إحتجاج لافروف على الغارات: غضب من إسرائيل أم استرضاء للنظام؟

مصطفى محمد

تصاعدت حدة ما يبدو خلافاً بين روسيا وإسرائيل حول الضربات التي تنفذها الأخيرة في سوريا، وبدا الموقف الروسي الرافض لاستمرارها جاداً، في ظل التوتر مع الغرب بشأن الملف الأوكراني.

واتخذت التصريحات الروسية بشأن الضربات طابعاً أكثر تشدداً، وهو ما عبر عنه تحذير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاثنين، من أن الضربات قد تؤدي إلى تصعيد حاد في المنطقة.

واللافت، أن تصريحات لافروف هذه جاءت بعد إعلان وزير الخارجية الإسرائيلية يائير لبيد عن أن بلاده ستكون إلى جانب حليفتها التقليدية الولايات المتحدة، إذا اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بالرغم من مصلحة الحفاظ على العلاقات الجيدة مع روسيا.

وكان لبيد قد قال في مقابلة مع “القناة 12” الإسرائيلية: “بشكل عام، نحن نسير مع أميركا، حليفتنا الكبرى..علاقات أبدية على المستوى الأمني، وأيضاً على المستوى السياسي”.

ويرى الباحث بالشأن الروسي الدكتور محمود الحمزة أن تصاعد السجال الروسي الإسرائيلي، يأتي امتداداً لآثار التوتر في أوكرانيا.

وفي حديث ل”المدن”، أعرب الحمزة عن اعتقاده بأن تصريحات لافروف تأتي رداً على التصريحات الإسرائيلية الأخيرة. وقال: “تريد روسيا القول إن موسكو قادرة على عرقلة تنفيذ المشاريع الإسرائيلية في سوريا، عبر إجبار تل أبيب على وقف الضربات في سوريا”، مستدركاً: “لكن باعتقادي هو موقف جزئي، ولا يؤثر على العلاقات والتنسيق الاستراتيجي بين موسكو وتل أبيب”.

وأضاف أنه “من جانب آخر، جاءت تصريحات لافروف بحضور وزير خارجية النظام فيصل المقداد، وهذا ما يحمل على الاعتقاد أيضاً، أن التصريح يأتي في إطار إظهار التعاطف مع النظام وحاضنته المتذمرة من استمرار الضربات ووقوف روسيا على الحياد”.

في المقابل، يضع الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الروسي رائد جبر تصريحات لافروف المستنكرة للضربات الإسرائيلية على سوريا، في إطار “التحول بالمواقف الروسية من الضربات”.

وقال جبر ل”المدن”: “بعد أن كانت موسكو تلتزم الصمت عادة حيال الضربات، بدأ أكثر من مسؤول فيها مؤخراً بتوجيه انتقادات حادة للضربات”. وتابع أن روسيا وظّفت بعض الغارات لصالحها، حيث وسعت سيطرتها على حساب إيران في اللاذقية ودمشق ومناطق الأخرى.

ورجّح أن يكون التحول الروسي من الضربات الإسرائيلية قد جاء بعد تلقيها إشارات محتملة من إيران بالرد بقوة على الضربات، و”يبدو أن هناك مخاوف حقيقية روسية من انفجار الوضع على الأراضي السورية”.

وبما يخص الحسابات المتعلقة بالتوتر في أوكرانيا، يقول جبر: “التوتر مع إسرائيل لا يخدم مصلحة روسيا، فتل أبيب لن تدخل المعركة إلى جانب كييف”، مشيراً إلى تسريب تل أبيب قبل أيام لأنباء عن رفضها تزويد كييف بنظام القبة الصاروخية (الحديدية) لأن ذلك سيضعها بمواجهة موسكو، وقال: “هذا التسريب يؤكد أن إسرائيل تبدو أقرب إلى استرضاء روسيا”.

وعلاوة على ذلك، طلبت إسرائيل مساعدة روسيا في إجلاء رعاياها من أوكرانيا، وهو ما أزعج الأخيرة، وجعلها تستدعي سفير تل أبيب لديها، لتسليمه مذكرة احتجاج، ويتابع جبر: “كل هذه المؤشرات لا تعطي انطباعاً بتوتر العلاقات بين موسكو وتل أبيب”.

كل ذلك، يجعل جبر أقرب إلى ربط التحول الروسي بخصوص الضربات الإسرائيلية في سوريا، بالوضع الداخلي السوري، والمصلحة الروسية التي تتعارض مع تحويل سوريا إلى ساحة صراع بين طهران وموسكو.

واستخدمت إسرائيل في الضربتين الأخيريتين على سوريا خلال شباط/فبراير، صواريخ (أرض-أرض) بدلاً من توجيه ضربات جوية بالطائرات، وهو ما عزته تقديرات عسكرية إلى تجنب حوادث مفاجئة مع الطائرات الروسية التي تجري تدريبات ومناورات جوية شرقي البحر المتوسط..

يذكر أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا اعتبرت أن الضربات الإسرائيلية المستمرة لسوريا تنتهك بشكل صارخ سيادتها، وقد تؤدي إلى تفاقم حاد للأوضاع هناك. وقالت قبل نحو أسبوعين إن “مثل هذه الإجراءات تخلق مخاطر جسيمة على الحركة الجوية المدنية الدولية، ناهيك عن حقيقة أن الهجمات المستمرة على المنشآت العسكرية السورية تؤدي إلى انخفاض القدرة القتالية للقوات المسلحة السورية”.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى