يلج في ديار السوريين، وديار كل المسلمين عيد الفطر المبارك، بعد شهر الصيام، وصوم رمضان، بينما مايزال الوضع في سورية على حاله، تلفه الكثير من المآسي، ليس أولها تهجير قسري لمايزيد عن نصف الشعب السوري، واستمرارًا للمقتلة الأسدية، التي لم تبرح المكان، ولم تغادر الارض السورية. بل قد تشتد في العيد، كما عودنا نظام الفاشيست الأسدي. ضمن هذه المعطيات يعيش الشعب السوري عيده، وفي سياق العسف والقهر يحاول كل السوريين الخروج من عنق الزجاجة دون أية آفاق مستقبلية واضحة لهذا الخروج وتجسيداته على أرض الواقع، مع ذلك يحتفل السوري بعيد الفطر ويحاول أن يتجاوز كل أنواع السلب والقهر الذي يطاله ويحياه في يومياته الآنية.
مع دخول العيد أرادت صحيفة (إشراق) أن تسأل بعض السوريين والمهتمين بقولها: يقبل علينا عيد الفطر وقد تتابعت وتلاحقت حالات القهر المعيشي والإنساني لدى الشعب السوري.
في هذا العيد المبارك كيف ترون واقع السوريين؟ وإلى أين هي ذاهبة أوضاعهم برمتها؟
حيث أجابت الفنانة السورية نسيمة ضاهر بقولها: ” أعتقد أن السوريين نسوا معنى وطعم العيد، إنهم يعيشون كفاف يومهم، وربما أقل بكثير، يتحايلون على الجوع والمرض، ولا أحد يستطيع أن يخمن إلى أين ستصل الحال بالسوريين إن لم تحدث معجزة توقف كل هذا الذل والقهر والفقر، فقط معجزة إلهية تخلص السوريين من الهاوية التي ستطبق عليهم عاجلًا أو آجلًا وهي مسالة وقت لانتزاع حلاوة الروح.” وقد قالت ذلك السيدة نسيمة وغمام الدموع تسيطر على عيونها.
عالم الدين الإسلامي الدكتور محمد حبش قال : ” لا شك أن عيد الفطر هو يوم للأمل ويوم للفرح والسرور بعد أيام الصيام أيضاً، بعد أيام العناء التي يكابدها الناس بكل تأكيد لانستطيع أن نحمل الناس على الفرح وهم يشعرون بالقهر والظلم ولكن في هذه الحالة الفرح والأمل الذي يمنحه عيد الفطر هو لون من بناء الإرادة ولون من الإحساس بنهاية العذابات وتوقع الجميل لذلك يبادر الناس إلى الفرح بعيد الفطر، وبالطبع عيد الفطر هو مناسبة أرادت من خلالها الشريعة أن تمنح الناس فرصة الإحساس بالسعادة والراحة، وصدقة الفطر التي توزع قبل هذا اليوم هدفها هو إغناء سائر الناس عن المسألة في يوم العيد، يعني هي تطلب حتى من الغني والفقير الكبير والصغير والرجل والمرأة حتى أفقر الناس يجب أن يخرج صدقة الفطر ويجب أن يعتاد أن يكون ولو في العام مرة واحدة معطيا ً وليس آخذاً، ومطلوب من الناس أن يبحثوا عن الفقراء لمساعدتهم بكل تأكيد إن عناءنا من المظالم التي ترتكب بحق هذا الشعب المظلوم لايجوز أن تحول دون إعطاء هذا الشعب نفسه جرعة الأمل جرعة الرضى بمشيئة الله عز وجل والبحث عن المستقبل الجميل. كلنا أمل أن تكون الأعياد القادمة موسما ًلإصلاح القلوب والخروج من العناء والأذى الذي نواجهه ونكابده، كلنا أمل أن يكون في الأعياد القادمة مساحة للفرح، وأن ينتهي الظلم الذي عانى منه هذا الشعب السوري لسنين طويلة”.
من جهته فقد قال الكاتب السوري الفلسطيني عبد الكريم محمد ” لم يشهد التاريخ الإنساني مثيلاً لمعيشة شعبنا في سورية، خاصة وأنه يفتقد إلى كل مقومات الحياة، حتى الاقتصاد المنزلي لم يعد يجدي نفعاً في مواجهة الأزمة المعيشية ولو جزئياً، لأن الناس تفتقد إلى المدخرات حتى البسيطة لتكون منطلقاً للولوج نحو مثل هذه الاقتصادات البسيطة. وقد لا نذيع سراً إذا ما قلنا، أن المجتمع السوري في ظل الأزمة القاتلة، يتجه إلى أبعد ما يسمى بالثورة المطلبية، أي أن القادم ينذر بفلتان أمني غير مسقوف، لتغيب معه ما تبقى من شبكة الأمان الاجتماعي على كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. بدورنا لا نرى أية حلول تلوح في الأفق القريب، في ظل وجود نظام تحول إلى عصابة طائفية مقيتة، تفتقد إلى أية مشاريع وطنية، بالمقابل افتقادها لثقة المؤسسات الإقليمية والدولية، الأمر الذي سيلحق بالمواطن السوري المزيد من الأزمات. الأيام القادمة حسب المعلومات التي بحوزتنا، ستكون مفاجئة، وستحمل معها أشكالاً صراعية لم تكن بالحسبان، بما في ذلك الانهيارات التي ستلحق بمراكز قوة النظام السوري الأمنية والعسكرية.”
السيد نعمان حلاوة المدرس والناشط السوري قال لإشراق ” يطل العيد على الشعب السوري هذه السنة والمواطن مثقل بهموم ومصاعب معيشية قياسية مقارنة بالسنوات الماضية _أكثر بؤساً وشقاءً _وهذا ما يفقد العيد أجواء البهجة والفرح التي من المفترض أن تميزه عن باقي أيام السنة.
فأسعار السلع والمستلزمات الأساسية سجلت أرقاماً مفجعة في الآونة الأخيرة حيث أن الراتب الشهري لموظف حكومي يمكن أن يؤمن لعائلة الاحتياجات الغذائية لمدة يومين أوثلاثة على أحسن تقدير ناهيك عن مستلزمات الحياة الأساسية الأخرى.
والنظام السوري من جهته لم يأخذ دوره يوماً كعامل على مصالح شعبه بل على العكس يسهل على المسؤولين الكبار والمقربين منه بجشعهم ومطامعهم التحكم بلقمة عيش ذلك المواطن الرازح تحت سطوة هذه الطغمة الحاكمة وما يزال على مدى أكثر من نصف قرن بسياساته عبر تدمير الركائز التي يقوم عليها البلد من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
والحال هذه يجتهد المواطن السوري في الداخل ليجد حلاً لما استحكم من الأزمات الخانقة دون جدوى وهذا ما يجعل فكرة السفر خارج البلد والهروب إلى واقع أفضل يظن أنها حلاً وحيدًا لما يعانيه.”
المصدر: صحيفة اشراق