هل تعود أميركا للعراق من بوابة “تشكيل الحكومة”؟

عيسى نهاري

نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي: العلاقات مع بغداد لن تبقى على المستوى نفسه بل ستتوسع.

حثّت نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون العراق وإيران، جينيفر غافيتو، القادة السياسيين في العراق إلى الإسراع في عملية تشكيل الحكومة لتجنيب البلاد الفوضى.

وقالت المسؤولة الأميركية في مؤتمر صحافي، يوم الجمعة، إن “الولايات المتحدة حريصة على العمل مع الحكومة العراقية الجديدة بشأن “القضايا الرئيسة ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك استقرار العراق وسيادته، والتمكين الاقتصادي لجميع العراقيين، ومكافحة الفساد، وحماية حقوق الإنسان، واستقلال الطاقة، والمناخ، والصحة”.

تأخر تشكيل الحكومة

وشهد العراق انتخابات مبكرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تلبية لمطالب التظاهرات المناهضة للحكومة.

وعلى الرغم من انقضاء الانتخابات بفوز تيار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بـ 73 مقعداً من أصل 329 في البرلمان، ما جعله أكبر كتلة سياسية منفردة، رفضت مجموعات شيعية أخرى، كتحالف “الفتح” المحسوب على ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران، الاعتراف بالهزيمة، ما حال دون تشكيل الحكومة.

وعدّت غافيتو تأخر تشكيل الحكومة عائقاً أمام التقدم في القضايا الثنائية وفي جميع القطاعات، بما في ذلك الأمن والاقتصاد”. وأضافت، “بمجرد تشكيل الحكومة، نتطلع إلى العمل مع شركائنا العراقيين لتنفيذ اتفاقية الإطار الاستراتيجي الخاصة بنا ومواصلة دعم القوات المسلحة العراقية لهزيمة تنظيم (داعش)”.

عراق موحد

وأعربت نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي عن أن الولايات المتحدة تريد أن تكون دولة العراق قوية وموحدة ومرنة وذات سيادة، مؤكدةً أن بلادها لا تتخذ موقفاً بشأن الشخصيات المختارة عند تشكيل الحكومة. وتابعت، “لقد أظهر إقبال الناخبين الكبير اهتماماً بترسيخ الديمقراطية العراقية وإعطاء الأولوية للسيادة العراقية”.

وعن استدامة العلاقات الأميركية – العراقية، والتعاون العسكري والاقتصادي، بغض النظر عمن يؤلف الحكومة الجديدة، قالت المسؤولة الأميركية، إن بلادها تتطلع إلى العمل مع أي حكومة عراقية تُعطي الأولوية لاحتياجات الشعب العراقي”، مؤكدةً أن العلاقة بين البلدين “لن تبقى على المستوى نفسه، بل ستستمر في التوسع”، من منطلق التزام الرئيس الأميركي جو بايدن بتعميق هذه العلاقة.

أذرع إيران

وعبّرت المسؤولة الأميركية عن قلقها من النفوذ الإيراني الذي وصفته بـ”الخبيث”، وقالت إنه “يقوض استقرار العراق وسلامة أراضيه ومؤسساته الوطنية”، مشيرةً إلى أن بلادها تسعى لحل خلافاتها مع إيران من خلال الطرق الدبلوماسية، ولكن “هجمات الميليشيات، وتلقيها الأوامر من خارج العراق، تقوض الدولة العراقية، وتعمل على زعزعة استقرار العراق والمنطقة”.

ونددت غافيتو بمواصلة طهران “دعم الجماعات المسلحة التي تشن هجمات لتقويض سلامة جيرانها في مختلف أنحاء المنطقة، بما في ذلك مهاجمة القواعد العراقية، حيث توجد القوات الأميركية وقوات التحالف”، قائلةً، “تحاول إيران نفي مسؤوليتها، ولكنها لا تخدع أحداً بكلامها”. وأضافت، “لا يمكن أن تعتقد إيران أنها قادرة على الاستمرار في ممارسة الدبلوماسية من جهة ونشر العنف أو دعمه من جهة ثانية”.

وعن الهجمات الصاروخية التي وقعت الشهر الماضي في إقليم كردستان، وما إذا كانت واشنطن ستقدم أي دعم عسكري للعراق، قالت المسؤولة الأميركية، إن مساعدات الولايات المتحدة “تنضوي ضمن سياق تقديم المشورة والتمكين” في إطار ضمان تمتع قوات الأمن العراقية بالقدرة الكاملة على مواجهة أي تهديدات للسيادة العراقية.

تهديد “داعش”

في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنهى التحالف بقيادة الولايات المتحدة، الأربعاء، مهامه القتالية في العراق، وهي اللحظة التي عدّتها واشنطن فاصلة في تاريخ العلاقة مع بغداد، كونها أقرّت بـ”الخطوات غير العادية التي اتخذتها قوات الأمن العراقية في قدراتها الخاصة للدفاع عن السيادة العراقية ضد التهديدات من جميع الأنواع”.

ومع ذلك، ما زالت واشنطن تنظر إلى “داعش” كتهديد مستمر للمجتمع الدولي على الرغم من تعرضه للهزيمة الإقليمية، وتواصل جهودها مع قوات الأمن العراقية لضمان عدم عودة ظهور التنظيم وبناء قدرة القوات هناك لمواجهة أي تصعيد مستقبلي.

توافق غائب

وغالباً ما تؤدي فترة ما بعد الانتخابات في العراق إلى طريق مسدود، حيث تستمر مناقشات تقاسم السلطة بين الكتل السياسية عادةً خمسة أشهر أو أكثر، لكن هذه المرة، لم تحدث تلك المحادثات، ولم تقترب الأطراف المتصارعة من التوصل إلى حل وسط بشأن كيفية تقاسم السلطة بين المناصب العليا في البلاد.

بدوره، أكد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أن حكومته “أدّت الواجب الذي استدعيت من أجله في خدمة شعب العراق”، مشدداً على “ضرورة تشكيل حكومة وطنية، تتصدى للاستحقاقات، وتدافع عن الوطن ووحدته”.

وقال الكاظمي في تغريدة، “لم نتردد أو نتقاعس أو نساوم على حساب المصلحة الوطنية، ولم نقدم مصالحنا على مصالح شعبنا، كما لم ننجرّ إلى المساجلات والمزايدات”.

وتابع، “أوصلنا الوطن إلى انتخابات حرة نزيهة، ووضعنا بصبر أسس تجاوز الأزمات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية الكبرى، على الرغم من العراقيل الداخلية والتحديات الخارجية، وأعدنا العراق عزيزاً إلى المجتمعين الإقليمي والدولي، وفتحنا طريق مكافحة الفساد والمفسدين واستعادة الدولة من براثن اللادولة، وأخرسنا الإرهاب وخلاياه وذيوله بعزم أبطال قواتنا العسكرية والأمنية والاستخباراتية”.

وأشار الكاظمي إلى أن “القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية التي أفرزتها العملية الانتخابية الديمقراطية تتحمل اليوم مسؤولية حماية المسار الوطني من خلال إنهاء الانسدادات السياسية وتشكيل حكومة تتصدى للاستحقاقات وتصون الوطن وتدافع عن وحدته ومقدراته ونبارك كل الجهود على هذا الطريق”.

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى