تسعى هذه الورقة إلى فهم العلاقات المغربية-الإسرائيلية بقليل من التاريخ وبكثير من التحليل السياسي لاتجاهات تلك العلاقات بعد أكثر من عام على تطبيعها، وكيف استحالت العلاقة الطبيعية بين المغرب وإسرائيل إلى علاقة صداقة تحركها المصلحة العابرة أو أبلغ من ذلك إلى علاقة شراكة استراتيجية بأفق تحالفي.
لم تُدرَس العلاقات بين المغرب وإسرائيل منذ انقطاعها سنة 2000؛ حيث غابت المعطيات عن تعاون ظل بعدها قائمًا بينهما وراء الكواليس. واليوم وقد استعادت العلاقات الثنائية طابعها الرسمي، فإن الوتيرة التي تسير بها عملية تطبيعها تعد مكافأة لإسرائيل على طول نَفَسها أمام تأخر المغرب في استكمال العملية لفترة ليست بالقصيرة؛ إذ كان التطبيع واردًا بقوة في عهد الملك الراحل، الحسن الثاني، ولكن جرى إرجاؤه للعهد اللاحق؛ حيث سيظهر أن التطبيع ليس مجرد خطوة رمزية وإنما عملية راسخة للتصالح مع مرحلة القطيعة السابقة ولتمييز السياسة الخارجية الحالية تجاه إسرائيل.
وبغضِّ النظر عن أن الأمر لم يكن هينًا على المغرب، فإن تجاوزه لمرحلة المشي على قشور البيض في مسلسل تطبيع علاقاته مع إسرائيل، وانعطاف دالَّة التعاون بين البلدين نحو التصاعد هو مؤشر على أنه في ظل الظروف الدولية الحالية، فإن المصالح الاستراتيجية المشتركة هي أساس راجح للعلاقات الثنائية بغضِّ النظر عن تقاسم القيم والمؤسسات السياسة.
في ضوء ذلك، تسعى هذه الورقة إلى إجراء فحص علمي للعلاقات المغربية-الإسرائيلية بقليل من التاريخ وبكثير من التحليل السياسي لاتجاهات تلك العلاقات بعد أكثر من عام على تطبيعها، وذلك في محاولة للإجابة عن سؤال مدى استحالة العلاقة الطبيعية بين المغرب وإسرائيل إلى علاقة صداقة تحركها المصلحة العابرة أم أبلغ من ذلك إلى علاقة شراكة استراتيجية بأفق تحالفي.
المكانة التاريخية للمغرب في الاستراتيجية الإسرائيلية
يعود اهتمام إسرائيل بالمغرب إلى ما قبل إعلان قيام دولتها بكثير، أي في مرحلة بداية نواتها الأولى مع الحركة الصهيونية؛ حيث بدأ “الاختراق الصهيوني للمغرب عام 1900، أي بعد ثلاث سنوات فقط من أول مؤتمر للحركة الصهيونية من خلال تأسيس ثلاث جمعيات للتغلغل في المجتمع اليهودي المغربي في مدن تطوان وموغادور (الصويرة) وآسفي”(1)؛ وذلك في إطار خدمة المصالح التعليمية الصهيونية، من خلال تأهيل اليهود المغاربة وإعدادهم لمشروع إقامة فاتيكان يهودي يوطِّن شتاتهم إلى جانب غيرهم من يهود العالم.
وبحكم أن الحركة الصهيونية حركة استعمارية من حيث جذورها؛ حيث ولدت في حضن الاستعمار واعتمدت على دعمه، فقد يسَّر الاستعمار الفرنسي نشاط المنظمات الصهيونية بالمغرب، بدءًا بالتساهل مع تحركات الاتحاد الصهيوني الفرنسي (FZF) الرامية إلى تجنيد الناشطين لمصلحة الحركة الصهيونية وتوزيع وثائقها التبشيرية على مراكز الجاليات اليهودية. وقد وصل ذلك الدعم أوجه مع المقيم العام، تيودور ستيج (Théodore Steeg)، الذي خلف الجنرال ليوطي (Lyautey)؛ إذ “في ظل حكمه، جرى الترويج للنشاط الصهيوني من خلال الصحف”(2). وقد استفاد اليهود المغاربة خلال المرحلة الاستعمارية من حماية السلطان محمد الخامس في ظل سياسة التطهير العرقي للنظام النازي الألماني وإصدار حكومة فيشي الفرنسية لقوانينها العنصرية، بحيث وقف ضد مظاهر معاداة اليهود في المغرب، سيما أن المنظمات الصهيونية سعت لزرع الشعور بانعدام الأمن بينهم لحملهم على مغادرة المغرب.
كما عمل الراحل، محمد الخامس، على الدفاع عن حق اليهود في التنقل داخل المغرب وخارجه، وفي هذا الإطار الأخير انطلقت صداقة المغرب مع إسرائيل في نهاية الخمسينات من القرن الماضي بقيامه بترتيب جزئي معها لتنظيم هجرة اليهود المغاربة إليها بالرغم من الضغوط القومية المتنامية لدى قادة الحركة الوطنية المحلية والزعماء العرب، علمًا بأن معظم يهود المغرب تأخروا في الهجرة مقارنة بنظرائهم في دول عربية أخرى؛ “ففي حين كان يهود الجزائر في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات يغادرون على عجل إلى فرنسا عشية استقلال البلاد، وحيث كان هناك اتجاه مماثل بالفعل في تونس، تحركت الجاليات اليهودية المغربية بشكل أبطأ”(3).
لقد وفَّر اليهود المغاربة الذين هاجروا إلى إسرائيل أساسًا ديمغرافيًّا مهمًّا لقيام الكيان الإسرائيلي واستمراره، بحيث “يتحدَّر أكثر من مليون مواطن إسرائيلي من جذور مغربية، وهم يشكِّلون ثاني أكبر مجتمع في إسرائيل بعد المجتمع اليهودي الروسي”(4)، مندمجين جيدًا في إسرائيل. إنهم موظفون حكوميون رفيعو المستوى في الإدارة الإسرائيلية وفي الأحزاب السياسية الإسرائيلية عبر الطيف السياسي(5). ولعل الدكتور ليون بنزاكوي(6) (Léon Benzaquen) كان محقًّا في نبوءته حينما “أعلن في عام 1956 أن مستقبل اليهود “سيكون كما يريده اليهود المغاربة”(7)، ليس فقط من هاجروا إلى إسرائيل وإنما حتى أولئك الذين مكثوا في المغرب. فقد “ذهب رينيه كاسان (René Cassin)، الذي كان لا يزال رئيسًا للتحالف الإسرائيلي العالمي (الفرنسي-اليهودي)، في عام 1970، إلى حدِّ الإشارة بأن وجود اليهود في المغرب أمر حيوي للتقارب المستقبلي بين إسرائيل والمغرب”(8)، وذلك على أساس أنها ستحتاج إلى الاستفادة من وجودهم بالمغرب؛ حيث سيجعل ذلك إقامة علاقات معه أكثر سهولة.
ومنذ إنشاء إسرائيل، حافظ اليهود المغاربة على روابط ثقافية ودينية مع وطنهم. وعلى هذا الأساس، كان الملك الحسن الثاني أول رئيس عربي يلتقي ناحوم غولدمان، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، في عام 1970(9). وقد قام المغرب وجاليته اليهودية بوساطة متبادلة، فمن جهة أولى شكَّل الحرص على خدمتها الأساس الذي ظل المغرب يستند إليه للدفاع عن وجود علاقات مباشرة مع إسرائيل، والإيمان بواقعية التفاوض معها، وفي هذا الإطار “كان الحسن الثاني نشطًا في الوساطة العربية-الإسرائيلية، متحدثًا إلى القادة الإسرائيليين والعرب بتشجيع ودعم الولايات المتحدة وفرنسا. فقد كانت عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قضية سياسية أيدها بشدة، معتبرًا أن أول جالية يهودية عربية أمازيغية في إسرائيل، من المغاربة، تستوجب عليه ذلك”(10). ومن جهة ثانية، أسهمت الجاليات اليهودية في توطيد علاقات المغرب مع الغرب من خلال التوسط في حشد الدعم الأميركي له على الخصوص.
في ذروة الصراع العربي-الإسرائيلي، وفي خضم حالة الانقسام بين الدول العربية، وفي الوقت الذي صار “من الممكن تمامًا أن نتخيل مواقف يصل فيها التنافس العربي-العربي إلى ذروته بحيث يكون هناك فاعل عربي مستعد للتعاون مع إسرائيل في مواجهة آخر”(11)، دفعت التطورات المغرب وهو يستشعر تهديد النهج القومي الناصري الذي يستعدي إسرائيل في نفس الآن، إلى حصول تقارب بين المغرب وإسرائيل بلغ أوجه مع حصوله على دعمها العسكري وذلك عندما “شقت طائرات ميستر ودبابات فرنسية الصنع طريقها من إسرائيل إلى المغرب للمساعدة في الحرب ضد الجزائر التي تلقت مساعدة مصرية”(12).
تعتبر إسرائيل المغرب وسيطًا ودودًا تجاه العالم العربي والإسلامي(13)، وقد تعززت ثقة إسرائيل بالمغرب في هذا الإطار منذ سنة 1976، حينما زار إسحاق رابين المغرب لبحث إمكانية قيامه بالمساعدة في تعزيز الحوار بين إسرائيل ومصر، وهو ما أثمر فعلًا استضافة المغرب في السنة الموالية اجتماعًا سريًّا بين وزيري خارجية إسرائيل ومصر، مما مهد الطريق لزيارة السادات الشهيرة لإسرائيل، وتوقيع اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية.
كما تهتم إسرائيل بالمغرب نظرًا لكونه يتولى منصب رئاسة لجنة القدس نيابة عن منظمة المؤتمر الإسلامي. وذلك على الرغم من رمزية دور المغرب في هذا الإطار؛ حيث يُراد منه بالأساس أن يكون شاهدًا على سلطة دينية خارجية للملك. فرغم أن المغرب لم يعقد اللجنة إلا مرات قليلة، ومع ذلك فتحركاته في قضية المقدسات الإسلامية في القدس تستمر في إحراج إسرائيل والضغط عليها، وذلك كما حصل في ديسمبر/كانون الأول 2017، حينما أرسل الملك محمد السادس رسالة خاصة إلى الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ردًّا على قراره بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس؛ حيث عدم القبول بذلك يعني اعتراض المغرب على جعل القدس عاصمة لإسرائيل.
التطبيع الرسمي للعلاقات الثنائية: دور الطرف الثالث ومحاذير التداعيات
بعيدًا عن ديناميات الصراع العربي-الإسرائيلي، وبغضِّ النظر عن تطورات ملف الصحراء الذي أشيع أنه كان وراء استعادة المغرب وإسرائيل لعلاقاتهما السابقة وأكثر؛ فالذي جعل آفاق العلاقات الطبيعية بين المغرب وإسرائيل ممكنة في الوقت الراهن وليس قبل ذلك، هو الدور الذي لعبته القوة الوسيطة في حصول الاتفاق بين الطرفين، وذلك في شخص رئيسها، دونالد ترامب، الذي عُرف عنه تحمسه لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والعرب، فكان أن أثمرت تحركاته الدبلوماسية ما عُرف بـ”اتفاقات أبراهام” التي ألحقت دولًا عربية مهمة بركب التطبيع، منها المغرب كما هو معلوم.
إن الحاجة إلى طرف ثالث في عملية التطبيع المغربي-الإسرائيلي، جعلت دوره يتجاوز الجوانب التقنية واللوجستيكية بدليل أن الاتفاق جرى توقيعه بالمغرب وليس بدولة الطرف الوسيط (الولايات المتحدة الأميركية). ولذلك، لا يمكن فصل عملية التطبيع هذه عن التأثير أو الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما ينسجم مع ديناميكيات الهيمنة الغربية التقليدية.
طبعًا، لم يصل ضغط الولايات المتحدة الأميركية على المغرب حدَّ التدخل بشكل ما للتأثير على وضعه الداخلي بما يمهد الطريق لدفعه إلى قبول تطبيع ظل يرفضه من قبل. غير أن التحول الذي وقع، يمثل نهاية عملية ممتدة ومعقدة، وظَّفت فيها الإدارة الأميركية آليات الدعم الدبلوماسي والتنموي والأمني، وتوَّجتها بوسيلة إقناع لا تُضاهى من حجم الإقرار الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء؛ حيث سياسة الاعتراف هي أيضًا امتداد لتأييد الولايات المتحدة الأميركية للمقترح المغربي بالحكم الذاتي في الصحراء، وتعزيز لمسلسل المساعدات الأمنية والتنموية الداعمة لأهداف المغرب فيها.
هذا فضلًا عن أن “تحقيق أهدافه بشأن الصحراء الغربية قد يساعد في إسكات المعارضة الداخلية لقرار المغرب بشأن التطبيع. بالإضافة إلى ذلك، ربما يكون المغرب قد قدَّر أن ردود الفعل الداخلية ستكون معتدلة نسبيًّا في ضوء ردود الفعل العربية على صفقات التطبيع السابقة مع إسرائيل”(14)، خاصة أن وزر عملية التطبيع وقع على حزب العدالة والتنمية الذي وقَّع أمينه العام، بصفته رئيسًا للحكومة، على اتفاق التطبيع مع إسرائيل، في وقت كانت القضية الفلسطينية تمثل خط الدفاع الأول عن الهوية الإسلامية بالنسبة للحزب؛ مما كشف عن اقتصار رابطه مع فلسطين على المستوى الخطابي في حدود شعار ظل يستخدمه قبل أن يظفر بالسلطة، وذلك مهما حاول أن يبرر الأمر بأنه تصرَّف كحكومة دولة وليس كتنظيم أو حركة، وهو بذلك لم يكن حريصًا على انسجام موقفه السياسي مع سياسة البلاد الخارجية فحسب، ولكن مع قواعد المجتمع الدولية.
لقد أدرك المغرب أن إسرائيل هي مفتاح واشنطن، أي إن الاعتراف الأميركي بسيادته على الصحراء يعتمد بشكل حصري على إسرائيل تمامًا مثلما صار هدف تحقيق دولة فلسطينية يعتمد على إسرائيل. ولذلك ارتضى بأن يكون تطبيع العلاقة معها هو ثمن المساومة مقابل اعتراف أميركي ثمين بمغربية الصحراء. وليس المغرب وحده من ظهر بمظهر المرتَهَن، فحتى إسرائيل ارتهنت بدورها للوساطة الأميركية في إبرام صفقة التطبيع. فكلا البلدين يشتركان في أن سياستيهما الخارجية موالية للولايات المتحدة الأميركية؛ حيث يطمح البلدان دومًا إلى تحصيل دعمها لمصلحتهما فيما يتعلق بالنزاعين اللذين يواجهانهما: نزاع الصحراء بالنسبة للمغرب، والنزاع مع الفلسطينيين بالنسبة لإسرائيل.
وبالرغم من أن المغرب كيَّف اتفاقه مع إسرائيل -بوساطة أميركية- على أنه استئناف للعلاقات معها، إلا أن ذلك ينطوي على إقرار بأن علاقات الطرفين كانت طبيعية أصلًا قبل أن تنقطع، أو صارت كذلك بعدما ظلَّت مع الانقطاع غير معلنة. كما أن عدم تنصيص إعلان الاتفاق الثلاثي على التطبيع هو دلالة على حساسيته بالنسبة للمغرب.
فمن جهة أولى، مصطلح “التطبيع” في معظم لغات العالم له دلالة إيجابية دائمًا تقريبًا، بينما اللغة العربية هي اللغة الوحيدة حيث يُعرف للمصطلح دلالة سلبية(15)؛ ذلك أن “التطبيع” في السياق العربي: “يعني كسر الإجماع المتمثل برفض وجود إسرائيل، وكل تمثيلاتها الرسمية، السياسية والأمنية والاقتصادية والقانونية والثقافية، وبالتالي التعامل معها، ومع مؤسساتها. لذلك فإن رفض التطبيع، أو مناهضته، يفيد بالعكس، أي برفض التعامل مع إسرائيل، باعتبارها غير شرعية، ولكونها قامت باغتصاب أرض فلسطين، وتسببت بتشريد شعبها، وحرمانه من وطنه وحقوقه…”(16).
ومن جهة ثانية، فالتطبيع تُرك لتقدير الطرفين المعنيين، دون أن يكون واجبًا أو التزامًا مفروضًا على المغرب، وبالرغم من أن بلاغ القصر الملكي الذي صدر بموازاة الإعلان الثلاثي حاول حينها نفي الطبيعة الشاملة لعملية التطبيع على أساس أن عودة العلاقات بين الجانبين ستكون جزئية وتدريجية(17)، إلا أن عدم وجود أي حدٍّ زمني لذلك عنى أن التطبيع سيكون ملزمًا لمستقبل تلك العلاقات؛ حيث سيكون التطبيع نتيجة حتمية لتطورها في إطار خيار السلام الدافئ، وأن غيابه سيُفسر على أنه تعليق أو وقف للعلاقات البينية أو حتى عودة لسيناريو السلام البارد.
وفي الوقت الذي كان يمكن اعتبار أن المغرب ليست لديه النية للتطبيع الكامل ترقى إلى مستوى شروط أو مفاوضات لاحقة، تجسد على خلاف ذلك تطبيع العلاقات فعليًّا بين الجانبين بمجرد فتح سياق مؤسسي يفسح المجال للتنظيم بتوقيع اتفاقات ثنائية للتعاون(18)، بل إن عملية التطبيع بدأت رسميًّا مع إعادة فتح مكتبي الاتصال المتبادلين بين البلدين.
وجوابًا على الخشية من أن يُبعد التطبيع التزام المغرب بالقضية الفلسطينية إلى الهامش، فقد سعى بموازاة الإعلان المشترك مع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، للتأكيد على أنه يمكن للمغرب توقيع اتفاق منفصل مع إسرائيل دون المساس بإجماع الأمة المغربية والعربية والإسلامية حول القضية الفلسطينية. وهكذا حرص على بعث رسائل طمأنة من خلال التذكير بموقفه الداعم لحل الدولتين والمدافع عن الوضع الخاص للقدس، غير أن “الإعلان الثلاثي نفسه لم يتحدث عن حل الدولتين كما أنه لم يشر إلى الوضع السياسي لمدينة القدس”(19).
ولكي نكون واقعيين، فالمغرب -وعلى غرار باقي الدول العربية- حتى من دون تطبيع مع إسرائيل، تظل قدرته “على دعم الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل محدودة، بحكم موازين القوى المختلة، والدعم الأميركي لإسرائيل، لاسيما بعد الانكفاء في الصراع العربي-الإسرائيلي، والتوجه نحو التعايش والتسوية مع إسرائيل”(20). ومع ذلك، فالمهم بالنسبة للمغرب هو أن التطبيع لن يجبره على التقليل مما ظل يقدمه من دعم سياسي ومادي للفلسطينيين ولقضيتهم، علمًا بأن هناك تراجعًا واقعًا في مكانة هذه القضية، ليس فقط في أجندة الحكومات العربية، وإنما أيضًا في اهتمامات المجتمعات العربية، ولذلك فإدراج الالتزام بها في الإطار الثنائي مع الفلسطينيين أنفسهم هو أكثر واقعية وفعالية بالنسبة للمغرب من الإطار الإقليمي العربي.
إن علاقة المغرب بإسرائيل هي علاقة تاريخية، وتكمن قيمة تجديدها بالنسبة لإسرائيل ليس في أنها تبحث عن سلام مع المغرب ما دامت علاقتها معه، كما مع دول عربية أخرى، مطبَّعة، لم تكن يومًا ما عدائية، وإنما هي تسعى لتعزيز أمنها بقلب النهج الكفاحي الشعبي تجاهها إلى قبول بها في المحيط العربي؛ حيث أهمية التطبيع بالنسبة لها ليست في العلاقة ذاتها وإنما في مردودها، أي فيما تجسده هذه الأخيرة من اعتراف بشرعية الكيان الإسرائيلي وإدماجه في منطقة الشرق الأوسط الكبير ووقف للحرب النفسية والإعلامية عليه؛ ذلك أن “التطبيع هو خطة دفاع إسرائيلية ضد العداء الذي يخترق قلوب أبناء الضحايا الفلسطينيين والعرب. إنها الآلية الحديثة المناسبة لغرس الهزيمة في الضمير العربي والفلسطيني الجماعي حتى تعيش إسرائيل بسلام”(21).
وهكذا، فالتطبيع على النحو المتصور في العقيدة الاسرائيلية يتجاوز بكثير الحدود الكلاسيكية لاتفاقات السلام لأنه يحدد هدفين دقيقين لمستقبل طرف واحد هو إسرائيل؛ حيث “هدفها الأول هو التحقيق النهائي للمشروع الصهيوني: أي قبول الدولة اليهودية ودمجها في المشهد الإقليمي. وبمجرد تجاوز هذا المعلم السياسي والأيديولوجي، سيتم تحديد مسار التطبيع من خلال البعد الثاني للدولة اليهودية: ارتباطها الجوهري بمجال النفوذ الغربي. وبالتالي، فإن علاقات إسرائيل مع شركائها في المنطقة ستتبع حتمًا نفس المنطق الذي يسود العلاقات بين الشمال والجنوب: ديناميكية استعمارية جديدة بشكل أساسي ستتألف هنا، كما هي الحال في أي مكان آخر، من التحكم في تنمية الدولة وتوجيهها من خلال اللعب على تناقضاتها الداخلية، كجزء من استراتيجية التبعية الشاملة التي يتم تطويرها وتطبيقها وتعديلها بمرور الوقت والظروف”(22).
وكما “نظرت إنديرا غاندي إلى إسرائيل على أنها دولة “توسعية بلا هوادة””(23)، فإن التطبيع يمكن أن يكون أداة هيمنة في يد إسرائيل حتى وإن كان يظهر في شكل استعادة توازن علاقاتها مع الدولة المقبلة على التطبيع معها، بل إنه يعكس هيمنة إسرائيل بمجرد التوصل إليه مع المغرب؛ حيث لم تبذل شيئًا للفوز به، فهو نوع من المكافأة الممنوحة لها، قبل أن تمنح للمغرب ما يستحقه، خاصة بالنسبة للقضية التي فرضت عليه هذا التطبيع أصلًا، أي قضية الصحراء التي لا يزال موقف إسرائيل بشأنها غير واضح ولا ينسجم مع بداية ظهور البلدين بمظهر الحليفين.
شراكة استراتيجية: محور الرباط-تل أبيب في الأفق
مع صعود بايدن رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية أُثيرت المخاوف من أن احتمال تراجعه عن قرار سلفه “دونالد ترامب” بالاعتراف بمغربية الصحراء يمكن أن يهدِّد اتفاق التطبيع المغربي-الإسرائيلي، غير أن هذا التخوف قد تبدد، لا بل تبين أن واشنطن تشجع قيام علاقات متقدمة بين البلدين المطبِّعين؛ لأن كليهما يحظى بدعمها في نهاية المطاف، كما أن ارتكان القوى المحلية المغربية المعارِضة للتطبيع إلى التعايش معه، دفع في المقابل إلى الإسراع بإطلاق شراكة استراتيجية بين البلدين.
إن تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل هو تطبيع مستقبلي بالأساس وليس تطبيع ما سبق، ولذلك فمجرد علاقات طبيعية لا تُرضي الطرفين لتحقيق المصلحة الخاصة لكل واحد منهما، ولمواجهة التحديات المشتركة. إذ منذ تطبيع العلاقات بين الطرفين هناك انهماك كبير في الدفع بتطويرها إلى حدود قصوى؛ ذلك أن وتيرة تطورها تُظهر أن التطبيع انتقل من مبرر الضرورة إلى كونه فرصة وخيارًا استراتيجيًّا؛ حيث إن تحرر الطرفين من عقدة إبرامه وأيلولته نحو التقدم يؤدي إلى مزيد من الرضا الذاتي لديهما، فصار التطبيع بينهما يعني أكثر بكثير من مجرد علاقات براغماتية في وقت جرى النظر فيه لإسرائيل على أنها ليست من الأهمية بمكان بالنسبة للمغرب إلا من حيث نفوذها على الولايات المتحدة الأميركية.
كان معظم التعاون بين المغرب وإسرائيل يجري بشكل غير رسمي، وتجري رعايته من قبل القطاع الخاص في مجالات السياحة والزراعة والتجارة؛ حيث لم تكن تتوافر سوى معطيات قليلة عن حجم ذلك حتى إن بعضها يكون مضلِّلًا؛ فمثلًا قد يجري إدخال بضائع إسرائيلية إلى السوق المغربية، وتوفيرها للمستهلك من خلال شركات لها فروع في أوروبا. كما ظل التعاون البيني ساريًا بعيدًا عن الأضواء في مجال هو بطبيعته سري، شاملًا في الغالب تبادل المعلومات الاستخباراتية وصفقات الأسلحة، علمًا بأن تنفيذ هذه الأخيرة عادة ما كان يتم من خلال طرف ثالث. ومع ذلك، “تؤكد المصادر الإسرائيلية أنها توفر للمغرب الخبرة الأمنية والاستخبارية اللازمة لضمان تفوق المغرب الأمني والعسكري على جيرانه”(24). وبشكل أكثر محدودية، اقتصر التواصل السياسي بين البلدين على الإطار متعدد الأطراف في المحافل الإقليمية والدولية، ولم يُسجَّل ذلك في إطار ثنائي إلا نادرًا وبشكل غير علني.
اليوم، بفضل التطبيع السياسي، صار التطبيع الاقتصادي رسميًّا وبمنزلة جواز ولوج شرعي للبضائع الإسرائيلية إلى الأسواق المغربية؛ بما يحصِّنها ضد دعوات محتملة للمقاطعة الشعبية. وبرغم أهمية ذلك، فالمغرب ليس سوقًا مهمة بالنسبة لإسرائيل، غير أنه قد يمثل مدخلًا مهمًّا لتوسيع دائرة حركتها الاقتصادية في القارة الإفريقية؛ ذلك أن إنشاء مشاريع مشتركة بينهما من شأنه أن يمكِّن المغرب من العمل كوسيط لدول إفريقيا التي لا تربط إسرائيل بها صلات وبالتالي توطيد علاقاتها معها. ففي إطار التعاون ثلاثي الأطراف يمكن للمغرب أن يلعب دور الوساطة التشاركية لنفاذ إسرائيل إلى سوق غرب إفريقيا؛ حيث في مقابل تعبئة إسرائيل لقدراتها التجهيزية والتقنية يمكن للمغرب أن يسهم بجهد التحرك والاشتغال لإخراج مشاريع تستجيب للمتطلبات التنموية لبلدان إفريقيا، وتحقق عوائد متقاسمة للبلدين.
وفضلًا عن أن التطبيع الثقافي بين البلدين لم يعد مقتصرًا على تحركات المجتمع المدني من خلال تبادل الوفود الثقافية والسينمائية والمشاركة في المهرجانات، وإنما صار موضوع اعتماد متبادل وامتد ليشمل حتى التعاون في مجال التعليم، فإن التطور المثير للانتباه هو اتجاه التعاون الأمني والعسكري بين الطرفين للنمو بشكل متزايد في مرحلة التطبيع السياسي. من جهة أولى، فالتنسيق الأمني الذي كان أساس العلاقات التاريخية بين البلدين طفا على واجهة علاقاتهما المستعادة بشكل رسمي، فمن الثابت أنه “استند التعــاون الأمني بين إسرائيل والمغرب إلى أن للنظامين توجهات غربية وعلاقات متميزة مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية”(25)، ومع ذلك، فمن الواضح أن البلدين اللذين تُدرجهما واشنطن في المحور المعتدل من منطقة الشرق الأوسط الكبير، لديهما مصالح أمنية مشتركة بالوكالة لصالحها، حيث الحرب ضد التنظيمات الإرهابية هي حاجة متقاسَمة. من جهة ثانية، في أواخر السنة المنصرمة و”في أول اتفاق من نوعه بين إسرائيل ودولة عربية، وقَّع المغرب والدولة العبرية، مذكرة تفاهم في مجال التعاون العسكري والأمني…، وسيتيح الاتفاق للمغرب اقتناء معدات أمنية إسرائيلية عالية التكنولوجيا”(26). ومن المحتمل ألا يكون مجرد صفقة تسليح، وإنما قد يتطور في اتجاه إحداث استثمار إسرائيلي لتلبية حاجة المغرب في مجال الصناعة الدفاعية من خلال دعمه ومواكبته لإنتاج برامج وأنظمة تسليحية محليًّا.
من جانب آخر، فالتحالف مع اسرائيل هو مهم من حيث مردوده الاستراتيجي بالنسبة للمغرب، بدليل أن السلطات الجزائرية صارت قلقة منه وحذرة من انعكاسه على موازين القوة بينها وبين المغرب، وذلك في ظل ما يمكن أن يحققه من مكاسب التفوق العسكري والأمني والتكنولوجي نتيجة تعاونه مع إسرائيل. ولهذا، “ففي مواجهة تعزيز محور تل أبيب-الرباط بمباركة واشنطن، اتخذت الجزائر بالفعل احتياطات وجرى النظر في حلول لتعزيز التعاون العسكري مع روسيا. رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة، فإن السلطات الجزائرية ستقترح شراكة أقوى بكثير مع القوات العسكرية الروسية، بما في ذلك طلب وصول غير محدود إلى أسلحة متطورة بخطوط ائتمان طويلة الأجل من شأنها أن تسمح للجزائر بدفع ثمن مشترياتها العسكرية الباهظة دون أن تخنق نفسها ماليًّا”(27).
إن اتفاق التطبيع المغربي-الإسرائيلي لم يأت ليجلب فحسب تعاونًا طويل الأمد بين البلدين، وإنما ليكون بمنزلة خطوة إلى طريق إقليمي جديد. فعلى المستوى الإقليمي، وبالرغم مما لاقاه النظام المغربي من انتقادات بعض الدول منها إيران، إلا أنه في المقابل “رحَّب بهذا الاتفاق كثير من البلاد المهمة بالنسبة إلى النظام. وينطبق هذا بشكل خاص على العديد من دول الخليج التي تقدم للمغرب الدعم المالي والمساندة في المنتديات الإقليمية. ففي الواقع، يبدو أن انفتاح المملكة المغربية على إسرائيل قد قرَّبها من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية(28)، واللتان يبدو أنهما أسهمتا في جهد إقناع المغرب بركوب قطار التطبيع، خاصة أن الإمارات سبقته إلى ذلك، وحتى السعودية تتمتع بعلاقات جيدة مع إسرائيل.
فالسياق الجيوسياسي الحالي يحمل العديد من أوجه التشابه مع الشراكات السرية التي وحَّدت المغرب وإسرائيل؛ إذ تواجه كل من إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي التدخل الإيراني في المنطقة، وتُعتبر جهود إيران لامتلاك أسلحة نووية تهديدًا لإسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي(29). فكما أن علاقات المغرب بإسرائيل في الماضي استندت إلى عدم انجرار المغرب وراء الحركة القومية العربية بقيادة جمال عبد الناصر، فكذلك الآن يبلغ التطبيع بينهما ذروته في سياق مناهضة سعي النظام الإيراني إلى ممارسة نفوذه في منطقة الشرق الأوسط. والقصد أن المغرب يعزز الجبهة الإسرائيلية مع بعض دول الخليج الخليجية (الإمارات والبحرين) التي طبعت مع إسرائيل.
نبيل زكاوي أستاذ مساعد في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، المغرب.
مراجع
(1)- Michael M. Laskie, The Alliance Israélite Universelle and the Jewish Communities of Morocco: 1862-1962, (Albany: State University of New York Press, 1983), p. 197.
(2)- Aomar Boum, Memories of Absence: How Muslims Remember Jews in Morocco, (Stanford, California: Stanford University Press, 2013), p. 102.
(3)- Michael M. Laskie, p.321.
(4) ياسمينة أبو الزهور: تطبيع المغرب الجزئي مع إسرائيل يترافق بمكاسب ومخاطر، 14 ديسمبر/كانون الأول 2020، (تاريخ الدخول: 1 فبراير/شباط 2022): https://brook.gs/3GiXay7
(5) Abdennour Toumi, Morocco-Israel Ties: Between Normalization and Banalization, 14-12-2020, View on: 01-02-2022, https://bit.ly/3okaBYu
(6) طبيب مغربي، وأول وزير يهودي في أول حكومة للمغرب المستقل.
(7) Michael M. Laskie, p. 340.
(8) Michael M. Laskier, North African Jewry in the Twentieth Century: the Jews of Morocco, Tunisia, and Algeria; (New York and London: New York University Press, 1994), p. 250.
(9) Hicham Alaoui, TRIBUNE. Maroc et Israël, la dangereuse « transaction », L’OBS, 01-02-2021, vu le: 03-02-2022, https://bit.ly/3Lvp9P4
(10) Pierre Vermeren, Le Maroc un royaume de paradoxes en 100 questions, (Paris: Éditions Tallandier, 2020), p. 320.
(11) Y. Harkabi, Arab Attitudes to Israel, Translated by Misha Louvish, (New York: Routledge, 2017), p. 460
(12) Yossi Alpher, Periphery: Israel’s Search for Middle East Allies, (London: Rowman & Littlefield, 2015), Cited in: Einat Levi, Israel and Morocco: Cooperation Rooted in Heritage, The Israeli Institute for Regional Foreign Policies, September 2018, p. 3.
(13) Einat Levi, Op Cit, p. 7.
(14) Alexis Arieff, Jim Zanotti and Brock R. Williams, Morocco-Israel Normalization and U.S. Policy Change on Western Sahara, Congressional Research Service (CRS), December 15, 2020, p. 2.
(15) Eli Avidar, The Abbys Bridging the Divide Between Israel and The Arab World, First Edition, (Maryland: Rowman and Littlefield, 2011), p. 67.
(16) ماجد كيالي، فكرة “التطبيع” في التباساتها وأغراضها، شؤون عربية، عدد 167، خريف 2016، ص 64.
(17) النص الكامل لبلاغ الديوان الملكي حول تطبيع العلاقات مع إسرائيل واعتراف أميركا بمغربية الصحراء، العلم، 10 فبراير/شباط 2020، (تاريخ الدخول: 31 يناير/كانون الثاني 2022): https://bit.ly/3geEhSo
(18) بخصوص مسار هذا التعاون، انظر: تطبيع المغرب وإسرائيل.. الاتفاقيات تسرع وتيرته، وكالة الأناضول، 13 أغسطس/آب 2021، (تاريخ الدخول: 31 يناير/كانون الثاني 2022): https://bit.ly/3HjEVKu
(19) المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وحدة الدراسات السياسية، الإعلان الثلاثي الأميركي-المغربي-الإسرائيلي: دوافعه ومستقبله، تقدير موقف، 29 ديسمبر/كانون الأول 2020، (تاريخ الدخول 1 مارس 2022): https://bit.ly/3GiONTn
(20) ماجد كيالي، القضية الفلسطينية في سلم الاهتمامات العربية الراهنة، شؤون عربية، عدد 164، شتاء 2015، ص 46.
(21) Eli Avidar, p. 78.
(22) Marie-Christine, The Normalization of Egyptian-Israeli Relations, Arab Studies Quarterly, Vol. 5, No. 3 (Summer 1983), p. 222.
(23) Arthur G. Rubinoff, Normalization of India-Israel Relations: Stillborn for Forty Years, Asian Survey, Vol. 35, No. 5 (May, 1995), p. 502.
(24) Faisal Shallal Abbas, Majeed Kamil Hamzah and Ahmed Abid Esmael, the Prospects for Normalization Between Morocco and Israel Under King Mohammed Vi, Opcion, Año 35, Nº Especial 21 (2019), p. 2903.
(25) جمال زحالقة، تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، قضايا إسرائيلية، عدد 81، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، ص. 39.
(26) اتفاق عسكري-أمني بين المغرب وإسرائيل: غانتس يدعو في الرباط إلى «إطلاق مشاريع مشتركة»، الشرق الأوسط، العدد 15703، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، (تاريخ الدخول: 19 فبراير/شباط 2022): https://bit.ly/3JCuBhh
(27) Salhi Skander, Exclusif. Pour contrer l’alliance Etats-Unis-Israël-Maroc, l’Algérie va renforcer son partenariat militaire avec la Russie, Maghreb Intelligence, 23-12-2020, vu le: 04-03-2022, https://bit.ly/34Uyort
(28) ياسمينة أبو الزهور، التطبيع الجزئي: المغرب يسعى إلى تحقيق التوازن، مبادرة الإصلاح العربي، 10 أغسطس/آب 2021، ص7، (تاريخ الدخول: 4 مارس/آذار 2022): https://bit.ly/3p3Gllg
(29) Jonathan Ghariani, Israel and Morocco: From Clandestine Partnership to the Abraham Accords, Occasional Papers, Issue No 1, Azrieli Institute of Israeli Studies – Concordia University, p-p. 22-23
المصدر: مركز الجزيرة للدراسات