لماذا اتهمت أنقرة واشنطن بالتواطؤ في هجوم إسطنبول الذي أسفر عن مقتل 6 أشخاص وجرح العشرات؟ تجيب صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير أعده بن هبارد وشفق تيمور قالا فيه إن السلطات التركية اعتقلت يوم الاثنين امرأة يشتبه في أنها كانت وراء التفجير الدامي الذي وقع في وسط إسطنبول في اليوم السابق قائلة إن مسلحين من الأكراد أرسلوا المرأة إلى تركيا من سوريا لتنفيذ الهجوم.
وأسفر التفجير، الذي وقع الأحد في شارع تسوق مزدحم يكتظ بالأتراك والسياح، عن مقتل ستة أشخاص – جميعهم أتراك – ينتمون إلى ثلاث عائلات مختلفة، وفقا لمسؤولين.
وكان هذا الهجوم الأكثر دموية في تركيا منذ أكثر من خمس سنوات، مما أثار ذكريات مؤلمة للأيام التي كانت فيها التفجيرات التي يشنها الأكراد ومقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية تستهدف المدن التركية في كثير من الأحيان.
واتهمت تركيا الولايات المتحدة بالتواطؤ في الهجوم لأن أمريكا ظلت ومنذ فترة طويلة على علاقة شراكة عسكرية مع ميليشيا يقودها الأكراد في سوريا.
ورفض وزير الداخلية سليمان صويلو، خلال زيارة لموقع الهجوم يوم الاثنين، رسائل تعزية من الولايات المتحدة، قائلا إن ذلك يؤكد مقولة “القاتل يكون من بين أول من يعود إلى مكان الجريمة”.
وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة حليف لتركيا في الناتو، لكن اتهام صويلو بالتواطؤ كان متجذرا في الشراكة الأمريكية طويلة الأمد مع الميليشيات التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا والتي تشكلت لمحاربة الدولة الإسلامية، التي حكمت ما يسمى “الخلافة” في أجزاء من سوريا والعراق لسنوات.
وأشاد المسؤولون الأمريكيون بقوات سوريا الديمقراطية، شريكتهم التي يهيمن عليها الأكراد في سوريا، كمقاتلين موثوقين وفعالين كانوا ضروريين للجهود التي تقودها الولايات المتحدة لتدمير تنظيم الدولة الإسلامية، الذي تم طرده من آخر رقعة له في سوريا في آذار/ مارس 2019.
لكن تلك الشراكة أثارت غضب تركيا، التي تعتبر الميليشيا السورية فرعا من حزب العمال الكردستاني (بي كي كي)، الجماعة الكردية التي تخوض حربا مع الدولة التركية منذ عقود. وتعتبر كل من تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني جماعة إرهابية.
وكتبت السفارة الأمريكية في تركيا على تويتر يوم الأحد أنها “حزينة للغاية” بسبب التفجير. وجاء في بيان السفارة: “نتقدم بأحر التعازي لأسر الذين فقدوا أرواحهم ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين”. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية في بيان إن الولايات المتحدة “تدين بشكل قاطع الإرهاب بجميع أشكاله وتقف متضامنة مع تركيا، حليفنا الذي نقدره في الناتو”. وقالت إن الولايات المتحدة رفضت وشعرت “بخيبة أمل شديدة بسبب تعليقات غير مسؤولة تشير إلى أن الولايات المتحدة لديها دور أو مسؤولية في هذا الهجوم المقيت على المواطنين الأتراك”، وأن الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة تركيا في التحقيق في الهجوم.
وتعرفت شرطة إسطنبول يوم الاثنين على المشتبه بها في التفجير (أحلام البشير) وقالت إنها اعتقلتها ليلا في إسطنبول. وقالت الشرطة إن المشتبه بها عبرت الحدود إلى تركيا بشكل غير قانوني من شمال سوريا لتنفيذ الهجوم، مضيفة أنها تلقت أوامر من كوباني، وهي مدينة كردية في شمال سوريا. وقالت الشرطة إن الانفجار نتج عن ترك كمية صغيرة من مادة تي إن تي في كيس بالشارع.
وقال بيان الشرطة إن السلطات أخذت تسجيلات من 1200 كاميرا أمنية وداهمت 21 موقعا واعتقلت 46 شخصا قبل العثور عليها.
ونفى حزب العمال الكردستاني أي ضلوع له في التفجير في بيان نُشر على الموقع الإلكتروني لجناحه العسكري. كما نفى مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، في تغريدة على تويتر، أي صلة لقواته بالتفجير.
خلال زيارته لموقع التفجير، تعهد صويلو برد تركي دون تفاصيل، وأعرب عن أسفه لتعطيل سنوات من الهدوء. وقال “نشعر بالحرج أمام شعبنا في هذا الشأن”.
وبالنسبة للعديد من الأتراك، أعاد الهجوم الذاكرة إلى أيام متوترة من 2015-2017 عندما كانت مثل هذه الهجمات أكثر شيوعا. وكان من بين القتلى أب وابنته البالغة من العمر 9 سنوات، وزوجان، وأم وابنتها البالغة من العمر 15 عاما، وأصيب أكثر من 80 شخصا، بحسب المسؤولين.
وافتتح شارع الاستقلال، حيث وقع التفجير، يوم الاثنين ووضع الزائرون زهورا حمراء في موقع التفجير.
وفي مدينة أضنة جنوبي تركيا، تجمع مسؤولون حكوميون وأقارب الضحايا في المطار لاستلام جثتي يوسف ميدان، 34 عاما، وابنته إيكرين، 9 أعوام، اللذين قتلا في التفجير بينما كانت الأم داخل متجر قريب. قال الأقارب إن الأسرة كانت في إسطنبول لحضور حفل خطوبة شقيق يوسف. وعندما تم إخراج النعشين من الطائرة ونقلهما الجنود إلى السيارة، بكت الأم ميفليد وقبلت صور زوجها وابنتها. وأثناء دفنها في مقبرة قريبة، توسلت مرة أخيرة لرؤية ابنتها. قالت: “إنها طفلتي.. أريد خصلة من شعرها”.
المصدر: “القدس العربي”