أصبح لحزب الله كل الدور في مواجهة الثورة السورية وكأنه أحد كتائب جيش النظام السوري يقاتل معه في كل المواقع.
نعود للماضي قليلاً : خرج الاستعمار الفرنسي من لبنان عام ١٩٤٦بعد تثبيت دستور وقوانين تفرض نظام المحاصصة السياسية في لبنان طائفياً ودينياً وتوزع مؤسساتها كدولة بين الأديان و الطوائف بنسب محددة
انتج هذا حالات حزبية مشكلة على أساس ديني مذهبي وطائفي بلبوس مسيحي او اسلامي او عربي الكتائب والأحرار والمردة…الخ للمسيحيين، ومثلهم للمسلمين السنة والتقدمي الاشتراكي للدروز…الخ . هذه عينات وليست جردة كاملة
دخل على تنوع لبنان السياسي حضور الثورة الفلسطينية بعد مذابح أيلول الأسود في الأردن في ١٩٧٠م، وغيروا في معادلة القوى بين الأطراف ، كان الأحزاب الإسلامية السنية والدروز وبعض الأحزاب الوطنية الغير طائفية كالحزب الشيوعي والمرابطون.الخ قد أخذوا المسار الوطني العروبي المساند للثورة الفلسطينية. اما القوى المسيحية فقد رفضت حضور الفدائيين الفلسطينيين الى لبنان لانه يخل بالتوازن الطائفي ويؤثر على رؤيتهم للبنان الأقرب لاوربا، لإبعاد لبنان عن رياح إسرائيل العاتية، وعدم التورط بالصراع معها
في نفس الفترة جاء الى لبنان رجل الدين الإيراني الشيعي موسى الصدر وبدأ بالتدريس والدعوة في حوزتها الدينية الشيعية يطرح ضرورة بناء حركة باسم الشيعة و لمصلحتهم، هم مستضعفين و فقراء ومهمشين، انشأ حركة أفواج المستضعفين اللبنانيين أمل. بدأت تنتشر بين الشيعة بسرعة كهوية لا بد منها ، وخلف حضور لطائفة كانت غائبة عن الشأن السياسي العام. وقفت على مسافة بين الوطنيين وحلفائهم الفلسطينيين، وبين الأحزاب المسيحية وكانت تنوس بين الطرفين حسب المصلحة المباشرة
لم يكن للبنان أن يستمر في حالة صراع مكتوم بين الوطنيين والثورة الفلسطينية في مواجهة التحالف المسيحي المدعوم من الغرب ورضى اسرائيل التي بدأ الفدائيين الفلسطينيين بعمليات عسكرية في خاصرتها بجنوب لبنان.
دُقت طبول الحرب الأهلية المفتعلة بتفجير باص عين الرمانة في ١٩٧٥م، وبدأت الأطراف معركة الحسم التي مالت لمصلحة تحالف الوطنيين والفلسطينيين؛ عرفات وجنبلاط. هنا بدأت الأطراف الدولية مع النظام السوري بالبحث عن صفقه تحجم الفلسطينيين وتردع الوطنيين وتطمئن المسيحيين وترضي إسرائيل وتجعل سوريا الرقم الفاعل في لبنان .جولات فيليب حبيب المكوكية. دخل النظام السوري لبنان ليكون الشرطي الذي يقوم بالدور، ضربت الفلسطينيين بعنف، مجزرة تل الزعتر وغيرها، وأعادت التوازن على الأرض وحجّمت الوطنيين اللبنانيين وهددت كمال جنبلاط رمزهم بأنه يتجاوز خطوطا حمراء وصفّته بالاغتيال بعد ذلك. أصبح النظام السوري منذ عام ١٩٧٥ اليد العليا في لبنان.
.كانت حركة أمل بقيادة الصدر الطرف اللبناني الوحيد المتوافق بالكامل مع النظام السوري وبدأت الحركة تتضخم على حساب كل القوى الاخرى التي سحقها أو حجمها النظام كالحزب الشيوعي والمرابطون الناصريون والتقدمي الإشتراكي حزب كمال جنبلاط…..الخ
الامور على الارض لم تهدأ، الفلسطينيين لم يتوقفوا عن ضرب اسرائيل، والاسرائيليين قرروا الحسم ذاتيا من خلال عدة اجتياحات كان آخرها لبيروت ١٩٨٢م . الذي أدى إلى خروج الفلسطينيين من لبنان بناء على تدخل امريكي، ودخول القوات الدولية أمريكا وفرنسا إلى بيروت. وانسحابهم هاربين بعد عمليات تفجير لمواقعهم أدت لمئات الضحايا
حصل في ذات الوقت متغير إقليمي هام وهو قيام “الثورة” في إيران التي ومنذ لحظة قيامها أصبحت مع النظام السوري رقما فاعلا أساسيا في لبنان. المفجرين لمواقع الأمريكان والفرنسيين والإسرائيليين في لبنان هم شباب من حركة امل تدربوا في إيران
هكذا كانت بداية تبلور ظهور حزب الله اللبناني حيث سارعت مجموعة من كوادر أمل لتشكيل حزب الله معلنة تحالفها الاستراتيجي مع النظام السوري و تبعيتها المباشرة للإمام الفقيه في ايران
وجد النظام السوري في حزب الله ضالته؛ مجموعة عقائدية مستعدة للتضحية والموت لما يؤمرون به من خلفيات دينية مذهبية قطعية مسلحة ومدربة ولها قضية عادلة تحرير فلسطين ؟!!. تملأ فراغ غياب الفلسطينيين وتحجيم الوطنيين وتحويلهم لورقة تستخدم بالوكالة لتحسين شروط حضور النظام السوري ووراءه إيران في لبنان وتعاطيه مع “إسرائيل” كورقة تفاوضية داخل لبنان ومن أجل الجولان المحتل ولو ادعاء تحول حزب الله للطرف الفاعل في لبنان تحت المظلة السورية – الايرانية، فهو الحامل للسلاح ويملك شرعية مدّعاة ؛ محاربة “اسرائيل
استخدم النظام السوري ومن ورائه إيران حزب الله ورقة ضغط على “اسرائيل” والغرب وكان رد اسرائيل على ذلك مزيد من ضرب لبنان وبنيته التحتية واجتياحه المرة تلو المرة .وهكذا يخرج الحزب بعدها أكثر دعما وشعبيه بصفته المقاتل الوحيد على جبهة “إسرائيل” ، مع الصمت عن ما يصيب اللبنانيين من موت ودمار، وعدم التحدث به وكأنه دعم ضمني “لإسرائيل”،حيث توّج حزب الله وقائده أبطالا بعد اجتياح لبنان الأخير عام ٢٠٠٦م
جاءت الثورة السورية عام ٢٠١١م وتحالف حزب الله ومن ورائه إيران مع النظام ضد الشعب السوري، حيث أكدت أنه
اولا: لا يستطيع حزب الله الخروج من أزمته الوجودية انه حزب طائفة “الشيعة” في لبنان، وان رفع راية تحرير فلسطين عاليا وكأنه يغطي بها عورته اكثر من انه يخدمها
ثانيا: أنه أداة بيد النظام وإيران يستخدم وفق أجندتهم حتى لو كانت ضد الشعب في سوريا ولبنان و ضد الطائفة الشيعية في لبنان ايضا. وانه ضد مطلب السوريين بالحرية والكرامة والعدالة ودولته الديمقراطية. وبدأ يقاتل على الأرض السورية وبمنطق طائفي معلن بوحشية زادت على وحشية النظام السوري المستبد
ثالثا: أسقطت الثورة السورية هالة حزب الله السابقة وانه مقاوم ضد “إسرائيل” وظهر على حقيقته: حزب طائفة ويتبع أنظمة قمعية استبدادية ويستخدمها مليشيات مرتزقة ضد الشعب السوري
رابعا: الثورة السورية أعادت فهم الواقع وكشفت كل الأطراف ومنها حزب الله الذي بدأ عصر أفوله و تورطه بحرب على أرضه وضد الشعب اللبناني والربيع اللبناني القادم سيضع النقاط على الحروف
هذا هو حزب الله ودوره…
وبداية نهايته
أخيراً: مر كثير من الوقت على كتابة هذا النص عن حزب الله اللبناني وجوده ودوره، وبعد مضي سنوات مازال يقوم بذات الدور المخرب في لبنان وفي سوريا، فهو في لبنان يعتبر بمثابة دولة ضمن الدولة، وهو الحاكم الفعلي، فلا يوجد أي متغير سياسي أو اقتصادي داخلي او خارجي الا وهو مشروط بقبول حزب الله ومحققا لمصلحته. ظهر هذا في الأزمة المالية للبنوك اللبنانية وودائع الناس المتبخرة، وأنه المتحكم في تشكيل الحكومة والوزارة والسياسة الخارجية، التي وصلت إلى مرحلة قطيعة مع دول الخليج بعد حماقة جورج قرداحي، وقطعت إمدادات دول الخليج للبنان وزادت حياتهم جحيما.
وعلى مستوى سوريا فمازال التكامل بين دور إيران وحزب الله و المرتزقة الطائفيين على الأرض السورية مع الحضور الروسي بمثابة استعمار حقيقي يهيمن على السلطة في المناطق المتبقية للنظام السوري، مع الدور العقائدي في التشييع الإيراني والتغيير الديمغرافي الذي أصبح علنيا وواضحا في أغلب المناطق السورية التي مازالت تحت سيطرة النظام.
حزب الله اللبناني الإرهابي القاتل ضد اللبنانيين والسوريين ويخدم أجندة إيران في المنطقة ويمثل عدوا للشعب السوري وثورته .