أكدت تركيا أنها ستواصل الأعمال المتعلقة باستكمال المنطقة الأمنية على حدودها الجنوبية، في إشارة إلى المضي قدماً في تنفيذ عملية عسكرية محتملة ضد مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده تواصل «بعناية» الأعمال المتعلقة باستكمال الخط الأمني على حدودها الجنوبية، عبر عمليات جديدة في شمال سوريا. وأضاف: «مزّقنا الممر الإرهابي المراد تشكيله على حدودنا الجنوبية من خلال عمليات درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام ودرع الربيع في شمال سوريا، والمخلب – القفل في شمال العراق». وتابع: «المنطقة الممتدة بعمق 30 كلم بمحاذاة حدودنا الجنوبية هي منطقتنا الأمنية، ولا نريد أن يزعجنا أحد هناك، ونقوم بخطوات في هذا الخصوص».
وذكر إردوغان، في كلمته خلال مشاركته في اجتماع تشاوري لحزب العدالة والتنمية في أنقرة أمس (السبت)، أن تركيا «تواصل الكفاح» ضد حزب العمال الكردستاني داخل البلاد وخارجها «بعزيمة وإصرار كبيرين».
وتعد تركيا «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية»، امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» في سوريا. وتصنّف تركيا، وكذلك حلفاؤها الغربيون، «حزب العمال» منظمة إرهابية.
والخميس، تعهد الرئيس التركي بذهاب قواته إلى مناطق سيطرة مقاتلي «قسد» في شمال سوريا و«دفنهم فيها». وكان الرئيس التركي حدد، الأربعاء، نطاقاً لعملية عسكرية تحدث عنها الاثنين قبل الماضي للمرة الأولى، قائلاً إن بلاده بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة في قرارها المتعلق بإنشاء منطقة آمنة على عمق 30 كيلومتراً جنوب الحدود التركية وتطهير منطقتي تل رفعت ومنبج من الإرهابيين، دون انتظار إذن من أحد. وتقع المنطقتان غرب نهر الفرات في ريف حلب. ومعلوم أن إردوغان قال سابقاً إن العمليات ضد «قسد» ستشمل مواقعها في غرب وشرق الفرات على السواء، بهدف استكمال إقامة مناطق آمنة بعمق 30 كيلومتراً لتأمين حدودها الجنوبية. وانتقد عدم التزام الولايات المتحدة بتعهداتها بموجب مذكرة تفاهم وقعت معها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، توقفت بمقتضاها عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شرق الفرات.
وحذرت واشنطن من أن أي عملية عسكرية في شمال سوريا ستشكل خطراً على قواتها المشاركة في عمليات مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي في المنطقة. وتعد الولايات المتحدة الوحدات الكردية أوثق حليف لها في الحرب على «داعش»، وتجاهلت دعوات تركيا المتكررة لوقف إمدادها بالسلاح واعتبارها جزءاً من «حزب العمال الكردستاني» الذي تصنفه الولايات المتحدة أيضاً تنظيماً إرهابياً.
وعلى غرار الولايات المتحدة، حذرت روسيا من أي تحرك عسكري تركي في شمال سوريا، مؤكدة أنه لا يمكن ضمان الأمن على الحدود السورية – التركية إلا بنشر قوات الأمن السورية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن موسكو تأمل في أن تمتنع أنقرة عن الأعمال التي قد تؤدي إلى تدهور خطير للأوضاع في سوريا. وأشارت إلى أن روسيا تتفهم مخاوف تركيا من تهديدات أمنها القومي من المناطق الحدودية، لكنها ترى أنه لا يمكن ضمان الأمن على الحدود السورية – التركية إلا بنشر قوات الأمن التابعة للحكومة السورية.
وأبرمت تركيا مذكرتي تفاهم منفصلتين مع كل من الولايات المتحدة وروسيا أثناء عملية «نبع السلام» التي أطلقتها في شمال سوريا في 9 أكتوبر 2019، وتعهد البلدان بموجبهما بانسحاب «وحدات حماية الشعب» الكردية حتى عمق 30 كيلومتراً إلى الجنوب من الحدود التركية، لكن أنقرة تقول إنهما لم تفيا بوعودهما، فيما تقول واشنطن إن تركيا لم تلتزم من جانبها بالتفاهم الموقع بينهما.
في السياق ذاته، نشرت وكالة أنباء «الأناضول» التركية، أمس، تقريراً ادعت فيه أن «قسد» تقوم بحفر الأنفاق وإخفاء الأسلحة في المناطق السكنية بمدينة تل رفعت والقرى المحيطة بها، بغية استخدام المدنيين دروعاً بشرية، قبل العملية العسكرية المحتملة. ونشرت الوكالة ما قالت إنه صور ومقاطع فيديو التقطت من الجو لعدد من القرى المحيطة بتل رفعت؛ هي الشيخ عيسى ومنغ والعلقمية وعين دقنة وكشتعار وطاط مراش، تظهر قيام «قسد» بحفر الأنفاق فيها وإخفاء دبابات وأسلحة في البيوت. كما تظهر تحركات لبعض عناصرها حول الأنفاق وتجمعات لهم في القرى وسط المدنيين.
ولفت التقرير إلى أن «قسد» حفرت، خلال السنوات الماضية، شبكة أنفاق معقدة في تل رفعت ومحيطها، كما استقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة من مناطق سيطرتها شرق الفرات إلى المنطقة.
وسيطرت «قسد» على تل رفعت في فبراير (شباط) عام 2016، بدعم جوي روسي، ما تسبب في نزوح عشرات الآلاف من سكانها إلى مخيمات نصبت بالقرب من الحدود السورية – التركية. وتقول أنقرة إن «قسد» تستخدم تل رفعت والقرى المحيطة بها منطلقاً لتنفيذ هجمات على المناطق الآمنة التي شكلتها تركيا عبر العمليات العسكرية التي نفذتها في سوريا.
المصدر: الشرق الأوسط