قضية انسحاب الفصائل من المحافظات السنية العراقية تثير لغطًا || لا بوادر حقيقية لسعي “الإطار التنسيقي” إلى تنفيذ مطالب “تحالف السيادة”

مؤيد الطرفي

على رغم تأكيد “الإطار التنسيقي” في البرنامج الحكومي الذي تشكلت بموجبه حكومة محمد شياع السوداني، على إنهاء المظاهر المسلحة في المناطق ذات الغالبية السنية في مناطق شمال وغرب العراق وسحب الفصائل الشيعية منها، إلا أن الواقع لا يشي ببوادر حقيقية لتنفيذ هذا التعهد الذي طالب به “تحالف السيادة” الممثل الرئيس للعرب السنّة في البرلمان الاتحادي.

وبعد نحو 10 أيام من تشكيل الحكومة الجديدة وحصولها على ثقة البرلمان، تراجع ملف تواجد الفصائل الشيعية في المناطق السنية إلى أسفل سلم أولويات الحكومة التي بدأت تركز أكثر على الملفات الخدمية والاقتصادية وتعزيز العلاقات الخارجية.

شروط المشاركة

واشترط “تحالف السيادة” الذي يمثل السنّة في العراق، قبول المشاركة في الحكومة إذا وافق “الإطار التنسيقي” على سحب الفصائل والميليشيات الشيعية من المناطق المحرَرة من سيطرة “داعش” وإصدار قانون للعفو العام وعودة سكان ناحية جرف شمال بابل وإخراج الفصائل المسلحة منها.

وتنتشر الفصائل الشيعية في مناطق واسعة من أطراف محافظات كركوك وصلاح الدين والأنبار ونينوى.

إخراج الحشود

وعاد رئيس “تحالف السيادة” خميس الخنجر من جديد إلى التأكيد على ضرورة تنفيذ الاتفاق الذي جرى بين “التحالف” و”الإطار التنسيقي” الممثل لقوى وفصائل شيعية بشأن حل الميليشيات وإخراج الحشود من المدن السنية وغلق المكاتب الاقتصادية للأحزاب.

وحاول الخنجر في كلمة ألقاها بمحافظة نينوى طمأنة سكانها بأن الأمر يمضي قدماً باتجاه تنفيذ هذا الاتفاق، عبر تأكيده مرات عدة على أن “تحالف السيادة” عازم على إخراج جميع “الميليشيات والحشود من المدن ووضعها في معسكرات محددة في حدود المحافظات الشمالية والغربية.

أما على أرض الواقع، فإن هناك رفضاً كبيراً داخل قوى “الإطار التنسيقي” لتنفيذ هذا الاتفاق، بل إن بعضها نفى وجود مثل هذه الاتفاق من أساسه ليؤكد بشكل غير مباشر أن هذا الملف أصبح بعيداً من الحكومة العراقية في الوقت الحالي.

هيئة رسمية

وقال النائب عن “تحالف الفتح” المنضوي في “الإطار التنسيقي”، همام التميمي إن “هيئة الحشد الشعبي تم تشكيلها بموجب القانون وهي مؤسسة أمنية”، متحدثاً عن عدم قبول المناطق السنية بسحب تلك القوات. واضاف التميمي أن “هيئة الحشد مشكلة بقانون وهي مؤسسة أمنية ولديها مهمات وحتى هذه اللحظة لم نصل إلى مرحلة سحب جندي واحد من مكانه”، مبيناً أن “الإطار لن يفرط بسرية مقاتلة واحدة كون أن هذه المناطق بحاجة إليها لمواجهة داعش”.

رفض سني

وتحدث التميمي وهو نائب عن محافظة ديالى، حيث تنتشر الفصائل الشيعية بشكل واسع داخل مدنها، عن رفض المناطق السنية وهي ديالى وصلاح الدين والأنبار لسحب قوات الحشد منها، نافياً وجود وثيقة موقعة بين القوى السنية والإطار على سحب الحشد من تلك المدن.

اتفاق مكتوب

في المقابل، أكد مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل على أن “هناك اتفاقاً مكتوباً بين مكونات تحالف الدولة حول إخراج الفصائل المسلحة من المدن السنية وهو اتفاق ملزم”. واضاف فيصل أن “التصريحات الصادرة عن تحالف السيادة تؤكد وجود اتفاق سياسي  حول موضوع إخلاء المحافظات المحررة من الميليشيات المسلحة وعودة النازحين خصوصاً في منطقة جرف الصخر وغيرها من المناطق السنية، فضلاً عن تحرير المحتجزين في سجون سرية وكل هذه القضايا مثبَتة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الأطراف السياسية المختلفة في تحالف إدارة الدولة”.

الشرطة الاتحادية

وتابع فيصل أن “هذا ليس وعود بقدر ما هو برنامج متفق عليه بين الأطراف السياسة المختلفة ضمن تحالف إدارة الدولة وهو اتفاق ملزم باستبدال الفصائل المسلحة الموجودة في الموصل والأنبار وإحلال الشرطة الاتحادية بدلاً منها”.

وأوضح فيصل أن “الاتفاق يتضمن أيضاً إلغاء الصناديق الاقتصادية في المحافظات الغربية وصلاح الدين والموصل التابعة للأحزاب والميليشيات والتي يُعتبر تمويلها غير قانوني أو شرعي وهي ملزمة التطبيق وليس مجرد وعود شفهية”.

متاجرة سياسية

من جهة أخرى، رأى الباحث بالشأن السياسي علي بيدر أن “تصريح القيادات السنية يدخل في إطار المتاجرة السياسية”، مستبعداً أن يؤثر هذا الأمر في التحالف بين الإطار التنسيقي وتحالف السيادة.

وقال بيدر إن “المجموعات المسلحة داخل المدن السنية تستثمر دورها في زيادة إمكانياتها ونفوذها المالي والأيديولوجي في فرض واقع جديد في تلك المدن”، مشيراً إلى أن “سحب تلك المجموعات من تلك المناطق بحاجة إلى بصمة دولية”. وأضاف بيدر أن “هذا الأمر بالإضافة إلى إعادة النازحين والمغيّبين يدخل في باب الاستعراض السياسي ووسائل الضغط التي تستخدمها بعض الأطراف السنية على صانع القرار داخل البيت الشيعي”.

صعوبة التنفيذ

ولفت المتحدث ذاته إلى أن “الإطار قد يكون قد أعطى تعهدات شفوية لتحالف السيادة قبل تشكيل الحكومة وإذا حدث موعد التنفيذ يحدث انقلاب على تلك الاتفاقات أو الدفع باتجاه موقف معين. ومن الصعب تنفيذ تلك الاتفاقات نظراً إلى القوة التي تتمتع بها تلك الجماعات التي استطاعت غرس جذورها عميقاً”. وبيّن أن “هناك تخوفات شعبية ومجتمعية في حال انسحبت تلك الجماعات من رد فعل داعش، فضلاً عن حصول تصفيات سياسية والاستفراد بالمجتمع من قبل شرائح سياسية سنية تحاول أن تفرض نفسها على المشهد السني”.

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى