القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للشعوب العربية، ولا أحد أياً كان هذا الأحد أن يزاود علينا – في هذه الفترة بالذات – بأهمية القضية الفلسطينية وخاصةً و نحن نذبح بالسكين واليد الفارسية بحجة المقاومة والممانعة.
و الشعب العربي بشكل عام قدم لتلك القضية “وبلا منية” أكثر من طاقاته وإذا أردت أن أخصص فإن السوريين يتقدمون على الجميع بالتضحية لأجل فلسطين و تحريرها منذ احتلالها، أما الأنظمة التي مرت و توالت على السلطة في الوطن العربي فقد كانت عاملاً مساعداً لاحتلال الصهاينة فلسطين من الملك حسين إلى القذافي و الأسد مروراً بكل الزعماء أصحاب الشعارات القومية الفارغة، وللتذكير لمن لديه ذاكرة السمك: مذبحة أيلول الأسود، مخيم تل الزعتر، صبرا وشاتيلا، وحرب المخيمات وحصارها التي نفذتها وقادتها “حركة أمل الشيعية” برعاية إيرانية فارسية وسورية أسدية، ناهيك عن حالات تقسيم قوى الثورة الفلسطينية واختراقها التي قام بها ورعاها النظام الرسمي العربي وبدون استثناء من يمينه إلى يساره.
“مجازاً هذا التوصيف”و أمثلة التمزيق وخلق منظمات موالية للأنظمة كثيرة من الصاعقة السورية للجبهة العربية التي دعمت من صدام، إلى شق فتح بحركة “أبو نضال” إلى الدور القذر لأحمد جبريل ودعم القذافي والأسد لجبهته المنحلة ثورياً وأخلاقياً وصولا إلى فتح الانتفاضة التي رعتها المخابرات السورية منذ البدء حتى الخاتمة.
وضمن هذا السياق والظرف التاريخي توجهت “الثورة الإيرانية” إلى دعم القضية الفلسطينية وباركت ودعمت حماس ليكون لها مشروعها التفتيتي على الساحة الفلسطينية وفي ذات الوقت عززت دعم القوى الشيعية في لبنان ليرفعوا شعار المقاومة “حزب الله” و بما أن فلسطين هي القلب بالنسبة إلى جسد الإنسان العربي؛ انساقت كثير من القوى القومية والتقدمية وراء المشروع الإيراني و اعتبروها حاملة لواء المقاومة و لهذا سخت إيران بالعطاء والدعم لكثير إن لم يكن لمعظم هذه القوى أصحاب الرايات القومية التقدمية فدخلوا في دوامة المشروع الإيراني وأصبحوا من دعاة هذا المشروع سياسياً وإعلامياً و أيديولوجياً ودخلت إيران في حرب لا مبرر لها مع العراق التي استمرت ثماني سنوات تحت حجة “تصدير الثورة” ، و استنزفت قوة العراق العربية، وقُسِّم الشارع العربي بين مؤيد و معارض لتلك الحرب المدمرة وهذا هو الهدف الفارسي من وراء تلك الحرب القذرة ورغم ذلك استطاع العراق أن يعيد بناء نفسه وأن يقف مجدداً ليكون العراق دولة قوية وقاعدة صناعية وعلمية لها مكانتها في المنطقة وهذا ما لم يرض أمريكا وإيران اللتان التقتا على مشروع إبادة هذه القوة العربية العراقية، وكان ما كان من إسقاط بغداد، وإعدام صدام، واحتلال أمريكا للعراق لتسلمه بعدئذ لإيران الفارسية ضمن تبادل الدور والمصلحة بينهما ومازالت إيران تحتل العراق بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وأخرجت العراق من القوة الفاعلة عربياً.
ومن ينظر ويراقب الدور الإيراني في هذه الأيام من إبادة للعنصر العربي السني يفهم أي دور لإيران المقاومة والممانعة.
ومنذ إحدى عشرة سنة وبعد قيام الثورة الشعبية في سورية نرى الدور الإيراني الفارسي من خلال دعم نظام القتل والإجرام الطائفي الأسدي، ودخولها المباشر هي وميليشياتها الطائفية من لبنان إلى باكستان مروراً بكل حثالات تنظيمات العراق وأفغانستان الطائفية.
بعد كل ما تقدم، نرى أن الدور الفارسي في المنطقة العربية يعادل بل يفوق الدور الصهيوني والممارسات الإسرائيلية، من خلال مشاركتها بضرب المشروع النهضوي العروبي الاسلامي، عبر دعم الحركات والفصائل المذهبية الشيعية لتكون ذراعها الضارب لأي تحرك شعبي عربي ، وهو عامل مساعد أي “الدور الايراني” لكي يتحقق المشروع الصهيو صفوي في المنطقة العربية، ورغم ذلك مازالت إيران ترفع شعار المقاومة والممانعة ومازال المطبلون قومياً يملؤون الشارع السياسي العربي ويملؤون الفضائيات مدافعين عن إيران و مشروعها. والأنكى من ذلك كمثال: في فترة من الفترات و بالتحديد عام 2006 راح البعض من القوميين يدعون للانخراط في مشروع حزب الله لأنه يمثل الأمة.
أعود وأقول كما تعلمنا منهجياً إن تحرير فلسطين لا يمكن أن يكون إلا بالتحرر من النظام الرسمي العربي، وإسقاط الأنظمة الإقليمية وما كانت ثورات الربيع العربي إلا بداية لهذا التحرر، الذي أُجهض بمساعٍ غربية وصهيونية وعربية رسمية أيضاً وبمساعدة فارسية كما حصل ويحصل في اليمن وسورية.