يبدو رئيس هيئة المفاوضات التابعة للمعارضة السورية بدر جاموس، مطمئناً في مقابل المخاوف من تغيّر في الموقف التركي من القضية السورية، مؤكداً أن أنقرة لن توظّف موضوع اللاجئين السوريين على أراضيها سياسياً، مشدداً على أن المعارضة السورية متمسكة بالحل القائم على قاعدة القرارات الدولية، وأبرزها القرار 2254 والذي ينص على انتقال سياسي.
حديث صريح مع جاووش أوغلو
ويؤكد جاموس، في حوار مع “العربي الجديد”، أن وفد المعارضة السورية الذي التقى قبل أيام وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو في العاصمة التركية أنقرة، “لمس مواقف إيجابية” منه، مضيفاً: “كان الحديث واضحاً وصريحاً، وعبّرنا عن مخاوف وقلق المعارضة من أي عملية تخرج عن إطار قرارات مجلس الأمن، خصوصاً القرار 2254”.
وكان الوفد الذي ضمّ رئيس الائتلاف الوطني السوري سالم المسلط، ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، وبدر جاموس، قد التقى وزير الخارجية التركي بعد إعلان أنقرة مقاربة جديدة للقضية السورية من خلال فتح مسار تقارب مع نظام بشار الأسد.
وأثار جاووش أوغلو غضب الشارع السوري المعارض أخيراً بدعوته إلى “مصالحة” بين المعارضة والنظام. كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال بعدها إنه “يتوجب علينا الإقدام على خطوات متقدمة مع سورية”، وهو ما ولّد مخاوف لدى السوريين من تقارب بين أنقرة ودمشق على حساب قضيتهم.
ولكن جاموس يشدد، في حديثه لـ”العربي الجديد”، على أن وزير الخارجية التركي أكد خلال اللقاء أن بلاده مع تنفيذ القرار الدولي 2254، وأنها “لن تخذل الشعب السوري والمعارضة السورية”. ويتابع: “تركّز الحديث على الحل السياسي وضرورة تفعيل عمل هيئة التفاوض المعنية بالملف التفاوضي مع النظام، وكان هناك تطابق في وجهات النظر حول الحل السياسي. نحن متمسكون بالحل على قاعدة 2254 والانتقال السياسي”.
كما يؤكد جاموس أن موضوع التطبيع بين الجانب التركي والنظام السوري “ليس مطروحاً كما هو متداول”، مضيفاً: “موقف المعارضة السورية واضح، وتكرره في كل لقاء واجتماع مع الحلفاء ومع الأصدقاء. لن يكون هناك حل سياسي من دون شرعية الأمم المتحدة والقرار 2254، وما دون ذلك لن ينهي المأساة السورية”.
جاموس الذي تسلّم في يونيو/حزيران الماضي مهامه رئيساً لهيئة التفاوض، التي تضم منصات المعارضة السورية، يصف تركيا بـ”الحليف القوي للمعارضة السورية”، مضيفاً: “خلال السنوات الـ11 الماضية كان وما يزال التنسيق مستمراً مع الجانب التركي. تركيا هي الدولة الأكثر تحمّلاً لموضوع اللاجئين السوريين”.
وانبثقت هيئة المفاوضات السورية عن اجتماعات منصات المعارضة السورية أواخر عام 2015 في العاصمة السعودية الرياض، والتي هدفت إلى تشكيل مرجعية سياسية واحدة للمعارضة للتفاوض مع النظام.
وحول موضوع اللاجئين السوريين والذي بات حديث الشارع التركي في الآونة الأخيرة، يقول جاموس: “نسمع حرص تركيا على ألا يكون هناك توظيف سياسي لموضوع اللاجئين”.
وتستضيف تركيا نحو 4 ملايين لاجئ سوري منذ سنوات، تحوّلوا إلى ورقة سياسية تعمل أحزاب المعارضة التركية على استغلالها قبل نحو تسعة أشهر من الانتخابات المقررة في البلاد، وهو ما يدفع الحكومة التركية للبحث عن حلول لإعادة عدد كبير من هؤلاء اللاجئين إلى الشمال السوري.
النظام السوري يعرقل الحلّ السياسي
في سياق آخر، وعن فشل العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة حتى اللحظة في إحداث أي تقدّم باتجاه إبرام اتفاق بين النظام والمعارضة السورية، يردّ جاموس ذلك إلى أن “النظام يريد عرقلة الحل السياسي بأي طريقة”، مضيفاً: “هذا يؤكد رؤيتنا منذ البداية أن النظام غير مستعد للحل السياسي، وغير مقتنع به”.
ويؤكد جاموس أن المعارضة يهمها التفاوض مع النظام “تحت سقف الأمم المتحدة كضامن”، مشيراً إلى أنه “حتى الآن لا حديث عن نقل مكان التفاوض مع النظام من مدينة جنيف السويسرية”، متابعاً: “سويسرا أبلغت الجانب الروسي بعدم وجود أي عراقيل لوجستية في حضور الوفود الروسية، لكن المسألة تكمن في مماطلة من النظام الذي يريد نسف الحل السياسي”.
وكان مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، قد ذكر في يوليو/تموز الماضي، أن بلاده تريد نقل موقع المفاوضات حول الدستور السوري من جنيف، مضيفاً: “الموضوع ليس تقنياً ولوجستياً فقط، وإنما له طابع سياسي، في ظل العقوبات السويسرية ضد روسيا، وفي هذه الأجواء يصبح من الصعب علينا العمل هناك”.
ويبيّن جاموس أن “مسار اللجنة الدستورية متوقف بسبب النظام وداعميه”، مشيراً إلى أن هيئة التفاوض ليست بصدد تغيير شخصيات في وفدها إلى مفاوضات هذه اللجنة. وعقدت هذه اللجنة المشكّلة من النظام والمعارضة والمجتمع المدني ثماني جولات، كان آخرها في مايو/أيار الماضي، إلا أنها لم تحقق أي تقدّم بسبب تعنّت النظام ورفضه تسهيل مهام الأمم المتحدة في كتابة دستور جديد تجري على أساسه انتخابات.
وعن تقييمه لأداء المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، والذي بدأ منذ أيام تحركاً لإحياء العملية السياسية، خصوصاً لجهة استئناف التفاوض حول الدستور، يشير جاموس إلى أنه خلال مسار الثورة “تغيّر ثلاثة مندوبين دوليين، ولم يتبدل شيء في العملية السياسية”، مضيفاً: “المسألة ليست بتغيير المبعوث بقدر ما هي دعم الدول المعنية بالملف السوري للمبعوث الدولي من أجل إنجاز مهمته”. غير أنه يتمنّى “أن يكون المبعوث الدولي غير بيدرسن أكثر حسماً ووضوحاً، وتحديد الجهة المعطّلة للعملية السياسية”.
ويدحض جاموس الاتهامات الموجّهة للمعارضة بـ”تمييع القضية السورية وإفراغها من مضمونها”، من خلال أداء سياسي مترهل، مؤكداً أن “المعارضة تعمل بكل ما هو متاح من أجل ثورتنا”. ويضيف: “لن نترك باباً دولياً إلا ونطرقه، ولن نترك محفلاً إلا ونشارك به، لن نيأس وسنبقى نعمل سياسياً من أجل مصلحة الشعب السوري وتحقيق تطلعاته ببناء دولته”.
ويدعو السوريين إلى “الوقوف إلى جانبنا في هذه المرحلة الحساسة من مسار الثورة، فلا يفيدنا إلقاء التهم واللوم على طرف. هذه قضية كل الشعب السوري والكل يتحمّل المسؤولية”. ويعد الشعب السوري بـ”ألا ندخر أي جهد”، مضيفاً: “هناك تحركات سياسية في المرحلة المقبلة لدفع العملية السياسية المتوقفة”.
المصدر: العربي الجديد