العراق إلى أين ؟ 

الشيخ عصام البوهلالة

 ان حالة الفوضى وصراع الأحزاب على تقاسم المغانم واختلاف الأجندات الداخلية والخارجية خلق الفراغ السياسي الحالي في العراق وتعدى مرحلة الانسداد إلى الانشطار ليس في الأحزاب والكتل السياسية وحسب ، بل حتى في القرارات الحكومية التي انعكست على المجتمع ودفعته إلى استغلال الفوضى وانعدام الأمن وفرض القانون وحفزته على التأهب للانشطار والتشظي سيما تسوده القبلية ومخلفات الأنظمة القمعية .

لقد كنا سباقين في التنبؤ لما يحصل بعد الإحتلال  فوضعنا خارطة طريق وبرنامج عمل متكامل اعلنا عنه بوسائل الإعلام عام 2009 في بيان مشترك بين المجلس العسكري من ضباط الجيش العراقي والتحالف الوطني لعشائر العراق من خلال الدعوة والعمل على (حكومة إنقاذ وطني عراقية) بتعاون الأمم المتحدة والشرعية الدولية لإخراج العراق من النفق المظلم الذي وضع فيه بسبب الإحتلال ومخلفاته ، ولولا تآمر المحتل ودول الجوار الطامعة بخيرات العراق على مشروعنا كنا قد نفذنا هذه الخارطة وما كان للعراق أن يصل لهذه المرحلة من الخراب والدمار وهذه الفوضى العارمة التى تسبق الانهيار .

وفي هذه المرحلة نجد ان العملية السياسية التي أنشأت بعد عام 2003 أصبحت في طي الماضي ، وكل مخرجاتها ودستورها توقف ولم يعد هو العقد النافذ بل نقيظه ، حتى احزابها القديمة والجديدة التي أنشأت في شمال العراق وباقي مناطقه قد نفذت صلاحيتها ولم تعد قادرة على تلبية متطلبات المجتمع والمرحلة ، وحتى الدول الإقليمية المتدخلة في الشأن العراقي لم تعد قادرة على ضبط عملائها وتمرير اجندتها .

إذن هذا الانسداد كشف عورة الجميع ، وعودة الى ذي بدء ، فلم يعد أي مخرج ينقذ العراق والمنطقة من التشظي إلا مشروع ما دعونا إليه في العقد الماضي وهي حكومة ( إنقاذ عراقية ) بدعم وإسناد الأمم المتحدة ، لكن هذه الحكومة لن تكون متسامحة مثل تلك التي دعينا لها عام 2009 ، بل ستعمل على محاسبة جميع من استهان بالعراقيين وفرط بمصالح البلد دون استثناء ، وهذا أصبح مطلب شعبي عراقي ، ولو أجري استفتاءا حوله في العراق لحازة على الأغلبية المطلقة وبدون تزوير كما هو الحاصل في جميع الدورات الانتخابية التي مرت بتاريخ العراق الحديث .

إن الكرة الآن في الملعب الدولي ومنظماته إن كانوا جادين وساعين إلى سلاما عالميا في هذه المنطقة ، والا فالحرب الكونية التي تنذر انطلاق شرارتها هذه المرة من العراق لن تنتهي ، ولن تسلم منها اية دولة بعيدة كانت أم قريبة ، وسوف يتهدد الأمن والسلم الدوليين بإنطلاق تلك الشرارة ..

* سياسي عراقي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى