الأعياد من المناسبات التي تعارفت عليها الأمم، والحضارات، والثقافات المختلفة، وهذه الأعياد على اختلافها إمّا أنها ترتبط بمعتقدات دينية معيّنة، أو أنّها تعيد إلى الأذهان ذكريات تاريخية أسهمت في إحداث تحولات جذرية لديها.
ولعلَّ في الأعياد العديد من المعاني التي تتجاوز الدينية، والتاريخية، وهي تلك المرتبطة بالنواحي الإنسانيّة والاجتماعية، وهو ما يعطي لها قيمتها الحقيقية التي لا نظير لها.
الجوانب الإنسانيّة والاجتماعيّة للأعياد
للعيد قيمة إنسانيّة، واجتماعية عظيمة وهامّة، فهو فرصة عظيمة لرأب صدع العلاقات الاجتماعية، وتحسينها، وتمتينها، وذلك من خلال زيارة الأقارب، والأحبة، والأصدقاء، والاطمئنان على آخر أخبارهم، وما استجدَّ عليهم، والتقرب منهم، والتودد إليهم، وهو فرصة أيضاً لإنهاء أيّة صراعات دامت لفترات طويلة.
قد يكون للعيد أثر عميق وكبير في تحسين العلاقات بين الدول أيضاً، فالعيد قد يعم منطقة جغرافيّة كبيرة، ممّا يساعد على إضفاء شعور من الوحدة على جميع من يحتفلون به، وهذا الأمر يعمل بل ويدفع نحو التئام الجروح، وتقوية العلاقات، وتمتينها.
من جهة أخرى، فإنّ العيد فرصة لتفقد أحوال الشرائح المهمشة؛ التي تعاني من ضنك العيش، وصعوبة الأحوال، وذلك من خلال تقديم المساعدات الماليّة للفقراء، والمساكين، وإدخال الفرحة إلى بيوتهم، وإشراكهم في المجتمع الذي ينتمون إليه، وإشعارهم بأنّهم جزء لا يتجزاً منه. العيد أيضاً مناسبة عظيمة لتفقد الأيتام، والاعتناء بالأطفال، وتنمية الروح الإنسانية الجامعة لديهم.
العيد لدى السوريين
أعيادنا كسوريين حيث تتكرر الأعياد مع الاغتراب والتهجير والنزوح واللجوء، وانسداد أفق الحلول في الأفق السياسي السوري، وتكثر الظروف الضاغطة بكل أشكالها على السوريين، من الظروف الاقتصادية إلى عدم الشعور بالأمان في دول اللجوء، إلى كل الضغوط المتلاحقة وكأن للسوريين رفاهية الاختيارات.! وتتماهى الإنسانية أمام الاعتبارات السياسية، وتدخل قوى المعارضة حالة الاحتباس والتعثر عن انتاج نجاح أو نصر جزئي يُقدم للسوريين، وندور في حلقة لا مخرج منها، وكل عيد نُمني أنفسنا أن يكون العيد القادم أفضل، فالعيد هو عنوان الفرحة وفرحتنا كسوريين بخلاصنا من الحرب واللجوء والنزوح وأن يتحقق السلم والأمان وأن نعيش حياة كالحياة فقط. بأن يعيش الإنسان بكرامته التي دفع الشعب ضريبتها بثمن باهظ.
وتتكرر الأعياد ويفرح فيها الناس فرحتهم لكنها فرحة ظاهرية يغيب جوهرها وحقيقتها، فكل عائلة اليوم مشتتة في أصقاع الدنيا وأحياناً في كل قارات العالم.!
ولكل عائلة جرحها الذي تضمده بنفسها، وقد أصبحنا اليوم نتآلف مع واقع مسدود الأفق رغم كل آلامه بلا خطوات لتحسين الظروف أو خطوات جادة للخلاص، وهذا الأخطر في هذه المسيرة، فلا إدارة فاعلة تريح الناس القابعين في قرى من القماش، ولا حلحلة لمشاكل السوريين.
يأتي العيد ويأتي معه الأمل الجديد، والحلم الجديد، وتأتي بهجته رغم غياب جوهر العيد بأيام فرح وراحة، لكن الأمل والحلم هو صورة رغبوية تحدونا للجد والإصرار والعمل بعقل وسلوك جديد ليكون القادم أجمل.
المصدر: اشراق