورياً (أو من أصول سوريّة) يقيم في البلد الذي أُحدثت فيه القنصليّة الفخريّة ولكن “يمكن تعيين أحد الأجانب لإشغال هذا المنصب في حال اقتضت المصلحة الوطنية ذلك”، بحسب المرسوم، على “أن يكون مقيماً إقامة دائمة في البلد الذي تقع فيه القنصلية الفخرية مدة لا تقل عن خمس سنوات”.
وتحدّد المادّة 14 في الباب الخامس من المرسوم نفسه مهام وصلاحيّات القنصل الفخري بـ:
“مساعدة السوريين المقيمين في منطقة اختصاصه، وتقديم الخدمات لهم، والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم”.
الترويج الثقافي والاقتصادي والسياحي لسوريا وتعزيز علاقات التبادل الثقافي والتعليمي والسياحي بين الدولتين.
دراسة الحركة التجاريّة والصناعيّة في الدولة التي يقيم فيها القنصل بهدف ازدهار علاقات التبادل التجاري بين الدولتين.
وغيرها من المهام.
عبد الرحمن العطّار: القنصل الفخري في البرتغال الذي يُحتمل أنّه ساعد النظام في صنع أسلحة كيميائيّة!
العطّار هو رجل أعمال سوري متعدّد الكارات، بحسب “بروفايله”، فهو عمل في مجالات عدّة من بينها التعليب والتغليف والصيدلة والتجارة والصناعة وشغل مناصب عدّة أهمّها: رئاسة منظّمة الهلال الأحمر السوري ورئاسة غرف التجارة الدوليّة في سوريا وعضو في غرفة تجارة دمشق لمدّة 34 عاماً. توفي العطّار في 15 شباط/ فبراير 2018، في العام نفسه الذي كشفت محطة RTS السويسرية في حزيران/ يونيو أنّ أربعة أطنان من أصل خمسة أطنان من الإيزوبروبانول الذي تمّ شحنه قبل أربع سنوات (أي في 2014) من سويسرا إلى سوريا لم يصل أبداً إلى وجهته.
كان العطّار الرئيس السابق لشركة المتوسط للصناعات الدوائية السورية (Mediterranean Pharmaceuticals Industries) والتي استوردت في 2014 خمسة أطنان من الأيزوبروبانول السويسري. تم استخدام هذا المنتج في صناعة غاز السارين خلال الصراع السوري بحيث قتل 100 شخص في نيسان/ أبريل عام 2017 في مدينة خان شيخون. تم تصنيع السارين بشكل خاص من الأيزوبروبانول، وفقاً لتحليل العينات الذي أجراه خبراء من الحكومة الفرنسية، بحسب تحقيق محطّة RTS السويسريّة.
علماً أنّ الاتحاد الأوروبي كان حظر توريد هذا المنتج إلى سوريا، إلا أنّ سويسرا لم تلتزم بهذا الحظر بل اعتبرت أنّه ليس هناك دليل على وجود رابط بين الشركة التي اشترت المنتج والنظام السوري، وفقاً لموقع محطّة RTS السويسريّة الذي أكّد أنّ أرشيف شركة Mediterranean Pharmaceutical Industries والذي توقّف منذ نهاية عام 2013، يظهر أنّ العطّار كان رئيس الشركة وهو رجل أعمال مؤثّر مقرّب من نظام الأسد. وكانت الشركة قد حصلت على ترخيص عام 2014، من شركة تابعة لشركة Novartis السويسرية، لإنتاج جل Voltaren لتخفيف الآلام، والذي يتم إنتاجه باستخدام المادة الكيميائية، بحسب موقع OpinioJuris.
في مقابلة للمحلل السياسي ومدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي والمتوسط في جنيف حسني عبيدي لـRTS، قال إن “رئاسة منظمة بأهمية الهلال الأحمر السوري دون دعم وموافقة الحكومة أمر مستحيل”.
وتبيّن من خلال تحقيق شارك فيه موقع “درج” أنّ المسؤولون في الأمانة السويسريّة “ليس لديهم وقت للتدقيق في كل طلبٍ على حدة، بسبب انشغالهم الشديد، إذ يستقبلون عشرات الآلاف من الطلبات سنوياً، يتولى أربعة موظفين حكوميين فقط مسؤولية مراجعتها. وعليه فقد وافقت الأمانة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 على تصدير خمسة أطنان من الإيزوبروبانول و280 كيلوغراماً من مادة ثنائي إيثيل أمين إلى سوريا، بناءً على طلبٍ من شركة “برينتاغ شفايتزرهال”، الكائنة في مدينة بازل السويسرية”.
الّا أنّه في آب/ أغسطس 2019، قال ممثلو ادعاء ألمان إنهم لم يعثروا على أسباب للتحقيق مع شركة برينتاغ، بشأن بيع شركة في سوريا مواد يمكن استخدامها في أسلحة كيماوية، بحسب Reuters.
بناءً على مقال على مجلّة Foreign Policy، حذّر اتحاد منظمات الإغاثة الطبية السورية (UOSSM)، وهو تحالف لمنظمات إغاثية مكرسة لتقديم الإغاثة لسوريا، في تشرين الثاني من أن 90 إلى 95 في المئة من المساعدات الدولية المرسلة إلى الهلال الأحمر العربي السوري “صادرها النظام”، وأعيد توجيهها للدعم الحربي للأسد. وندد الهلال الأحمر العربي السوري في بيان نُشر على موقعه على الإنترنت، بهذه “الاتهامات الخاطئة والمسيّسة وغير المؤكدة”.
من المرجّح أنّ العطّار، الذي كان رئيس “مجموعة العطار” التي تعمل في مجالات عدّة بينها الأدوية والسياحة والزراعة ورئيس غرفة التجارة الدولية في سوريا، حقّق ثروته بسبب قربه من النظام وتذكر إحدى الوثائق التي نشرها موقع “ويكيليكس” عن لسان أحد العارفين بالعطّار عام 2010 أنّه “شخصية كبيرة، وواحد من أغنى وأقوى الرجال في سوريا”.
وبناءً على تسريبات ديبلوماسيّة من وزارة الخارجية الأميركية عام 2008، عمل العطّار كواجهة لمساعدة رامي مخلوف، أحد أبرز رجال أعمال النظام السوري سابقاً وإبن خال الرئيس بشار الأسد، لشراء طائرة عندما كان الأخير تحت العقوبات، وذلك من أجل التحايل عليها، كما ذكرت مجلّة Foreign Policy. واختار مخلوف العطّار ليكون واجهة لشركة طيران جديدة علماً أنّ العطّار، وفقاً لبرقية مسربة أخرى، “ليس لديه خلفية في مجال الطيران”.
توزّع القنصليّات الفخريّة السوريّة في الخارج (2018):
في حزيران/ يونيو 2018، نشرت وزارة الخارجيّة السوريّة توزيع قنصليّاتها الفخريّة في الخارج، وكانت على الشكل التالي:
8 قنصليات فخريّة في أفريقيا (كوتونو، لاغوس نيجيريا، واغادوغو بوركينافاسو، ليبرفيل الغابون، كامبالا أوغندا، مونروفيا ليبيريا، أبيدجان ساحل العاج، فريتاون سيراليون).7 قنصليّات فخريّة في أوروبا منها 2 في فرنسا (الغوادلوب فرنسا، مرسيليا فرنسا، كيشيناو مولدوفيا، زغرب كرواتيا، براتيسلافا سلوفاكيا، أوديسا أوكرانيا، بريمن ألمانيا).17 قنصليّة فخريّة في أميركا اللاتينية منها 5 في الأرجنتين و3 في البرازيل. قنصليّة في أستراليا بالعاصمة سيدني.قنصليّتان في آسيا بعاصمة الفلبين (مانيلا)، وعاصمة تايلاند (بانكوك).ثلاث قنصليّات في أميركا الشمالية: منها قنصليتان في كندا (فانكوفر ومونتريال)، وواحدة في بنما. |
عبد القادر صبرا: قنصل فخري لتركيا في طرطوس، سوريا!
رجل أعمال سوري يعمل في مجالات اقتصاديّة مختلفة تحديداً في قطاعي الشحن والسياحة. وهو قطب أساسي في مجال الشحن وشريكاً تجارياً وثيقاً لرامي مخلوف. على ضوء ذلك تمّ وضعه على لائحة العقوبات الأوروبيّة بين شباط / فبراير 2020 وحزيران 2021، الّا أنّه في 16 آذار/ مارس 2022، رفعت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي العقوبات عن رجل الأعمال السوري اللبناني صبرا، وذلك بسبب عدم إثبات مجلس الاتحاد الأوروبي أن صبرا يدعم النظام السوري ويستفيد منه وفقاً للمعايير المطلوبة.
نقل موقع “intelligence online“، المتخصص بالقضايا الأمنية والاستخبارات، أنّ رفع العقوبات عن صبرا حصل بدعم من الدبلوماسي الفرنسي وسفير باريس السابق في دمشق، شارل هنري داراجو.
إلّا أن الحكم الذي رفع العقوبات عن صبرا نتيجة عدم كفاية الأدلّة، أعاد وذكّر بالدلائل التي على أساسها خضع صبرا للعقوبات من بينها مجموعة مقالات صحافيّة وأبحاث من مواقع متعدّدة، تشير إلى أنّ صبرا يقدم “الدعم المالي والاقتصادي للنظام السوري، بما في ذلك من خلال الشركات الخارجية. كما يستفيد عبد القادر صبرا من علاقاته مع النظام، والتي سمحت له بتوسيع نشاطه في قطاع العقارات. كما أنه متورط في غسيل الأموال والأنشطة التجارية لدعم النظام السوري وشركائه”.
حصل صبرا، المقيم في لبنان منذ عام 2012، على الجنسيّة اللبنانيّة في أيار/ مايو 2018، مع عدد من الرجال المرتبطين بالنظام السوري من بينهم: مازن مرتضى وإخوته وسامر فوز وفاروق جود رئيس غرفة التجارة والصناعة في اللاذقية، “وجميعهم من الموالين والداعمين للنظام والذين يعملون كواجهات تجارية له في الخارج”، بحسب دراسة مركز Pro Justice بعنوان “شبكة رجال الأعمال لتمويل النظام السوري والتحايل على العقوبات الدولية” والصادرة في 2 آب/ أغسطس 2020.
شغل صبرا منصب أوّل رئيس لغرفة الملاحة البحريّة في سوريا منذ تأسيسها عام 2006 وهو أحد المؤسسين لشركة شام القابضة. إضافة إلى ذلك، فهو الرئيس المؤسس لمجلس الأعمال السوري التركي ومالك وكالة صبرا البحرية ومستثمر في قطاع السياحة، فهو الشريك المؤسس لشركة فينيسيا للسياحة، التي كان يمتلك فيها 85 في المئة من رأس المال والتي تأسّست في 5 تمّوز/ يوليو 2012 في مدينة طرطوس السوريّة. وبعدها ببضعة أشهر، منحت وزارة السياحة السورية، بحسب مقال لـ The Syria Report في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، شركة فينيسيا للسياحة عقداً لتطوير وإدارة فندق أربع نجوم في جزيرة أرواد (سوريا)، لمدة 60 عاماً. وكان من المقرر أن يضم الفندق 150 سريراً، وقدرت تكلفة التطوير بنحو 700 مليون ليرة سورية أي نحو 900 ألف يورو في ذلك الوقت.
يوصف صبرا بأنّه أحد أعمدة الاقتصاد في الجمهوريّة وواحد من أكثر 100 رجل أعمال رائد في سوريا. فهو مدير مجلس الأعمال السوري التركي ونائب رئيس مجلس الأعمال السوري الروسي، وقنصل فخري لتركيا في سوريا. تذكر تقارير إعلاميّة عدّة مذكورة في الحكم الأوروبي أنّ صبرا هو السفير الفخري لتركيا في سوريا الّا أنّ صبرا نكر ذلك مؤكّداً أنّه كان القنصل الفخري لتركيا في طرطوس من 1 آذار/ مارس 2009 حتى عام 2020، وأنّ المنصب هو فخريّ بحت ولا ينطوي على أي أهداف اقتصادية وتجارية. في هذا السياق، وصف صبرا دوره كقنصل فخري، بتقديم الخدمات القنصلية والمساعدة لمواطني الدولة التي عينته والمشاركة في تعزيز التجارة بين البلدين، بحسب ما ذكرت وثائق المحكمة ألأوروبيّة.
يمتلك صبرا وكالة صبرا البحرية وشركة AKSSA، وهي شركة نشطة في قطاع النقل البحري، ومتخصصة في إدارة وملكية السفن ولها فرعين في ايطاليا واليونان. بالإضافة إلى ذلك، فصبرا هو المدير العام لمجموعة صبرا Sabra Group، التي تضم ريامار للشحن Riamar Shipping، التي لديها ثماني سفن راسية في ميناء طرطوس. وتعمل Sabra Group أيضاً في قطاع تصدير زيت الزيتون، وهو قطاع ينشط فيه صبرا.
كما أسّس صبرا شركة “ياس مارين” في كل من لبنان وسوريا، التي، وبحسب مقال لـ”رويترز” في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، قامت بتسليم شحنات في فترة منتصف عام 2013 إلى سوريا من موانئ في أوكرانيا وروسيا ولبنان، وتورّطت الشركة في فضيحة سورية تتعلق بسلامة الغذاء.
صبرا كان أيضاً يملك أسهماً في شركة الشام القابضة Cham Holding والتي وُضعت تحت العقوبات نظراً لارتباطها برامي مخلوف، وعندها برّأ صبرا نفسه وانسحب سريعاً من الشركة.
عمل كلّ من صبرا ومخلوف معاً في مجال استيراد المواد الغذائية، بما في ذلك القمح والأرز والسكر والشاي، التي لا يشملها الحظر الأوروبي، وذلك بحسب مقال لجريدة Le Monde الفرنسيّة في 30 أيّار/ مايو 2014.
أسّس صبرا عام 2002 شركة AKSSA (Abdul Kader Sabra Shipping Agency) والتي وصلت لتضمّ 350 سفينة، بحسب مقال لموقع “الاقتصاد” في 27 كانون الثاني/ يناير 2019. الّا أنّه في عام 2012، تمّت مصادرة ممتلكات AKSSA غير المنقولة والمنقولة بموجب القرار رقم 932 الصادر عن وزارة المالية السورية، وفقاً لانتهاك قواعد الاستيراد المتعلقة بالممتلكات المهربة في القضية رقم 208 لعام 2012، وقرّر صبرا عندها تسوية الأمر بعيداً من القضاء، مما أدى إلى رفع أمر الحجز بعد دفع غرامة.
أمّا في لبنان، فيشغل صبرا منصب رئيس مجلس إدارة شركة AK Shipping & Trading SAL Offshore ومساهم في 980 سهماً من 17588 سهماً، وتمّ تسجيل الشركة في 13 كانون الأوّل/ ديسمبر 2011. وتعمل الشركة وفقاً لاحكام المرسوم الاشتراعي رقم 83/46 وتعديلاته ومن بين الأعمال التي تقوم بها عمليات وصفقات يتم تنفيذها خارج الأراضي اللبنانية.
صائب النحّاس: القنصل الفخري والوسيط الديبلوماسي!
قنصل فخري للمكسيك وكازاخستان في سوريا، عرّاب السياحة الدينيّة الشيعيّة إلى سوريا، رجل الأعمال “الشيعي” البارز، الحاج أبو صبيح، أحد أبرز رجال الأعمال الدمشقيين… كلّها مواصفات تدلّ على الشخص نفسه وهو رجل الأعمال السوري الشهير صائب شفيق النحّاس الذي عُرف سابقاً بـ”رجل الاقتصاد الثاني بعد محمد مخلوف، والد رامي مخلوف”.
عند اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، كان النحاس من بين رجال الأعمال الذين دعموا النظام بكثافة ماليّاً ولوجستيّاً بحيث “أصبح فندق “السفير” بمنطقة السيدة زينب في دمشق مكاناً لتجمّع عناصر الميلشيات الطائفية القادمة من العراق ولبنان وإيران، كما حولّ مزرعته على طريق دمشق الدولي إلى معسكر تدريبي لتلك الميليشيات تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني”، بحسب دراسة Pro Justice.
كما وظّف شركته الطبيّة في خدمة برنامج النظام الكيميائي، “ما دفع برئيس المجلس الوطني السابق جورج صبرا إلى تقديم مذكرة للخارجية الأميركية عام 2013، تطالب بوضع صائب
نحاس وشركاته على قائمة العقوبات باعتباره أحد داعمي الأسد البارزين في تصنيع
وإنتاج السلاح الكيميائي”، وفق الدراسة نفسها.
وفي هذا السياق، قال صبرا في مقابلة لموقع “درج”، “نحاس واحد من أوائل أبناء البرجوازية السورية الذين التحموا بالنظام متقاسمين ثروات البلاد شراكة خارج القانون وبعيداً عن أصول الاستثمار وحقوق الدولة. كان شريكاً لرفعت الأسد شخصياً منذ بداية السبعينات حين كان وكيلاً لسيارات بيجو فقط”.
لا بدّ من الإشارة إلى دور النحاس الكبير في العلاقات السوريّة – الإيرانيّة بما فيها علاقة النظام السوري مع حزب الله اللبناني، المصنّف على لائحة الإرهاب. وفقاً لموقع اقتصاد مال وأعمال السوريّين، فإنّ “صائب النحاس كان يدعم بأمواله جميع الأنشطة الشيعية، في لبنان، على وجه التحديد، وبالذات أنشطة حزب الله”.
مع هذا كلّه، أصدر المصرف المركزي السوري، عام 2015، قراراً بالحجز الاحتياطي على أموال النحاس وأولاده نتيجة تهرب نحاس عن سداد قرض يقدر بـ512 مليون ليرة من بنك سورية والأردن والتهرب من دفع غرامات ورسوم لصالح الخزينة العامة، وتهريب بضاعة. وصدر حكم قضائي لصالح حكومة النظام السوري بفرض الحجز الاحتياطي على أموال النحّاس. الّا أنّه في أقلّ من شهر، تمّ التراجع عن هذا القرار ورفع الحجز عنها، فيما عنونته جريدة المدن الالكترونيّة بـ”إيران تنقذ صائب النحاس من أسماء الأسد”، إذ إنّ عدداً من المصادر أشارت إلى أنّ النظام الإيراني تدخّل بشكل مباشر لضغط بالتراجع عن قرار نظراً لقرب علاقة النحّاس بطهران. “لكن اللافت هو التراجع السريع عن القرار الذي اتخذ بحق صائب النحاس، وهو ما يحصل للمرة الأولى منذ بدأ النظام الحملة التي تقودها أسماء الأسد، على الطبقة التقليدية من رجال الأعمال الذين تسيدوا المشهد الاقتصادي في سوريا منذ تسلم النظام الحكم قبل نحو خمسة عقود”، بحسب جريدة المدن الالكترونيّة.
لعب النحاس أدواراً ديبلوماسيّة ضخمة خصوصاً في مجال تحسين علاقات سوريا مع الخارج كان أبرزها بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري عام 2005، فكان له دورٌ في الحدّ من التوتّر في العلاقات بين كلّ من الولايات المتّحدة الأميركيّة وفرنسا من جهة والنظام السوري من جهة أخرى. وعلى ضوء ذلك، تسلّم النحّاس من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وسام جوقة الشرف برتبة فارس. كما لعب دوراً مشابهاً بين أميركا وسوريا بعد حرب تمّوز 2006 في لبنان، بحسب ما تكشف إحدى تسريبات ويكيليكس بتاريخ 6 نيسان/ أبريل 2009، “حيث التقى مسؤولون من السفارة الأميركية بدمشق مع صائب النحاس، وابنه صبيح، في مسعى من الأول لتقريب وجهات النظر بين الأمريكيين والنظام السوري”، بحسب موقع اقتصاد.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ النحاس كانت تربطه علاقة وثيقة بالإمام اللبناني المغيّب والمرجع الديني موسى الصدر، وبحسب موقع اقتصاد، “كان صائب قد نقل إلى موسى الصدر تحذيراً من حافظ الأسد، على لسان عبد الحليم خدام، وزير الخارجية آنذاك، بعدم السفر إلى ليبيا، في عهد معمر القذافي، بعدما دُعي إلى هناك لحضور احتفالات (الفاتح من أيلول)، لكن الصدر أصرّ على الذهاب، ولم يعد بعدها”.
بحسب موقع من هم؟ فالنحّاس هو رئيس مجلس إدارة “شركة المشرق العربي للتأمين- أورينت”، ورئيس مجلس إدارة وشريك مؤسس في كل من “شركة نحاس للآليات والتجارة”، و”شركة نحاس موتورز” و”الشركة الدولية لتجارة الأدوية وصناعة المعقمات”. كما أنه شريك مؤسس في العديد من الشركات السورية. وهي: “شركة نحاس الدولي للسفر” و”شركة نور للاستثمارات التجارية” و”شركة نحاس لأنظمة الكمبيوتر” و”شركة نحاس للسياحة والسفر” و”شركة نحاس أوتوموتيف” و”شركة نحاس للاستشارات الخدمية” و”شركة نحاس وشركاه التقنية للتجارة والتعهدات” و”شركة غدير لحفر الآبار” و”شركةنحاس للنقل السياحي والسفريات” و”شركة نحاس للمصاعد والأدراج المتحركة”، إضافة إلى شركات أخرى. |
يعود نفوذ النحاس إلى عهد حافظ الأسد الذي دعم النحّاس في أعماله التجاريّة وعمل على تعزيز العلاقات التجاريّة مع إيران و”حزب الله”. الّا أنّ الأخير ازدهر وتوسّع في عهد بشّار الأسد لتنتشر أعماله في لبنان والإمارات والعراق والأردن والسودان، بالإضافة طبعاً إلى المكسيك وكازاخستان الذي لعب دور قنصلهما الفخري في دمشق. برغم تضارب المعلومات بخصوص ثروته الّا أنّها تزيد عن الـ 100 مليون دولار أميركي، وبسبب كبر سنّه، يتابع أعماله اليوم ولديه محمد صبيح وهادي.
إبراهيم الأحمد: القنصل الفخري السابق لسوريا في جمهورية مولدوفا يخضع للتحقيق بشبهات فساد ورشوة!
عام 2017، اشتبهت السلطات في مولدوفا بتورّط القنصل الفخري لسوريا في البلاد، إبراهيم الأحمد، في قضية تتعلق بالقنصل العام لجمهورية مولدوفا في اسطنبول، فيتشسلاف فيليب، بحيث يُشتبه أن المسؤول السوري “استخدم نفوذه” للضغط على أشخاص عدّة لتقديم رشاوى لتسريع وثائقهم في قنصلية مولدوفا في اسطنبول. علماً أنّ فيليب اعتُقل مساء يوم 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، في مطار تشيسيناو الدولي وذلك نتيجة تحقيق بدأ من العام 2015 كشف عن مخطّط احتيال قام به، بالتواطؤ مع كلّ من الأحمد وشقيقه، بحسب ما كشف رئيس مكتب المدّعي العام في مولدوفا.
فيليب متهم بابتزاز واستلام الأموال والهدايا في 2012-2016 مقابل تعجيل وتبسيط بعض الخدمات القنصلية لسبعة أشخاص من الأردن ولبنان وسوريا والعراق، بالتعاون مع إبراهيم الأحمد، وشقيقه طلال الأحمد المتهمين بالفساد في قضيّة سابقة، ولأنهّم لعبوا دور الوسطاء وضغطوا على عدد من المواطنين السوريين لدفع رشاوى لاستكمال الوثائق في قنصلية جمهورية مولدوفا في اسطنبول، وتقاضوا من ألف إلى ألفي دولار أميركي جرّاء ذلك.
في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، صرّح كلّ من رئيس مكتب المدعي العام وجهاز المخابرات والأمن (SIS) بأن الأمن القومي يتعرض للخطر بسبب مخطط يحصل من خلاله مواطنو الدول العربية على وثائق الدخول والإقامة على أراضي جمهورية مولدوفا، من خلال مساهمة المسؤولين القنصليين، الذين تتم رشوتهم. وقال ميخائيل بالان، مدير جهاز المخابرات والأمن (SIS)، “اكتشفنا مؤخراً… أن جميع موظفي هذه القنصلية العامة متورطون في أعمال فساد”، وفقاً لتحقيق في موقع Ziarul de Gardă (ZdG) الروماني، في 22 شباط/ فبراير 2019.
وتجدر الإشارة إلى أنّ كلّ من فيليب والأحمد يرفضان التهم الموجّهة ضدّهم ويعتبرون أنّ الملف مركّب، في حين أنّ محاكماتهم تشوبها الكثير من التأجيلات المستمرّة في الجلسات، وفقاً لتحقيق ZdG. ولا يدلّ البحث على الانترنت أنّ هناك أي تطوّرات أو حكم صادر في هذا الشأن حتى اليوم.
أمّا في قضيّة سابقة، في أوائل عام 2015، حقّقت السلطات في جمهوريّة مولدوفا مع القنصل الفخري السوري، إبراهيم الأحمد، وشقيقه، بتهمة استغلال نفوذه واشتباه تورّطه في قضيّة رشوة . جاء هذا بناءً على شكوى قدمتها إحدى سكان العاصمة المولدوفية إلى “المركز الوطني لمكافحة الفساد” في نهاية عام 2014، بحيث قالت الأخيرة أن شقيق القنصل طلب منها مبلغ 1800 يورو، “مقابل مساعدتها في الحصول على وثائق تخول أحد أقاربها المقيمين في سوريا للحصول على تأشيرة دخول إلى مولدوفا”، بعدما أكّد لها شقيق القنصل أنّه نافذ لدى موظّفي الهجرة واللجوء في الجمهوريّة، بحسب مقالات إعلاميّة. بناءً على التحقيق مع الأخوين الأحمد، تمّ احتجاز شقيقه لمدّة 72 ساعة.
بحسب موقع السفارة السوريّة في بوخارست، “تم احداث القنصلية الفخرية للجمهورية العربية السورية في كيشيناو بموجب المرسوم الجمهوري رقم 124 الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد بتاريخ 27/03/2011 القاضي بتعيين السيد ابراهيم الاحمد قنصلاً فخرياً، وبناء على هذا المرسوم تم إصدار البراءة القنصلية وتمت تأدية القسم في مقر سفارة الجمهورية العربية السورية بتاريخ 20/04/2011 في العاصمة بوخارست أمام السيد السفير د. وليد عثمان”.
قناصل على الهامش:
في قصص قد تكون أقل وطأة وأهميّة، الّا أنّها تعكس منهجيّة انتقاء القناصل الفخريّين السوريّين، تظهر مثلاً الحالات التالية:
القنصل الفخري السوري في سيدني – أستراليا، ماهر الدباغ، الذي عقد اجتماع في نيسان/ أبريل 2018، بعد الضربات العسكريّة من قوات التحالف الأمريكي الفرنسي البريطاني على ثلاث منشآت تابعة للنظام السوري. وقال الدباغ عندها أنه كان هناك إجماع لدى الحضور على دعم وتأييد سوريا ضدّ “العدوان الثلاثي، بل السباعي على سوريا، رافضاً أي اتهام باستخدام سوريا للأسلحة الكيميائيّة ومعتبراً “أن دول التحالف عرقلت زيارة كانت ستقوم بها لجنة لاستكشاف الحقائق في دوما والتحقيق في الهجوم الكيميائي المزعوم، وأخرت انطلاقها من بيروت إلى ما بعد الهجوم الذي شنته قوات التحالف على سوريا”. وعبّر الدباغ عن أسفه من الموقف الأسترالي الداعم للغرب.
وفي سياق مشابه، صرّح، عقب “فوز” بشار الأسد في الانتخابات الشكليّة الرئاسيّة في حزيران/ يونيو 2021، “أن الشعب السوري قال كلمته ولم يخضع لضغوط الدول الغربية المعادية لسورية، موجهاً التحية للجيش العربي السوري الباسل الذي يحارب الإرهاب ويحمي الوطن وللشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم أرض سوريا لتحقيق النصر وللجرحى الذين لم تثنهم جروحهم عن المشاركة في مسيرة إعادة إعمار ما دمره الإرهاب”.
والجدير ذكره أنّ رابطة المغتربين العرب السوريين وفعاليات الجالية العربية في سيدني كانوا قد عبّروا عن استيائهم من تعيين الدباغ قنصلاً فخريّاً، مطالبين “في بيان حمل تواقيعهم… بإعادة النظر في قرار السفير السوري في استراليا”.
القنصل الفخري السابق لسوريا في فانكوفر، المحامية سوسن الحبّال، والتي يُعرف عنها قربها من النظام السوري والأسد. ففي آب/ أغسطس 2011، تظاهر أفراد من الجالية السورية في فانكوفر ومنظمة العفو الدولية خارج القنصلية السورية للاحتجاج على انتهاكات الحكومة السورية لحقوق الإنسان، وللمطالبة باستقالة الحبّال.
القنصل الفخري السابق لسوريا في مونتريال، رائد المحكو، تمّ تعيينه في كانون الثاني/ يناير عام 2018. الّا أنّ المجلس التنظيمي الكندي لمستشاري الهجرة وجد في أيّار/ مايو من العام نفسه وجود تضارب في المصالح، فالمحكو هو أيضاً مستشار للهجرة.
نظراً لتولّيه منصب القنصل الفخري، أُجبر المحكو على تعليق عمله كمستشار للهجرة، فصدر في 22 آب/ أغسطس 2019، قراراً من المجلس التنظيمي الكندي لمستشاري الهجرة يقضي بتوقف المحكو عن تقديم خدمات الهجرة الكندية لطالبي اللجوء/ اللاجئين السوريين لمدة عامين من تاريخ القرار.
تبيّن من خلال تحقيق صحافي كندي سابق أنّ المحكو زوّر وجود بعض الأشخاص في كندا من أجل حصولهم على جواز سفر كندي.
واعتباراً من عام 2019، لم يعد هناك أي قنصل فخري من سوريا في كندا.
أرسل فريق “درج” أسئلة للمذكورين في هذا التحقيق، إضافة إلى وزارة الخارجيّة السوريّة وعناوين البريد الالكتروني التابعة للقنصليّات الفخريّة في كندا ومولدوفا والديبلوماسي الفرنسي شارل داراجو، ولكن لم يصلنا أي ردّ حتى لحظة النشر. تجدر الإشارة إلى أنّه تعذّر الوصول لبعض الأسماء.
برغم قصص القناصل المتواطئين مع النظام والمتورّطين بشبهات فساد وأعمال غير قانونيّة و/أو أخلاقيّة، الّا أنّه في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أن كبير الديبلوماسيين السوريين في لندن، قدم استقالته احتجاجاً على الأعمال “العنيفة والقمعية” لنظام الأسد، مؤكّدة عندها أنّ خالد الأيوبي كان أكبر ديبلوماسي سوري يخدم في لندن، وأنّ “رحيله صفعة اخرى لنظام الأسد”. واستقال قنصل سوريا الفخري السابق في كاليفورنيا في الولايات المتّحدة الأميركيّة، حازم الشهابي، من منصبه بعد نحو 20 عاماً في المنصب وذلك عقب مجزرة الحولة في أيّار/ مايو عام 2012. وقال يومها “وصلت إلى نقطة يكون فيها الصمت أو التقاعس غير مقبوليْن أخلاقياً ومعنوياً”
المصدر: درج