محمد خليفة الصادق المتفاني

د. فضيل حمّود

تعرفت عن قرب على ابن حلب الشهباء، المناضل المخضرم محمد خليفة، في خضم الإنتفاضات الشعبية العربية مطلع عام 2011. جمعتنا مع نشطاء من مغرب عالمنا العربي إلى مشرقه في الأحواز المحتلة مبادرات ونشاطات متعددة في صلبها، مرافقة وداعمة ومواكبة لها. البعد العربي لهذه النشاطات كان يرتكز بشكل أساسي على مشاركة خليفة فيها، مد جسور ومعرفة حيثيات الساحات وقواها الحية. على الرغم من انخراطه وحركته الدائمة في انتفاضة شعبه السوري، كرمز وقيادي، شكل دائمًا رافعة لإنجاز هذه المبادرات من الفكرة إلى التنفيذ، في كل الساحات العربية الأخرى الثائرة .

في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الأخ الكبير والصديق محمد، أتيقن اليوم عدم إمكاننا اختزال حياته العامة ومسيرته الزاخرة في مجال محدد مارسه واشتهر به كمهنة في الفضاء السوري والعربي طبعًا، مهنة تكون هدفه النهائي مع مردودها في تحقيق ذاته وتؤمن له رغد العيش. كان بإمكانه أن يكون الصحافي اللامع، أو الكاتب المرموق، أو الباحث الرصين المميز، أو الشاعر الكبير، .. الخ. كل هذه المجالات التي أبدع بها وأضاف لم تكن غاياته بحد ذاتها، إنما فقط وسائل لتحقيق أهداف أبعد وأعمق، عامة ليست خاصة شخصية، محركها وبوصلتها قضايا الإنسان العربي المحقة والعادلة. من ناحية أخرى، أكاد أجزم أن كل جهوده وعمله فيها لم يكن إلا امتداد ومكمل لانخراطه الفعلي العملي السياسي والتغييري التقدمي. باختصار، تجسدت بامتياز معادلة- مقولة الراحل جمال عبد الناصر “إن النصر عمل والعمل حركة، والحركة فكر والفكر فهم وإيمان، وهكذا فكل شيء يبدأ بالإنسان” في شخصية الطليعي محمد خليفة ومسيرته النضالية الحافلة. إذا أضفنا خاصتين تمتع بهما ويشهد عليهما كل من عرفه، الصدق والتفاني، تكتمل كل عناصر صفة “المثقف العضوي” كما عرّفها المفكر الإيطالي غرامشي، يضاف إليها بالتأكيد صفة العروبي، اللتان استحقهما بإمتياز.

أعتقد أن سورية وكل ساحات الإنتفاضات الشعبية العربية تفتقد نموذج ” محمد خليفة “، على الأرجح لو توفر لكل منها أمثاله بالمئات لكان وضعها أفضل. معرفة ومرافقة المرحوم محمد في بعض دروبه النضالية إضافة نوعية في حياتي، تعلمت منه الكثير وساهم من دون أدنى شك في صقل وعيي، وتعميق معرفتي الثقافية “الملتزمة”. أدين لخليفة بالكثير في شؤون عالمنا العربي، محوره وهدفه الإنسان، نهوضه وتقدمه وتحرره.

ينشر بالاشتراك بين موقع ملتقى العروبيين وموقع المدار نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى