الحديث عن الأخ والصديق الكاتب الصحافي الشاعر الراحل محمد خليفة، مهما طال، يبقى منقوصًا، ولا يعطي هذا الرجل المناضل العصامي، والإنسان الغني بالخصال الحميدة، والمجبول بالقيم الإنسانية، حقّه الكامل.
كنّا مجموعة من الاخوة في لبنان، نعمل على الإعداد لإطلاق الموقع الالكتروني اللبناني/ العربي “المدارنت/ almadarnet.com”، ونحاول وضع اللمسات الأخيرة للشروع في عملية البثّ، والتي تصادف ذكرى إطلاقه في 18 نيسان 2019، قبل أيام قليلة من الذكرى السنوية الأولى لرحيل الأخ محمد خليفة، الذي غادر هذه الفانية في 22 نيسان 2021.
التقينا الأخ الراحل محمد خليفة، في سهرة صيفية رائعة، زيّنها وجوده في العاصمة بيروت، وأرخى عليها لطفه وفيض أدبه، وعمق ثقافته، حين أكد استعداده للإسهام بكل ما يُطلب منه، إضافة الى وعده بإجراء سلسلة إتصالات مع أخوة يتواجدون في أكثر من قطر عربي وأجنبي، من أجل رفد الموقع الوليد، بالمقالات السياسية الهادفة، التي تصبّ في خدمة الأهداف التي حفّزت على إطلاق الموقع، ونهجه العروبي الوحدوي، بخاصة، وإننا نفتقد لوجود وسيلة إعلامية عربية مكتوبة أو مسموعة او مرئية، تعبّر الى حدّ ما عن توجهات وتطلعات شبابنا العربي، من مشرق الوطن العربي الى مغربه.
تكررت اللقاءات مع الراحل محمد خليفة، غير مرّة في بيروت، وفي منطقة البقاع، التي تتحدّر منه غالبية المجموعة التي عملت على إطلاق الموقع، وشجّع الراحل على إتخاذ قرار إطلاق الموقع من دون تردد، والشروع في العمل، وهكذا كان. بدأ الراحل بالخطوة الأولى، وأرسل أول إسهاماته الى إدارة التحرير، فور الإعلان عن الإنطلاقة.
.. واليوم، مع حلول الذكرى الثالثة لإنطلاقة الموقع، وإحياء الذكرى الأولى لرحيل محمد خليفة، أبرز المشجعين على تأسيسه وإطلاقه، وأول المساهمين في إغنائه، يفتقد الموقع أحد ركائزه الأساسية، وأهم أعمدته الصلبة والقوية.
وكما افتقدت أسرته وأهله وأقاربه وأخوته غير الأشقاء الراحل الكبير، نفتقده أخًا عزيزاً، كما يفتقده كل حرً في الوطن العربي، من محيطه الى خليجه، وما بينهما، يفتقده كاتبًا صحافيًا عربيًا لامعًا، قلّ نظيره في فضاءات وطننا العربي، سيّما وأن الأخ محمد، لم يكن مجرّد كاتب مقالة صحافية، أو دراسة سياسية أو صاحب مؤلفات عديدة، بل كان من أبرز المناضلين الطليعيين في مرحلة الشباب وبعدها.
وأدرك الراحل مبكرًا واقع الأمة العربية وتشتتها ووهنها، والظلم الذي يعيشه العرب في أقطار متفرقة، تنازعتها الطوائف والمذاهب، وسلاطين الإقطاع الذين نهبوا خيراتها واستغلوا شعبها من أجل مصالحهم الخاصة، ومصالح عائلاتهم وأسرهم، وكذا، حصل مع العديد من الأحزاب العربية، ولا سيّما تلك التي كانت تعبر تقدمية في غالبية الأقطار العربية، والتي سوّقت نفسها بديلًا لهذه الحفنة الحاكمة، وأصبحت لاحقًا جزءًا لا يتجرأ منها، بل وأخطر منها، في الأداء والسلوك العام.
واستشعر محمد خليفة، خطورة المأساة التي تحلّ بأمتنا وشعبها، فكانت بداية تمرّده من سوريا، وتحديدًا من حلبها الشهباء، التي غادرها قسريًا الى بيروت، عاصمة النضال العربي في مطلع الثمانينات، حيث مكث فيها لأشهر طويلة، يعاني فيها ما عاناه اللبنانيون من صلف الاحتلال الصهيوني وزبانيته في الداخل، قبل اضطراره الى الإرتحال هائمًا في أصقاع المعمورة.
أبصر الراحل الكبير النور في مدينة حلب السورية، حرًا كريمًا، وشبّ فيها على قيم عربية وإسلامية، اتصفت فيها غالبية مثقفي هذه المدينة، قبل أن يلجأ الى بيروت، التي غادرها الى أكثر من دولة عربية وأوروبية، قبل استقراره نهائيًا في العاصمة السويدية/ ستوكهولم، حيث وافته المنيّة جرّاء إصابته بـ”فيروس كورونا”، الأخبث من أنظمة القهر والإذلال في غالبية أقطارنا العربية والأوروبية، وأسلم الروح الى خالقها، حرّا متحررًا من قيود الذل والهوان، في 22 نيسان 2021.
رحم الله تعالى أخينا الراحل محمد خليفة، وأنعم على أفراد أسرته وأهله ومحبيه بالصبر.
ينشر بالاشتراك بين موقع ملتقى العروبيين وموقع المدار نت