تشهد محافظة السويداء جنوب سوريا، والتي ينتمي غالبية سكانها لطائفة الموحدين الدروز، تأهباً أمنياً غير مسبوق، وخصوصاً في مركز المدينة والمراكز الأمنية، استعداداً من قبل قوات النظام لملاحقة قائمة أسماء محددة من المطلوبين، في وقت تشهد فيه المحافظة موجة احتجاجات متواصلة يشارك فيها مثقفون ونشطاء المجتمع المدني ومعارضون، وعناصر غير مسلحة من الفصائل المحلية، فيما قالت مصادر مطلعة أن الوجهاء والزعامات الدينية في المحافظة دعت لعقد اجتماع سريع، خلال الأيام المقبلة.
صفحة «أخبار السويداء 24» المحلية والمهتمة بنقل أخبار المحافظة، قالت إن «السلطات دفعت بتعزيزات أمنية، غير مسبوقة، إلى المحافظة، تقول إنها لملاحقة العصابات» بينما تشهد السويداء حراكاً احتجاجياً بمشاركة فئات مختلفة من السكان» ورصدت الأحد انتشار دوريات لقوى الأمن، والدفاع الوطني، على الطرق والساحات الرئيسية في مدينة السويداء.
التعزيزات الأمنية والعسكرية، وصلت على مدار ثلاثة أيام، وتوزعت في المراكز الأمنية، حيث «فرز لكل فرع عدد يتراوح بين 150 و300 عنصر، وأيضاً رُفدت نقاط التفتيش بعناصر إضافية، من بينها حاجزا النقل والثعلة في الريف الغربي، وحاجزا صلخد في الريف الجنوبي، وشهبا على طريق دمشق السويداء، ورُبما تنشر قوات الأمن، نقاط تفتيش جديدة في مناطق متعددة من المحافظة».
ونقل المسؤول الإعلامي للشبكة ريان معروف عن مصادر أمنية قولها إن «إرسال التعزيزات يهدف إلى ضبط الوضع الأمني في السويداء، وملاحقة العصابات الخارجة عن القانون» مدعية أن «القرار صدر قبل اندلاع الاحتجاجات الأخيرة، حيث طمأنت المصادر الأمنية وجهاء المحافظة، أن التعزيزات ليست لقمع المحتجين أو ملاحقتهم، إنما لتوقيف أشخاص محددين، ممن تورطوا بجرائم الخطف والقتل».
وقال معروف لـ «القدس العربي» إن المحافظة تترقب «حملة أمنية وشيكة، خلال الأيام المقبلة، من خلال تشديد الإجراءات المتخذة على نقاط التفتيش، وملاحقة قائمة أسماء محددة من المطلوبين» وأضاف «الجماعات الأهلية المسلحة في السويداء، التي انخرط بعضها دون سلاح، في الحراك الاحتجاجي، تترقب أيضاً التطورات الأمنية، ويخشى ناشطون من وجود تيارات تسعى لتوتير الأجواء، فالأزمة في السويداء اليوم اجتماعية واقتصادية، كما في عموم سوريا، مع وجود حساسيات أهلية في المحافظة، وهذا يعني أن أي تصرف غير محسوب، من جانب السلطة، قد يؤدي لصدامات لا تحمد عقباها».
وبرأي المتحدث فإن التحركات الأمنية والعسكرية الأخيرة، هي تلويح من قبل النظام السوري، باستخدام القوّة والقمع، وهو ما دفع منظمي الحراك، إلى التريث مؤقتاً، لا سيما وأن الحراك أخذ منحى تصاعدياً، ولم تتوقف مطالب المحتجين عند الأوضاع المعيشية والاقتصادية، بل رفعت سقف الشعارات إلى المطالبة بدولة مدنية وديمقراطية. ووفقاً للمتحدث فإن منظمي الحراك الشعبي، يعملون على إعداد ورقة مطالب محددة للتفاوض عليها مع «السلطة».
تزامناً، قالت الصفحة الرسمية لمشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان، إن شيخ العقل لطائفة الموّحدين الدروز سامي أبي المنى، اتصل هاتفياً الأحد، بالرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموّحدين في سوريا حكمت الهجري «مطمئناً إلى أوضاع أبناء الطائفة في السويداء، إثر الاحتجاجات المطلبية السلمية التي شهدتها المدينة».
وأعرب أبي المنى عن «تضامنه مع أهالي مدينة السويداء في جبل العرب المحتجّين على مآل الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية العامة التي تهدد عيشهم الكريم وحقّهم في المطالبة السلمية بتوفير الغذاء والإمدادات الأساسية لمواجهة وطأة الازمات المختلفة الراهنة».
كما دعا كل أبناء التوحيد في جبل العرب «إلى التعاطي بحكمة وثبات مع الأمر الواقع وإلى وحدة الكلمة والصف، والوقوف معاً في مواجهة كل الصعوبات بما تقتضيه المرحلة من تكاتف وتعاضد لضمان الحقوق وتدارك المخاطر وتجاوز المرحلة الدقيقة الراهنة في حياة جبل العرب والمنطقة، أملاً في عودة الأمن والأمان إلى ربوع هذا الجبل الذي قدّم الكثير من التضحيات لأجل صون الكرامة وتحقيق العدالة والمساواة».
المصدر: «القدس العربي»