عاودت قوات النظام السوري استهداف مدينة جاسم في محافظة درعا جنوبي سورية، للمرة الثالثة خلال شهر سبتمبر/أيلول الحالي، بذريعة وجود عناصر من تنظيم “داعش” فيها. وينفي الأهالي هذا الأمر، مؤكدين أن هدف النظام الابتزاز المالي، وإخضاع المدينة كلياً لسلطة أجهزته الأمنية.
ودهمت قوات النظام، فجر أمس الجمعة، منزلاً وعدداً من المزارع على أطراف مدينة جاسم في ريف درعا الشمالي، وتخلل ذلك اندلاع اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، أسفرت عن مقتل عنصر من قوات النظام، ظلت جثته ملقاة بالقرب من مكتب للسيارات عند المدخل الشرقي للمدينة لساعات عدة.
ابتزاز مالي لأهالي جاسم
وقال المتحدث باسم “تجمع أحرار حوران” المعارض، أيمن أبو محمود، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن قوات النظام قصفت بقذائف الدبابات من مواقعها في تل المطوق، السهول والمزارع في منطقة السريا، وهي منطقة زراعية تقع جنوب شرق مدينة جاسم.
وأشار إلى انتشار قوات النظام في تل المطوق والثكنات العسكرية القريبة، حيث قامت بتجهيز عدد من المدافع على قمة التل، في محاولة للضغط على أهالي المدينة.
وأضاف أبو محمود أن “الهدف الحقيقي لضباط النظام، وفي مقدمتهم مسؤول الأمن العسكري العميد لؤي العلي، هو الابتزاز المالي لأهالي المدينة التي يعمل بعض أبنائها في الخليج العربي، ولدى ذويهم مزارع في محيط المدينة يسيل لعاب ضباط النظام لخيراتها”، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن “القاعدة التي بات يمشي عليها النظام في الجنوب، وفي العديد من المناطق السورية الأخرى، تقوم على أن يتولى الضباط المحليون تدبير نفقات قواتهم من المنطقة نفسها، مع أقل التزام مالي من جانب القيادة المركزية لتلك القوات”.
إخضاع المدن الكبيرة في درعا تباعاً
من جهته، قال العميد المنشق أسعد الزعبي، لـ”العربي الجديد”، إن هدف النظام الأساسي من استهداف مدينة جاسم وغيرها من مدن المحافظة، هو “تطويع حوران التي كانت مهد الثورة وشرارتها”.
ورأى الزعبي أن “المشكلة التي تؤرق النظام هي أن حوران ما زالت ثائرة، ولم يتمكن رغم كل محاولاته السابقة، من إعادتها إلى حظيرته”. ولفت إلى أن “النظام لا يستطيع استخدام القوة المفرطة في درعا، لأن ذلك سيفتح عليه جحيم الداخل والخارج”.
وأوضح أن “النظام يعلم أنه لو استطاع إسكات المدن الكبيرة، لسهل عليه الباقي، وعندها يتمكن من التفرغ لمحافظة السويداء التي لم يستطع إخضاعها أيضاً إلى الآن”. ورأى الزعبي أن حوران “أظهرت، وما زالت تظهر، مدى ضعف النظام وهشاشته برغم جميع أساليبه الرامية إلى بث الفتن وتفتيت المجتمع المحلي، عبر الاغتيالات والاعتقالات ونشر المخدرات”.
ولفت إلى انشغال ضباط النظام بجمع الأموال من أهالي حوران “لأن النظام يعلم أن أبنائهم يرسلون لهم حوالات من الخارج، وهو يستخدم لجمع الأموال أكثر من عشرين طريقة، ومنها الضغوط العسكرية والأمنية”.
وكانت قوات النظام أرسلت مطلع سبتمبر الحالي تعزيزات عسكرية انتشرت في نقاط عدة في محيط مدينة جاسم، شملت مئات العناصر، وآليات ثقيلة، تمركز بعضها في منطقة الصيرة شمالي جاسم، وفي بعض المزارع غربي المدينة.
وفي السابع من الشهر الحالي، عقد وجهاء وقادة من المدينة، اجتماعاً مع رئيس فرع الأمن العسكري لؤي العلي وبرفقته محافظ درعا لؤي خريطة، في مقر المركز الثقافي بمدينة جاسم.
وهدف الاجتماع إلى التوصل لاتفاق ينهي التصعيد، بعد رفضهم الاجتماع في مدينة درعا، نتيجة عدم الثقة بقوات النظام التي اغتالت في شهر أغسطس/آب الماضي خلدون الزعبي، أبرز القادة المحليين في مدينة طفس المجاورة مع عدد من مرافقيه، بعد خروجهم من اجتماع مع لؤي العلي في مدينة درعا.
وذكرت مصادر محلية في حينه، أن لؤي العلي طلب من الوجهاء إخراج من سماهم بـ”الغرباء” من مدينة جاسم، خلال الاجتماع الذي لم يستمر لأكثر من نصف ساعة. في المقابل، نفى الوفد المحلي المفاوض صحة ما ادعاه العلي، وطالبوه باعتقال كل من يثبت وجوده من هؤلاء “الغرباء” في المدينة.
وكانت وقعت في مارس/آذار الماضي، اشتباكات بين مقاتلين محليين في جاسم وعناصر من فرع أمن الدولة حاولوا التقدم في الحي الغربي للمدينة، حيث تمكن حينها المسلحون المحليون من قتل 6 منهم، وتدمير عدة آليات، قبل أن يتدخل عناصر “اللواء الثامن” المدعوم سابقاً من روسيا للتهدئة.
وتأتي التطورات في مدينة جاسم بعد انتهاء قوات النظام الشهر الماضي من حملة مشابهة على مدينة طفس غربي المحافظة، حيث حاصرت المدينة وقصفتها بقذائف الهاون، بحجة البحث عن مطلوبين. كما أغلقت الطريق الواصل بينها وبين مدينة درعا، ما تسبب في خسائر كبيرة للمزارعين بسبب منعهم من الوصول إلى أراضيهم في موسم الحصاد، وذلك قبل أن تنسحب تلك القوات في 18 أغسطس من محيط المدينة بموجب اتفاق توصلت إليه لجنة التفاوض في طفس مع لجنة النظام الأمنية.
المصدر: العربي الجديد