ماريوبول شقيقة حلب في التدمير

د- زكريا ملاحفجي

تحاصر القوات الروسية ماريوبول باعتبارها أكبر مدينة في أوكرانيا على شواطئ بحر آزوف منذ 1 آذار/ مارس. ووقع معظم المدينة تحت سيطرة ما يسمى بـ”جمهورية دونيتسك الشعبية” والقوات المسلحة الروسية منذ نيسان/ أبريل. وتتعرض ماريوبول للقصف والغارات الجوية المستمرة منذ بداية الحرب، وأكثر من يتضرر هم سكان المدينة.

تعيش ماريوبول منذ أوائل آذار/ مارس دون كهرباء ومياه وتدفئة واتصالات، الأمر الذي دفع معظم السكان إلى الانتقال من شققهم إلى الأقبية والملاجئ حيث يعيشون حتى يومنا هذا.

تحدث بعض سكان المدينة الذين تمكنوا من مغادرتها عما يحدث في إحدى المناطق الأكثر سخونة في أوكرانيا.

فتشعر أنك في سورية كلها وفي حلب من صور الخوف والدمار الحاصل وتهديم كل شيء، بل ربما حال النساء بحلب كان أسوأ بسبب أنه ليس لديهم ملاجئ.

بعد أن أصبحت المدينة بلا كهرباء وغاز ومياه أقام سكان المدينة مطابخ ميدانية مشعلين النار من الساعة 6 صباحاً بالقرب من قبو أو مأوى آخر لطهي الطعام وتسخين الماء طوال اليوم.

سرعان ما بدأ مخزون الطعام ينفد، ولم يكن هناك مكان لشرائه. سوى مايتم نقله بصعوبة وهو معرض للقصف، فالسوق تتعرض للقصف في كل يوم.

وأصبح الناس يؤثرون  بدءً بأكل الأطفال والنساء والمتقاعدون، وبعد ذلك أكل الرجال لما بقي من الطعام.

كان سكان المدينة يقومون بسحب الماء من نظام التدفئة المركزي واستخدموه لطهي الطعام. وبعد ما سقطت الثلوج كان الناس يجمعونها في أحواض لتحويلها إلى الماء.

 والسكان الذين لم تتضرر منازلهم يبقون فيها في البداية، ولكن عندما أصبح الجو بارداً نزل معظم السكان إلى الأقبية لتدفئة أنفسهم هناك.

 لم يتوقف قصف المدينة ولو لساعة واحدة، وغالباً ما قصفوا المباني السكنية والمدارس.

لم تشكل الغارات الجوية والقصف بالمدفعية تهديداً وحيداً للمدينة، إذ يتعرض السكان المحليون لخطر القتل أو الاغتصاب. يمكن للجيش الروسي مهاجمة أي شخص في طريقه إلى متجر أو صيدلية واقتحام الشقق.

والجثث ظلت بين البيوت لأيام لأنهم لم يتمكنوا من حفر حفرة بسبب الصقيع والقصف.

بحسب أمين المظالم المعني بحقوق الإنسان في البرلمان الأوكراني، ليودميلا دينيسوفا، بدأ المحتلون مؤخراً بـ”تطهير المدينة” من جثث المدنيين القتلى عن طريق حرقهم في محارق جثث متنقلة.

قال محافظ مدينة ماريوبول، فاديم بويشينكو، إن مؤسسات المرافق العامة كانت تسجل جرائم القتل التي يرتكبها الجيش الروسي حتى 21 آذار/ مارس. في ذلك الوقت بلغ العدد الرسمي للقتلى حوالي خمسة آلاف شخص. بالإضافة إلى ذلك، ظل الآلاف من الأشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب القصف والغارات الجوية في شوارع المدينة. ويعتقد بويتشينكو أن حساب العدد الدقيق للجثث أمر مستحيل.

كان هناك ما يقرب من 500 ألف نسمة في المدينة غداة الحرب. وتمكن ما يقرب من 260 ألفاً من سكان ماريوبول من مغادرتها إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرة أوكرانيا، بينما 70 ألفاً آخرين باتنظار الإجلاء. وقال محافظ المدينة إنه تم ترحيل حوالي 40 ألف شخص قسراً من قبل قوات الاحتلال الروسي إلى ما يسمى بـ “جمهورية دونيتسك الشعبية” والأراضي الروسية. وبحسب تقديراته، بقي في المدينة حوالي 120 ألف شخص.

فتتكرر مأساة حلب عبر شقيقتها ماريوبول، بنفس الوحشية والاجرام وأساليب القتل والتعذيب التي تعود للعصور الوسطى، وليس للقرن الواحد والعشرين وتحضر الإنسان، فالاغتصاب والحرق والقتل بلا تمييز تعاود الكرة من جديد، وهذا يحتاج لموقف دولي حاسم مما جرى ويجري في سورية واليوم في أوكرانيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى