أطلق نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، تصريحات وصفت بـ«غير المسبوقة» بخصوص الضربات الإسرائيلية ضد أهداف عسكرية في سوريا، عندما دعا مجلس الأمن إلى رد مناسب على الضربات.
وأضاف بوليانسكي أن بلاده تعتبر أنه من غير المقبول تجاهل الأمم المتحدة نداءات حكومة دمشق حول انتهاك المجال الجوي في سوريا من قبل إسرائيل، معتبراً أنه «من غير المقبول ترك هذه الرسائل دون رد مناسب». وتابع حسب قناة «روسيا اليوم» شبه الرسمية، أن الهجمات الإسرائيلية التي تنتهك المجال الجوي في سوريا والدول العربية المجاورة تعتبر من العوامل الإضافية المزعزعة للاستقرار في سوريا، مشيراً إلى أن دمشق خاطبت مراراً الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بهذا الصدد.
أوساط مواكبة للأوضاع في روسيا قرأت في التصريحات هذه مؤشراً على احتمالية تغيير في موقف روسيا حيال استمرار الضربات الإسرائيلية في سوريا، وآخرها التي جرت ظهر الإثنين الماضي، عندما استهدفت إسرائيل برشقة صواريخ مواقع عسكرية غرب العاصمة السورية دمشق.
ويربط الكاتب والصحافي المختص بالشأن الروسي سامر إلياس التصريحات الروسية الأخيرة بزيادة التوتر مع الاحتلال الإسرائيلي على خلفية ما يجري في أوكرانيا. ويوضح لـ«القدس العربي»، أن روسيا اعتادت على موازنة علاقاتها بكل من إسرائيل وإيران في الأرض السورية، على قاعدة إعطاء الأولوية لأمن إسرائيل، مع الحفاظ على مستويات عالية من التنسيق مع إيران، لكن التصريحات الروسية الاخيرة في مجلس الأمن جاءت بنبرة تصعيدية جديدة ضد كييف.
ويبدو أن روسيا غيّرت مقاربتها، خاصة في ظل الدعم الإيراني لروسيا في الحرب الأوكرانية، وإمداد طهران لموسكو بالمسيرات، وكذلك في ظل مواقف تل أبيب من أوكرانيا، التي تثير غضب الروس. وحسب الكاتب الياس، فإن الدعوة الروسية إلى رد على الضربات الإسرائيلية، تأتي لحمل إسرائيل على تغيير مواقفها في الملف الأوكراني، علاوة على دفعها إلى الامتناع عن تزويد أوكرانيا بمنظومات دفاع جوي مهمة لكييف في مسألة التصدي للمسيرات الإيرانية التي تستخدمها القوات الروسية بكثرة لضرب محطات الطاقة والبنى التحتية الأوكرانية.
ويعكس كل ذلك، حسب إلياس، حالة تردي العلاقات الإسرائيلية – الروسية، مضيفاً: «لكن روسيا تستطيع الرد دون دعوة مجلس الأمن إلى ذلك، لأن الأخير لن يتحرك بهذا الاتجاه بسبب الموقف الأمريكي والأوروبي، علماً أن لدى روسيا منظومات دفاع جوي في سوريا قادرة على الرد». ومهما وصل حال التوتر بين موسكو وتل أبيب، فإنه لن يصل إلى حد دخول روسيا في أي شكل من أشكال المواجهة المباشرة ضد إسرائيل.
وهذا ما يؤكد عليه المحلل السياسي المختص بالشأن الروسي بسام البني، الذي يقول لـ«القدس العربي» إنه ليس من مهمة القوات الروسية الموجودة في سوريا الدخول في مواجهات مع دول مجاورة لسوريا، وخاصة إسرائيل. ويضيف البني أن الدولة السورية هي في حالة حرب مفتوحة مع إسرائيل، كان آخر فصولها في تشرين الأول/أكتوبر عام 1973، مع الأخذ بعين الاعتبار أن إسرائيل تحتل مناطق سورية (الجولان السوري).
وفي قراءته للتصريحات الصادرة عن المندوب الروسي، يقول المحلل السياسي إن العلاقات الروسية – الإسرائيلية في تدهور مستمر بسبب موقف الأخيرة من أوكرانيا، إلى جانب عدم استماع تل أبيب لدعوات موسكو المتكررة بضرورة تحييد سوريا عن الصراع الإسرائيلي – الإيراني، وعدم تحويل هذا البلد إلى ساحة لتصفية الحسابات.
وأشار البني إلى إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في وقت سابق عن استعداد بلاده للتدخل بخصوص التعامل مع هواجس ومخاوف إسرائيل في سوريا، وقال: «لكن إسرائيل لم تستمع لذلك، وتواصل شن الضربات في سوريا، وهذا الأمر يقلق روسيا ولا يتوافق مع مصالحها، ويدفعها إلى المطالبات بوقف الضربات».
المصدر:«القدس العربي»