لن تنسى الذاكرة الثورية السورية تلك المظاهرات المليونية التي عمت معظم المدن السورية وكانت مظاهرة مدينة ابي الفداء حماة الباسلة أولها، والتي انطلقت في الشهر السابع من عام 2011.
تلك المظاهرات التي ارعبت سلطة العصابة الاسدية وهزت أركانها ومن كان يحتضنها من القوى الدولية صانعة النظام الدولي السائد نظام الاستعمار الناعم والذي عرته لاحقا بكل جرأة مفاعيل الثورة السورية العظيمة.
ولن تنسى أيضاً ذاك التصريح الشهير للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أعلن فيه أن حماة خط أحمر، حيث كان لهذا التصريح مفعول السحر القادم من فضاء التاريخ العربي الإسلامي العابق بنشوة الانتصار، والسيادة، والعدل والإنسانية.
مما منح تلك المظاهرات جرعات لا تنسى من زخم الانطلاق، وقوة التحدي، وطعم الحرية والانعتاق.
ومن غريب الصدف اليوم، أن يأتي تصريح وزير الخارجية التركي السيد تشاوش أوغلو الأخير الموحي بانعطافة لافتة في موقف حكومته تجاه الثورة السورية والملف السوري.
والذي ألفناه طوال أحد عشر عاماً مضت في الشهر السابع من عام 2022 أيضاً.
ولن تنسى الذاكرة الثورية ايضاً، أن أحد عشر عاماً من عمر الثورة وما اعتراها من أحداث كان محورها مزيداً من القتل والتدمير والتهجير، وصراعات وتناقضات، ومداهنات ونفاق دولي وشروخ فاضحة، بين القرارات الدبلوماسية والسياسية وبين الواقع والممارسة على الأرض.
بين هذين المنعطفين يتأكد لنا اليوم كثوار أخذوا على عاتقهم مسؤولية تحرير وطنهم وشعبهم، أن ثورتنا العظيمة كانت وستبقى الكاشف الحاد لبنية العلاقات الدولية وصراعاتها وأساليبها اللاأخلاقية التي يفرضها أرباب هذا النظام على الدول الأخرى، لابتلاع الدول الضعيفة والشعوب المسالمة.
اذ دفع كل ذلك وطننا السوري إلى مبضع ما يستروا هذا النظام ملقياً إياه نازفاً في غياهب التفكك والفوضى والاحتراب مهدداً إياه بالزوال والتلاشي.
أخيراً..
وأمام هذا المشهد المتخم بالدم والبربرية والتوحش، وخطورة حال الذبيحة الراهن، لابد أن نستدعي صفحات التاريخ الناصعة التي تؤكد غلبة الشعوب وحقها في التحرر وإثبات ذاتها وكينونتها، وأن تلتفت ثورتنا السورية أكثر من أي وقت مضى لمعالجة أمراضها وعيوبها وأن تستمر في نهج الاعتماد على الذات، تحت عناوين السيادة والاستقلال ومواصلة العمل على إنتاج نخب بديلة تتمكن من إدارة أمورها ودفعها إلى الانتصار وتحقيق أهدافها في التحرر والكرامة.