الرسام السورى «يوسف عبد لكى»: أعلن افتتانى برباعيات جاهين

أمانى زهران

بقيت رباعيات جاهين تترصدنى ربع قرن، حتى أصبح لها جسد من لحم و دم، ومعروف أنها كانت ولا تزال ملهمة لكثير من الرسامين قبلى ولا شك أنها ستغازل رسامين كثرا بعدى».. تلك الكلمات تمثل جوهر ومعنى وقيمة رباعيات صلاح جاهين عند الفنان السورى «يوسف عبد لكى»، الذى اعترف لـ «الأهرام» بأنه لم يستطع أن يقرأ الرباعيات ثم يركنها على الرف، بل كان ضروريا أن يحولها إلى لوحات فنية ناطقة تخليدا لإبداع جاهين الباقى رغم الرحيل.

ويعد «عبد لكى» من أشهر فنانى الحفر فى العالم العربى، حيث نفذ 35 رباعية من رباعيات صلاح جاهين، رسمها ثم طبعها بطريقة الشاشة الحرارية بنسخ مرقمة ومحدودة للغاية ” 10 نسخ” فقط، وأنجزت بخبرة كبيرة من قبل ورشة سليم سمارة فى بيروت منذ عامين.

غادر الفنان السورى وطنه عام 1980، ليعيش فى المنفى الباريسى طوال ربع قرن، بعيدا عن أهله وأقاربه وأصدقائه، نتيجة مواقفة السياسية التى أدت لاعتقاله بين عامى 1978 و1980.

وبعد غياب عن المشهد التشكيلى المصرى، لما يقرب من عشر سنوات، يعود الفنان ليقدم أحدث معارضه عن «رباعيات صلاح جاهين» بقاعة المشربية، ليؤكد أنه لم يغب أبدا عن مصر، فمنذ مراهقته بدمشق، كانت الثقافة المصرية معينا أساسيا لتشكيل وعيه، ومنذ نهاية الستينيات والكتب والمجلات الشهرية المصرية كالطليعة والكاتب، كانت قد فعلت فعلها الكبير فى تكوينه، لذا عندما زار مصر للمرة الأولى عام 1987 لإقامة معرضه بأتيلية القاهرة، شعر بأنه يعود إلى بيته.

ويؤكد الفنان فى أعماله قيمة الإنسان وأحواله وأحاسيسه والضغوط التى يتعرض لها، ومشاعره وكتم أنفاسه واحتجاجه ــ فكل هذا شكل مفاصل العمل عنده منذ نصف قرن ــ من خلال عدة قوالب، إذ يتخذ هيئة مباشرة أحيانا وهيئة غير مباشرة أحيانا أخرى كسمكة مطعونة، وثالثة كهجاء لصانعى القهر ومبددى أعمارنا فى مجموعة أشخاص مثلا.

يقول الفنان «عبد لكى»: إن مجموع عملى هو نسيج واحد على مر السنين، غير أن الموضوع يتباين من فترة لأخرى، ففى السبعينيات عملت على الأحصنة المقيدة والنافرة، وفى الثمانينيات عملت على المزاوجة بين المنظورين الشرقى والغربى، وفى فترة التسعينيات عملت على مجموعة «أشخاص» وهى المرة الوحيدة التى استخدمت فيها الألوان.

أما السنوات الخمس والعشرون الأخيرة فأعمل على الطبيعة الصامتة بالفحم، وهى فى الحقيقة لا علاقة لها بمفاهيم الطبيعة الصامتة الأوروبية، فتلك التى ظهرت منذ ثلاثة قرون هى أعمال رائعة وديعة تزيينية  (لاتهش ولا تنش) على مستوى الدلالة، بعكس ما أقوم به، سواء فى المعالجة التعبيرية العنيفة أو الموضوعات القاسية كالطيور المقتولة أو الأسماك المضروبة بالمسامير أو صور الجماجم والسكاكين ، فهى حمالة دلالات الإنسانية لا تخفى نفسها، ورصد لتناقضات الرقة والقسوة التى تضرب حياتنا، ولا يوجد خلاف بين هذه المجموعة من أعمال المعرض وأعمالى السابقة، ربما الجديد هو أننى أعلن افتتانى برباعيات جاهين، فلا أحد يستطيع مقاومة رباعية.

يا باب يا مقفول.. إمتى الدخول؟

صبرت ياما.. واللى يصبر ينول

دقيت سنين.. والرد يرجع لي: مين؟

لو كنت عارف مين أنا .. كنت أقول

عجبى!!

ويعكف المخرج السورى محمد ملص حاليا على إعداد فيلم وثائقى عن مجمل أعمال “عبد لكى “، وكان قد انتهى تقريبا كتصوير، والآن فى مرحلة المونتاج، لكنه ربما يحتاج إلى بضعة أيام تصوير إضافية، لتلبية التشدد الجمالى والمهنى المعروف عند هذا المخرج الكبير.

والفنان «عبد لكي” من مواليد القامشلى «شمال شرق  سورية» عام 1951 ميلادية، وتخرج فى كلية الفنون الجميلة بدمشق عام 1976، وأكمل فى باريس دراساته العليا، إذ حاز دبلوم حفر من المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة فى باريس عام 1986، ثم حاز درجة  الدكتوراة فى نهاية الثمانينيات.

وتحتفى بعض المتاحف بأعماله، فهى مقتناة فى متاحف بريطانيا، وباريس، وعمان، والكويت.

> يستمر معرض «رباعيات صلاح جاهين» فى استقبال زواره بقاعة المشربية حتى نهاية أبريل المقبل.

المصدر: الأهرام

زر الذهاب إلى الأعلى