أكدت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أن النظام السوري يتحفظ على المجرم أمجد يوسف، وهو ضابط في قوات الأمن السوري، وتحديداً فرع المنطقة 227 التابع لشعبة المخابرات العسكرية، والذي قتل عشرات السوريين واغتصب عشرات النساء في حي التضامن بالعاصمة السورية دمشق.
وقالت الشبكة، في تقريرها الصادر عنها اليوم الإثنين، إن “هناك تخوفاً على مصير 87 ألف مختفٍ قسرياً من أن يكون مشابهاً لمصير معتقلي حي التضامن”، موضحة أن “تحقيقاً نشرته مجلة نيولاينز نهاية نيسان/إبريل الماضي 2022 أثبت مسؤولية يوسف عن اعتقال واختطاف عشرات السوريين في حي التضامن بدمشق، ثم اقتياد 41 منهم إلى حفرة ورميهم فيها وقتلهم، وقد انتزع التحقيق اعترافاً من أمجد يوسف بهذه الجريمة الفظيعة”.
وأشارت الشبكة إلى أن “النظام السوري يتحفَّظ على أمجد يوسف؛ ولم تتم عملية الاحتجاز وفق مذكرة قضائية استناداً إلى تهمة محددة، كما لم تتم إحالته إلى القضاء، ولم يصدر عن النظام السوري أية معلومة تشير إلى اعتقال أمجد”.
ولفتت الشبكة إلى أن “النظام السوري لا يزال لديه، منذ مارس/ آذار عام 2011، ما لا يقل عن 131,469 معتقلاً، بينهم 86,792 مختفياً قسرياً، بينهم 1738 طفلاً و4986 سيدة (أنثى بالغة)”، مشددة على أن “من قتلهم أمجد يوسف ورفاقه لم يعلن النظام السوري عن هويتهم، كما لم يتم إخبار أهلهم بمقتلهم، وقد كانوا في عداد المختفين قسرياً لدى النظام السوري، لكن التحقيق أثبت أن قسماً من المختفين قسرياً تتم تصفيتهم بهذه الأساليب المتوحشة وإحراق جثثهم”.
وأشار تقرير الشبكة إلى أن “النظام السوري استخدم، على مدى سنوات، الإخفاء القسري بشكل منهجي كأحد أبرز أدوات القمع والإرهاب التي تهدف إلى سحق وإبادة الخصوم السياسيين لمجرد تعبيرهم عن رأيهم، وسخَّر إمكانات الأجهزة الأمنية، التي تمتلك عشرات آلاف العناصر، لملاحقة من شارك في الحراك الشعبي واعتقالهم وتعذيبهم وإخفائهم قسرياً”.
وذكرت الشبكة أن “أمجد يوسف متورط مع العديد من الجهات في النظام السوري في هذه الجرائم الفظيعة، ويبدو أن هناك خشية من انكشاف مزيد من المتورطين، وفي سبيل ذلك، قد يقوم النظام السوري بإخفاء أمجد يوسف مدى الحياة أو قتله، وذلك بعد أن اعترف بجرائمه”.
وأضافت أنه “لم يكن النظام السوري ليحتجز أمجد يوسف لو لم يكن متورطاً على أعلى المستويات. النظام السوري يُحافظ على مرتكبي الانتهاكات، وفي بعض الأحيان يقوم بترقيتهم، كي يرتبط مصيرهم بمصيره بشكل عضوي دائماً، وكي يصبح الدفاع عنه جزءاً أساسياً من الدفاع عن أنفسهم”.
وأوضح التقرير أنه “لم يكن لأمجد يوسف والآلاف من عناصر الأجهزة الأمنية وقوات الجيش ارتكاب مثل هذه الانتهاكات الفظيعة لو لم تكن سياسة مدروسة، وأوامر مباشرة من قبل رأس النظام السوري بشار الأسد، القائد العام للجيش والقوات المسلحة (الجيش والأمن)، وذلك لأن مثل هذه الانتهاكات واسعة النطاق بحاجة لتنسيق وتعاون مع العشرات من الأفراد والمؤسسات، ولا بدَّ من أن النظام السوري على علمٍ بها، لكنه لم يقم بأي ردع أو محاسبة”.
وطالبت الشبكة “مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع طارئ لمناقشة مصير المختفين قسرياً في سورية”، مؤكدة أن “المجلس عليه أن يتخذ خطوات لإيقاف عمليات التعذيب والموت بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، وإنقاذ من تبقى من المعتقلين في أسرع وقت”.
بدوره، اعتبر الناشط الحقوقي عبد الناصر حوشان، وهو عضو “هيئة القانونيين السوريين”، في حديث لـ “العربي الجديد”، أن “هذا الكلام لا يعني ابداً توقيف المجرم أمجد يوسف”، مضيفاً: “على كل حال، هذا التحفظ على المجرم أمجد يهدف إلى أحد هدفين وهما: إما لتقديمه إلى محكمة صورية تنتهي بالحكم عليه، وبذلك يُغلق ملف مجزرة التضامن، لا سيما أن أكثر المجرمين الذين نفذوها كانوا قد قتلوا”.
وأشار حوشان إلى أن “الهدف الثاني، وهو تصفية أمجد من قبل نظام الأسد بإرساله بمهمة إلى إحدى جبهات القتال وتصفيته هناك، وقد يُعلن مقتله صورياً أيضا ويُسجّل ذلك في سجله المدني”، مشدداً على أن “هذا لا يبرر مسؤولية رؤسائه المباشرين حتى بشار الأسد ووزير دفاعه ورئيس الأركان، لأنها جريمة حرب ارتكبت في سياق ممنهج اتبعه النظام السوري في حربه على الشعب”.
ولفت حوشان إلى أنه “لا يجب أن ننسى أن هناك أيضا المساعد جمال الخطيب، الرئيس المباشر لأمجد، وكذلك قائد الدفاع الوطني فادي صقر، وآخرين هم فاعلون أصليون في هذه الجريمة”، مؤكداً أنه “لا يمكن التوقف عند خبر التحفظ على أمجد ما لم يطاول البقية”.
المصدر: العربي الجديد