تعيش مناطق سيطرة النظام السوري أزمة معيشية واقتصادية غير مسبوقة، سببها استمرار حكومة النظام برفع أسعار السلع الغذائية، فضلاً عن تأخر وصول رسائل الغاز، واستمرار تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي، إذ تخطى الدولار الواحد عتبة الـ 4200 ليرة سورية.
ويرى سكان في العاصمة دمشق أنَّ النظام السوري تخلى عن سياسة الدعم الاجتماعي دون قدرته على ضبط الأسعار وزيادة متوسط الرواتب والأجور، إذ ما زال متوسط راتب الموظف الحكومي لا يتجاوز الـ 100 ألف ليرة (23 دولاراً أميركياً).
وتشير تقديرات برنامج الأغذية العالمي إلى وجود 1.3 مليون سوري يعانون انعدام الأمن الغذائي الشديد، و12.4 مليونا يعانون انعدام الأمن الغذائي. وباتت سوريا تصنف الآن بين أكثر 10 دول تواجه انعدام الأمن الغذائي على صعيد العالم، بحسب وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة جويس مسويا خلال جلسة لمجلس الأمن بتاريخ 25 شباط من العام الجاري.
أزمة مواصلات
يقول صفوان (41 عاماً) العامل في بقالية خضراوات في سوق باب سريجة الدمشقي لموقع تلفزيون سوريا “يكفي أزمة المواصلات التي نعيشها يومياً والتي تكلفنا أكثر من نصف دخلنا”. مضيفاً أنَّ دخله اليومي لا يتجاوز الـ 10 آلاف ليرة.
ويوضح العامل الأربعيني الذي يسكن في حي كفرسوسة أنه لولا مساعدة الجمعيات الخيرية لعائلته لما استطاع “أكل خبز حاف” وفقاً لتعبيره.
ويعاني السكان من عدم توفر المواصلات ومن تحكم سائقي النقل بأجرة التنقل وزيادتها، فضلاً عن عدم تزويد سائقي السرافيس بمادة المازوت يومي الجمعة والسبت ما يحمل السكان أعباء مالية إضافية.
لا بيع ولا شراء في أسواق دمشق
في حين يرى حسين (36 عاماً) وهو يعمل في سوق الهال بالزبلطاني، أنَّ حركة البيع والتحميل من السوق خفت كثيراً لدرجة أن أنواعا عديدة من الفواكه والخضر تبقى كما هي. ويقول في حديثه لموقع تلفزيون سوريا “سوق الهال فاضي على أمل تحسن السعر”.
ويستدرك قائلاً “هناك فروق أسعار كبيرة بين سوق الهال وبين محال بيع الخضر والفواكه، إذ يبلغ سعر كيلو الخيار 600 ليرة في سوق الهال، بينما يتجاوز الـ 1200 ليرة في أغلب المحال، وكذلك الحال بالنسبة للبندورة وغيرها من السلع الغذائية”.
غلاء المحروقات
ويعزو خبير اقتصادي مقيم في دمشق، هذه الفروقات لارتفاع أسعار النقل من جراء غلاء المحروقات وارتفاع سعرها في السوق السوداء. مضيفاً لموقع تلفزيون سوريا ـ طلب عدم ذكر اسمه ـ أنَّ الخاسر الأكبر من هذه الفروقات هم مزارعو الخضر والفواكه الذين يبيعون منتجاتهم بالجملة وبأسعار متدنية، في حين تكون أسعارها مرتفعة خارج سوق الهال.
وعليه، يضطر المزارعون في بعض الأحيان إلى تأخير قطاف محاصيلهم ريثما يتحسن السعر، كي يتمكنوا من بيعها بأسعار تتناسب مع تكاليف زراعتها وشحنها من مزارعهم إلى سوق الهال، كما قال الخبير الاقتصادي. مشيراً، إلى أنَّ ما يحدث عبارة عن لعبة تجار تتحكم بالسوق وبالسعر.
ورغم انخفاض أسعار أغلب السلع الغذائية في سوق الهال، فإن كثيرا من السكان لا يذهبون إلى السوق للشراء بسبب عدم توفر وسائل النقل وغلاء أجور التكاسي، وكذلك انخفاض قدرتهم الشرائية، فضلاً عن انعدام قدرتهم على تخزين كميات كبيرة بسبب انقطاع الكهرباء لأكثر من 20 ساعة في اليوم، بحسب سكان التقاهم تلفزيون سوريا.
تخفيض المشتريات
كذلك خفض عدد من أصحاب المحال فاتورة مشترياتهم من سوق الهال للخضر والفواكه إلى أكثر من النصف.
ويقول أبو صبحي، 62 عاماً، وهو صاحب محل خضرة في سوق باب سريجة لموقع تلفزيون سوريا “كنت أُحمل سيارة سوزوكي كاملة من سوق الهال بالخضر والفواكه يومياً”، إلا أنه منذ ما يقارب الثلاثة أشهر خفض مشترياته إلى أكثر من النصف، وأصبح يشترك مع ثلاثة محال في حمولة سيارة واحدة تخفيفاً لأجرة النقل عليهم.
زيادة تقنين الكهرباء
وتشهد أحياء عدة في دمشق وريفها انقطاعاً للكهرباء بسبب زيادة التقنين الكهربائي ووصوله في بعض المناطق لأكثر من 20 ساعة، رغم ادعاء حكومة النظام بتحسن واقع التغذية الكهربائية.
وهنا، يشتكي أصحاب محال الألبان والأجبان من ارتفاع تكاليف عملهم بسبب انقطاع الكهرباء الطويل واضطرارهم إلى تشغيل مولدات الكهرباء لساعات طويلة حفاظاً على بضاعتهم من “أن تفسد”، خصوصاً في ظل موجة الحر الحالية بحسب تعبير عدد منهم التقاهم تلفزيون سوريا.
تأخر رسائل الغاز في دمشق
ليست فقط الكهرباء من يعيق عمل بعض أصحاب المهن والسكان في دمشق، إنما تأخر رسائل الغاز وارتفاع سعرها في السوق السوداء حيث تتوفر بكميات كبيرة. وقال صاحب محل النحلاوي للألبان والأجبان في باب سريجة لموقع تلفزيون سوريا “نحصل على أسطوانة الغاز الصناعي بسعر 165 ألف ليرة كي نصنع بضاعتنا”.
وأضاف، تظن الناس أننا نرفع الأسعار من أجل “زيادة أرباحنا فقط”، بينما الحقيقة “نرفع السعر كي نبقى نعمل ونطعم عائلاتنا الخبز”. مؤكداً أن حكومة النظام تقوم فقط بتسيير دوريات التموين لتكشف على منتجاتنا فقط وإن كانت غير فاسدة، متناسية تقصيرها في توفير الحد الأدنى من الدعم لهذا القطاع.
وفي ظل هذا الواقع، فقد كثير من سكان دمشق وريفها قدرتهم الشرائية وسط تدهور سعر صرف الليرة من جراء سياسات النظام الاقتصادية التي بدأت ترفع الدعم عن مختلف الشرائح الاجتماعية دون وجود مظلة حماية اجتماعية تقي السكان من خطر الوقوع في المجاعة، بحسب قول الخبير الاقتصادي.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا