حتى يوم الثلاثاء، كانت تركيا الدولة الوحيدة في حلف شمال الأطلسي “الناتو” التي تقف عائقا أمام انضمام السويد وفنلندا إلى التحالف، متهمتهما بإيواء مقاتلين في “حزب العمال الكردستاني” الذي تصنفه أنقرة “منظمة إرهابية”.
لكن هذا الرفض انتهى بتوقيع مذكرة تفاهم بين الدول الثلاث، وقالت أنقرة إنها “حصلت على ما أرادت” من خلالها، وسحبت اعتراضها على انضمام الدولتين للحلف، في خطوة توقع مراقبون أن تكون “مخيبة للآمال” لموسكو.
ويوسع الانضمام المحتمل للحلف الحدود المشتركة بين “الناتو” وروسيا من حوالي 700 كيلومتر إلى أكثر من 1900.
ويقول الخبير في معهد واشنطن، ديفيد بولوك، لموقع “الحرة” إن موافقة تركيا على انضمام السويد وفنلندا “أمر مخيب للآمال بالنسبة لروسيا”.
لكن بولوك يقول إنه لا يعتقد أن موسكو سترد “ردا كبيرا” على ما جرى، لأن “المفاجأة الحقيقية كانت تقدم السويد وفنلندا للحصول على عضوية الحلف من البداية”.
ويعتقد بولوك أن روسيا “تريد أن تكون أكثر حذرا بشأن رد فعلها بشكل أساسي لأنها لا تريد دفع تركيا إلى الابتعاد أكثر عنها ولا تريد استفزاز “الناتو” بشكل أكبر مما حصل حتى الآن خاصة أن هناك دولا أخرى مثل مولدوفا تريد الانضمام أيضا وهي على حدود روسيا كذلك”.
“توسعة” الحلف ومخاوف موسكو
في بداية غزو أوكرانيا، طالبت روسيا حلف “الناتو” بالتعهد بعدم توسعة أراضيه، وقالت إن أحد الأسباب الرئيسية لما يسميه الكرملين “عملية عسكرية خاصة” في أوكرانيا هي التخلص من التهديد الذي يمثله توسع “الناتو” على الأمن القومي الروسي.
ويقول بولوك إن “الروس يفهمون الآن أن تهديداتهم كان لها تأثير معاكس لما أملوه”.
ويعتقد المحلل الأميركي إن موسكو سوف “تصدر بيانات تقول إنهم سيدافعون عن حدودهم وما إلى ذلك لكن هذا سيكون بروباغندا فقط”.
وفي بداية يونيو، قال القائد السابق للقوات البحرية الأميركية في أوروبا، الأدميرال المتقاعد جيمس فوغو، لموقع “ديفينس نيوز” إن السويد لديها “بحرية رائعة”، بذراع جوي وسفن من فئة “فيسبي” المتخصصة في الحرب ضد الغواصات والألغام.
وقال مسؤولو دفاع وخبراء في الأمن القومي للموقع حينها إن قوات البلدين المسلحة وجغرافيتهما “ستمنعان أي عدوان آخر قد ترغب روسيا في تجربته بالمنطقة”.
وتقع جزيرة غوتلاند السويدية في بحر البلطيق، على بعد 160 كيلومترا تقريبا من ستوكهولم، وتبعد كذلك 320 كيلو مترا من كالينينغراد التي تضم مقر أسطول بحر البلطيق الروسي.
وحصلت السويد على نظام الدفاع الجوي طويل المدى “باتريوت” وتخطط لمضاعفة ميزانيتها الدفاعية، بينما طلبت فنلندا مؤخرا 64 طائرة من طراز F-35 في صفقة قيمتها 10 مليارات دولار.
وقال المسؤول السابق في حلف “الناتو”، ويليام ألبيركي للموقع، إن “انضمام فنلندا يعني أن مجال المغامرات الروسية في دول البلطيق قد انتهى إلى الأبد”.
وأضاف:” من وجهة نظر روسيا، فإن انضمام فنلندا إلى الناتو بمثابة كارثة”.
وتقع شبه جزيرة كولا الروسية، حيث توجد غواصاتها النووية والبحرية القطبية الشمالية، على حدود فنلندا من الغرب، وهذا يعني أنها ستصبح فجأة عرضة للحلف، مثلها مثل سان بطرسبيرغ.
وعن ذلك يقول ألبيركي:” في الوقت الحالي، لدى الروس الكثير من القوات هناك في مواجهة النرويجيين، لكن يمكن لفنلندا قطع الرابط الرئيسي لشبه جزيرة كولا بضربه شرقا”.
لماذا في هذا التوقيت؟
وعارضت تركيا بشدة في البداية انضمام البلدين، وقالت إنها تريد ضمانات بشأن توريدات أسلحة كانت قد حظرت على أنقرة بسبب تدخلها في سوريا، وتحدثت أيضا عن وجود قيادات في “حزب العمال الكردستاني” في الدولتين، وفقا لتركيا.
ورغم أنها اعلنت موافقتها على إجراءات الانضمام، لا تزال تركيا تحتفظ بعلاقات جيدة مع روسيا، وتبادل مسؤولو البلدين الزيارات مؤخرا.
ويقول المحلل والخبير السياسي بولوك لموقع “الحرة” إنه يأمل ألا تعني مذكرة التفاهم حصول أنقرة على ضوء أخضر لعملية جديدة في سوريا ضد الأكراد لأن ذلك “سوف يخلق مشاكل جديدة للولايات المتحدة وروسيا وكل المنطقة”.
وقال البيت الأبيض إن تركيا لم تطلب أي ضمانات خاصة من الولايات المتحدة للموافقة على انضمام البلدين للحلف.
لكن بولوك يقول “انا لا أستطيع إبعاد هذا الاحتمال الآن وأنا قلق من أنه لا يزال قائما”.
المصدر: الحرة. نت