عندما رحل باسل بن حافظ في حادث سير غامض، قام النظام بفرض حالة حداد إجباري طالت كل مناحي الحياة.. و بإيقاف كافة الحفلات و الاعراس و الأغاني.. و امتدت أكثر مما ينبغي و مما هو منطقي
و اذكر أنه في تلك الفترة كانت هناك مبارة كرة قدم دولية مجدولة مسبقاً في دمشق و يومها فاز المنتخب السوري على غير المتوقع.. و بعد اطلاق الحكم صافرته انفجر بركان من البشر في الشوارع من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال راجلين و راكبين و اطلقت السيارات ابواقها حتى الصباح في مظاهرة فرح لم أشهد له مثيلا.. حتى أنا و لم أكن مهتماً بالرياضة وقتها ابداً وجدت نفسي بين الجموع نصرخ ملئ الحناجر..
حاولت أجهزة الأمن أن تسيطر عليها أو تقمعها في البداية لكنها استسلمت للامر الواقع و اكتفت بالمراقبة عن بعد
تلك كانت احدى أهم محطات الاحتجاج و مناهضة ديكتاتورية و ظلم نظام الأب.. و لم تأخذ حقها في التوقيق و التأريخ و التحليل.. مثل جنازة نزار قباني و مظاهرة ثعلب الصحراء..
يومها كانت رسالة الشعب السوري بعبقريته إلى رأس النظام مباشرة و بوضوح مفادها و فحواها: “إذا كان ابنك و وريثك المنتظر قد مات فنحن مازلنا على قيد الحياة”
و في اليوم التالي تم كسر الحداد قصراً و عادت كل مظاهر الحياة الطبيعية..
و نقل لي شخصياً على لسان احد أعضاء مجلس الشعب السابقين أن القيادة و لم يسمي من يعني شعرت بانزعاج شديد لتصرف الجماهير و خروجها دون أوامر..
ما ذكرني اليوم بتلك الحادثة التي وقعت مطلع التسعينات هو هذه الموجة من الفرح الغامر التي تلت فوز الطفلة شام البكور بمسابقة القراءة و التي قد تبدوا أكبر بكثير من حجمها.. لكنها لحظة فرح و تفاؤول نحن بأمس الحاجة إليها و هي أيضا رسالة مهمة جدا لوريث الصدفة “بأننا ما زلنا على قيد الحياة و مازلنا على قيد الأمل..”
و لكنها هذه المرة ليست رسالة داخلية فقط بل دولية للعالم كله الذي تخاذل و تغافل عن قضية الشعب السوري الذي اراد الحياة الحرة الكريمة.. التي يستحقها و لو كره الكافرون
المصدر: صفحة بسام شلبي