زادت حدة المطالب للمعارضة السورية بالكف عن المشاركة في محادثات الدستور السوري، التي تجرى برعاية أممية في جنيف مع اختتام “الجولة السابعة”، الجمعة، من دون التوصل لأي نتائج، بسبب احتدام الخلافات بين المعارضة والنظام، على خلفية رفض وفد الأخير أي تعديلات على المبادئ الدستورية، خصوصا المتعلقة بهوية ورموز الدولة.
وما يدل على فشل الجولة، إلغاء المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، مؤتمرا صحفيا له كان مقررا في ختام الجولة، مكتفيا ببيان صادر عن مكتبه، قال فيه إن “الجولة السابعة للجنة الدستورية انعقدت بجنيف عقب مشاورات مع الرئيسين المشتركين وممثلي المجتمع المدني مع توضيح منهجية آلية عمل اليوم الأخير للجولة”.
خيارات المعارضة
ورأى المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية، يحيى العريضي، أن المعارضة السورية لديها خيارات كثيرة بعد فشل الجولات السبع الماضية، موضحا أن من الخيارات العودة للالتصاق الفعلي بطموحات الشعب السوري وحقه في استعادة دولته.
ولوح العريضي، في حديث لـ”عربي21″، بخيار تعليق مشاركة المعارضة، مؤكدا أن “من الخيارات القطع مع هذا المسار العبثي البائس، والاشتراط على المبعوث الدولي أن يسمي الأمور بمسمياتها في إحاطته القادمة أمام مجلس الأمن، وتحديد الجهة المسؤولة عن إفشال العملية السياسية، أو أن يستقيل”.
ودعا إلى الطلب من المجتمع الدولي بخطاب يحمل توقيع ملايين السوريين بتطبيق القرارات الدولية بحذافيرها، ونقل القرار إلى الجمعية العامة في حال استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو).
واعتبر أنه “يجب تفعيل ما يقارب 2 مليون وثيقة تثبت إجرام النظام أمام محاكم العالم؛ لمحاسبة المجرمين، وإطلاق حملة دولية للمعتقلين والمخطوفين، والسعي لبقاء الدعم الدولي الإنساني للمهجرين”.
إجبار النظام
من جانبها، أكدت عضو “اللجنة الدستورية المصغرة” إيلاف ياسين، أنه يجب إجبار النظام بطريقة ما على تقديم أوراق فيها صياغات دستورية، وأن يدخل وفده في نقاشات تقنية، حتى يتم تحقيق تقدم في مسار عمل اللجنة.
وأضافت في تصريح لـ”عربي21″: “بذلك نضمن تورط النظام في صياغة دستور جديد للبلاد عاجلا أم آجلا، وهو ما سيقود حكما إلى إزاحة هذا النظام”.
وبينت أن العملية الدستورية تسير ببطء شديد، وتحقق بعض الخطوات الصغيرة التي لا توازي بأي شكل من الأشكال التضحيات التي قدمها الشعب السوري.
وأشارت إلى تراجع الاهتمام الدولي بالملف السوري، معتبرة أن توفر الإرادة الدولية من شأنه تحقيق تقدم حقيقي في مسار عمل اللجنة.
وحول خيارات المعارضة، قالت عضو اللجنة الدستورية إن “الخيارات واضحة، بحيث لن يشارك وفد المعارضة ووفد المجتمع المدني (المعارض) بأي جولة لاحقة غير واضحة المعالم”، موضحة أن “ما يجري هو أن النظام يرضخ للضغوط الدولية قبل بدء الجولة، وفي الجولة يبدأ وفده بإثارة الشغب”.
وتابعت: ” أعتقد أنه من الواجب البحث في السبل التي تضمن تضييق مساحة المناورة والمراوغة من جانب النظام”.
وحذرت من محاولات تمييع قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في العام 2015، عبر مبادرات غير مفهومة ومبهمة، مثل مقاربة “خطوة مقابل الخطوة”، داعية إلى التمسك بالقرار الأممي، والاستمرار بمسار اللجنة الدستورية.
“مهزلة” المسار الدستوري
ورغم عدم تحقيق اللجنة لتقدم واضح، إلا أن الكاتب والمحلل السياسي حسن النيفي، يعتقد أن اللجنة ستبقى قائمة، ويقول: “مهزلة اللجنة الدستورية قائمة، والوفود ستتوجه لجنيف في أيار/ مايو القادم، تاريخ انعقاد الجولة الجديدة”.
وأضاف لـ”عربي21″: “يجب التأكيد أولا أن خيار اللجنة الدستورية لم يكن منبثقا من قرار وطني جامع، بل هو خيار مفروض من جانب الروس على إثر انعقاد مؤتمر سوتشي أواخر العام ٢٠١٩، وبدفع إقليمي من محور “أستانا”، ولعل رضوخ المعارضة السورية ومن ثم تماهيها مع هذا المسار، على الرغم من فشله المتراكم، قد أزاح هيئة التفاوض والائتلاف من دورهما الوطني إلى دور وظيفي، بدليل استسلامهم الكامل لهذا المسار العبثي، وعدم جديتهم بالبحث عن وسائل أو استراتيجيات أخرى للمواجهة.
وقال النيفي إنه رغم وجود فرصة نادرة للتنصل من مسار أستانا، وأقصد الغزو الروسي لأوكرانيا، وما قد ينتجه من فرص جديدة لإعادة تموضع قوى المعارضة عسكريا وسياسيا، إلا أن المعطيات الراهنة لحراك المعارضة السورية لا تؤشر إلى وجود أي نية لتغيير طرق المواجهة.
ودعا القوى الوطنية السورية التي هي خارج الكيانات الرسمية (الائتلاف، هيئة التفاوض)، إلى أن تضغط بشتى الوسائل لوقف هذه “المهزلة”، وتقديم مشروع جديد لنضال السوريين ينبثق من أولوياتهم وحاجاتهم، وليس من أجندات الخارج، على حد تعبيره.
ماذا يتضمن القرار 2254؟
وشمل القرار الأممي 2254، الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية، 16 مادة تتضمن وقفا دائما لإطلاق النار من خلال جهود الدول صاحبة التأثير على النظام السوري والمعارضة، وفق خطة تنفيذ لعملية سلام تضم تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة في غضون ستة أشهر، وإجراء انتخابات خلال 18 شهرا، بعد أن تتم صياغة دستور جديد لا يستند إلى أسس طائفية، تحت إشراف ومراقبة من الأمم المتحدة.
وضم القرار إجراءات بناء ثقة بين الأطراف المتنازعة، مثل فتح ممرات إنسانية، والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول السريع والآمن إلى جميع أنحاء سوريا، والإفراج عن المعتقلين بشكل تعسفي، خاصة النساء والأطفال منهم.
وطالب بتوقف جميع الأطراف عن تنفيذ أي هجمات ضد المدنيين والمرافق الحيوية والطبية وفرق العمل الإنساني، وعودة النازحين داخليا إلى منازلهم، وإعادة تأهيل المناطق المتضررة، وتقديم المساعدة للدول المضيفة للاجئين.
وأوجب كذلك تقديم تقرير سريع خلال شهر واحد من بدء تطبيق القرار من الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن حول الالتزام بتنفيذ بنود القرار 2254.
يشار إلى أن القرار 2254 بني على المبادئ التي نصت عليها وثيقة “جنيف 1″، التي أعلن عنها البيان الختامي الصادر عن اجتماع “مجموعة العمل من أجل سوريا” في 30 من حزيران/ يونيو 2012، حيث يشكل القرار الأممي المرجعية المُتفق عليها وإطار العمل الناظم لعملية التفاوض الحالية
المصدر: عربي 21