نال رئيس جهاز المخابرات العراقي السابق مصطفى الكاظمي ليل الأربعاء – الخميس ثقة البرلمان رئيساً جديداً للوزراء، بعد خمسة أشهر من الشغور في بلد يعيش أسوأ أزماته الاقتصادية و#رئاسةالاجتماعية.
وحضر 255 نائباً من أصل 329 الجلسة، التي منحوا فيها الثقة لـ15 وزيراً في حكومة مؤلفة من 22 وزيراً. وتم تأجيل التصويت على وزارتي النفط والخارجية، رغم أنّ العراق يمرّ حالياً بالأزمة الاقتصادية الأقسى في تاريخه مع انخفاض إيراداته النفطية بخمسة أضعاف خلال عام واحد.
وأمام نواب يرتدون كمامات وقفازات في زمن كورونا، أدى الكاظمي (53 سنة) اليمين الدستورية مع وزرائه.
واعتباراً من صباح الخميس، سيتعين على الحكومة الجديدة العمل على طمأنة العراقيين الذين يرزحون بين البطالة التي أنتجها الحجر الصحي والحظر الكامل، وإيرادات النفط التي انخفضت بخمسة أضعاف خلال عام واحد، ومقترح بغداد بطباعة العملة، ما يثير مخاوف من أن تفقد قيمتها.
حكومة حل
وقال الكاظمي في كلمة له أمام النواب إن الحكومة الجديدة هي حكومة حل وليست حكومة أزمات، مؤكداً رفض استخدام العراق ساحة للاعتداءات. كما شدد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة.
وكشف أن حكومته تنوي التحضير لإجراء انتخابات مبكرة ونزيهة، وأن الغاية إقامة علاقات أخوَّة وتعاون مع الأشقاء العرب والجيران والمجتمع الدولي، بحسب تعبيره.
ولخص عناوين “أولويات الحكومة”، بـ”تطوير المؤسسات الحكومية وإصلاحها، ومعالجة التحديات الاقتصادية والمالية وركائز العلاقات الخارجية ومكافحة الفساد والعدل معياراً للدولة الناجحة والاحتجاج السلمي كطريق لإرشاد الدولة والحكومة الاتحادية وإقليم كردستان والمحافظات”.
وأكد الكاظمي أن “سيادة العراق وأمنه واستقراره وازدهاره مسارنا”. وأضاف أنه سيعطي الأولوية للتصدي لفيروس كورونا، الذي أصاب أكثر من 2000 عراقي وأودى بحياة أكثر من 100، ومحاسبة قتلة المحتجين في المظاهرات المناهضة للحكومة خلال الشهور الماضية.
وأوضح الكاظمي على حسابه في “تويتر” “اليوم، منحَ مجلس النواب الموقر ثقته لحكومتي، وسأعمل بمعيّة الفريق الوزاري الكريم بشكل حثيث على كسب ثقة ودعم شعبنا. امتناني لكل من دعمنا وأملي ان تتكاتف القوى السياسية جميعاً لمواجهة التحديات الصعبة”.
وقبل الجلسة، أكد ائتلاف “دولة القانون” موقفه الرافض من المشاركة في “حكومة لا تمتلك كل المقومات لإنتاج حكومة متماسكة قادرة على التصدي للأزمات بفريق مهني”. وذكر الائتلاف في بيان: “قررنا الانسحاب من جلسة مجلس النواب لهذا اليوم وعدم المشاركة في التصويت على الكابينة الوزارية”.
وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد كلّف الكاظمي، في أبريل (نيسان) الماضي، بتشكيل الحكومة.
قلب الصفحة
ومن خلال تغيير الحكومة تريد بغداد قلب صفحة عهد عادل عبد المهدي التي استمرت لعام ونصف العام.
وكان يفترض أن يكون عبد المهدي (77 سنة)، المستقل الذي لا يملك قاعدة حزبية أو شعبية رجل الاجماع الذي يتفرغ إلى إعادة إعمار البلاد التي دمرتها الحرب ضد تنظيم “داعش” بين عامي 2014 و2017.
لكنه أصبح في ديسمبر (كانون الأول) 2019، أول رئيس حكومة يترك منصبه قبل نهاية ولايته، في عراق ما بعد العام 2003، واستقال تحت ضغط المتظاهرين المناهضين لحكومته بعد مقتل أكثر من 400 منهم خلال شهرين.
وكان الكاظمي ثالث محاولة لاستبدال عبد المهدي وإخراج البلاد من مرحلة ركود سياسي عمقتها بوادر أزمة اقتصادية في ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في منظمة أوبك، بعد محاولتين فاشلتين مع محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي.
والكاظمي ليس شخصية جديدة مطروحة على طاولة السياسة العراقية. فقد كان اسم رئيس جهاز المخابرات العراقي وارداً منذ استقالة حكومة عبد المهدي في ديسمبر الماضي، وحتى قبل ذلك بديلاً لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في 2018.
لكن عوامل عدة حالت حينها دون نيله التوافق، خصوصاً مع وصفه من بعض الأطراف الشيعية على أنه “رجل الولايات المتحدة” في العراق.
وسيرث الكاظمي أيضاً ميزانية للعام 2020 لم يتم التصويت عليها أبداً. ومع الانهيار الكبير للنفط، مصدر الدخل الوحيد في البلاد، ستكون الحكومة الجديدة، حكومة تقشف.
المصدر: اندبندنت عربية