يشعر هشام بدرية، وهو تلميذ في الصف الثالث ثانوي ويسكن في دمشق، بالقلق من جرّاء توقف التعليم منذ الرابع عشر من الشهر الماضي، من جراء قرار حكومة النظام إغلاق كل المدارس والمعاهد والجامعات في إطار الخطة الوقائية من فيروس كورونا الجديد. وأكثر ما يشغل باله اليوم هو موعد الامتحان الذي لم يعد ثابتاً، بسبب احتمال تمديد تعليق إغلاق المؤسسات التعليمية إلى ما بعد السادس عشر من إبريل/ نيسان الجاري، في ظل استمرار المخاوف من تفشي الفيروس. ويقول: “أشعر أنني أفقد التركيز. حتى البرنامج اليومي الذي كنت أعتمده لتنظيم وقتي خلال فترة الحجر الصحي يساهم في زيادة الضغوط النفسية التي أعاني منها أصلاً”. يضيف بدرية: “لا تتعلق المشكلة بما فاتني من دروس فقط، فما تبقى من المنهاج بسيط. لكن المشكلة أنّ النظام الدراسي انقلب رأساً على عقب. كنت أحصل على بعض جلسات التقوية في عدد من المواد، إلا أنها توقفت بسبب كورونا”. ويلفت إلى أنه يحاول تعويض الدروس التي لم يتلقها في المدرسة من خلال تطبيق نافذة التعليم الذي أطلقته وزارة التربية السورية مؤخراً.
وكانت وزارة التربية قد أصدرت عبر موقعها الإلكتروني تطبيقاً إلكترونياً تحت اسم “نافذة التعليم”، بهدف تأمين وصول التلاميذ إلى مصادر التعليم المختلفة. وستؤمن المنصّة الكتب المدرسية لكل المراحل وأسئلة الدورات السابقة، ودروس تفاعلية، إضافة إلى الإجابة عن أي تساؤل في مكان واحد، مع وجود مجموعة من الأساتذة المناوبين للإجابة عن الأسئلة التي يرسلها التلاميذ.
كما أصدرت الوزارة “المنصة التربوية السورية” عبر خدمة سكايب والاتصال الهاتفي، ومن المقرر أن تستمر إلى السادس عشر من الشهر الجاري، وقد وُضع عنوان سكايب، ورقما هاتف لكل مادة، يتواصل عبرهما التلميذ مع مدرسين منتدبين من قبل الوزارة. وقد حدد موعد لوجود أساتذة كل المواد ضمن فترتين، الأولى من الساعة 9:30 وحتى 11 صباحاً، والثانية من 12 حتى الثانية من بعد الظهر.
من جهته، يقول أبو حسان سرور، وهو والد لتلميذين، إن الصغير يستعد للتقدم لامتحان الشهادة الأساسية، في وقت يستعد الأكبر سناً للتقدم لامتحان الشهادة الثانوية الفرع العلمي. لا يشعر بالرضا حيال إجراءات وزارة التربية الخاصة بالدراسة عن بعد، متسائلاً خلال حديث مع “العربي الجديد”، عن الأسس التي تم اعتمادها للاستعانة بالتعليم عن بعد وتعويض ما فات التلاميذ، خصوصاً تلاميذ الشهادة الرسمية.
وتعدّ هاتين المرحلتين أساسيتين في حياة التلميذ في سورية، إذ إن النتائج تحدد مستقبله. بعد الصف التاسع، يحدد إن كان التلميذ سيلتحق بالفرع الأدبي أو العلمي أو غير ذلك. وبعد الثانوية العامة، سيحدد التخصص الذي سيدرسه، وبالتالي مستقبله المهني. يضيف سرور: “يتصرفون في الحكومة وكأن الناس جميعهم بأفضل حال، وأن الإنترنت متوفر في كل منزل. قد يفاجأ الوزير إن علم أن هناك شخصاً مثلي شاشة هاتفه صغيرة وبالكاد يفتح تطبيق واتسآب، وأنني أعيش في أحد أحياء دمشق الجنوبية، وليس لدي إنترنت. فكيف سيدرس ولداي على هذا الموبايل؟”.
يضيف: “أحد أصدقائي لديه إنترنت وهاتفه أفضل من هاتفي، وأخبرني أنه بالكاد يستطيع فتح برنامج سكايب. كما تنقطع الكهرباء في ظل التقنين، ما يجعل التلميذ غير قادر على الحصول على معلومات كاملة”. يتابع: “المشكلة أن الناس اليوم قللوا الزيارات في ما بينهم، وإلا لكنت قد أرسلت أبنائي إلى منزل أحد أقربائي للدراسة. لكنّ الخوف من كورونا جعل الأمر صعباً. أشعر أنني قد أحرجهم بذلك. في النهاية، طلبت منهم الاعتماد على نفسهم”.
وفي ما يتعلّق بالطلّاب الجامعيين، هناك من لم يكملوا امتحانات الفصل الدراسي الأول بعد، وها هو الفصل الثاني يكاد ينتهي. لا يعلم حسين حاج علي ما سيكون مصيره. كان يجب أن يتخرج من الجامعة خلال الفصل الثاني من هذا العام، ليسافر إلى حيث يقيم والده في إحدى دول الخليج العربي، وذلك قبل التحاقه بالخدمة العسكرية الإلزامية ضمن القوات النظامية. ويقول لـ”العربي الجديد”: “لا أعلم ما يخبئه لي المستقبل، أشعر أن كل أحلامي ستنهار بسبب كورونا”. يضيف: “إن لم أسافر بداية العام المقبل، لن أستطيع مغادرة البلاد بسبب الخدمة العسكرية. أصبحت أشعر بالخوف من عدم النجاح في المواد المتبقية، وبالتالي أخسر سنوات الدراسة في الجامعة. لا أستطيع ألا أفكر بالأمر”.
وليس حاج علي الطالب الجامعي الوحيد الذي يشعر بالقلق. فالطالب محمد جمول الذي يدرس في كلية الآداب، يقول لـ”العربي الجديد”: “أشعر أنني خسرت كل تعبي خلال الفصل الدراسي السابق. بعد تعليق الدوام في الجامعات، أخشى زيادة الضغط خصوصاً أنني أحمل عدداً من المواد، وقد لا تنقل إلى الدورة المقبلة”. ويوضح أن “هناك أحاديث عن ضغط في الفصل الدراسي الثاني خلال فصل الصيف”.
يشار إلى أن النظام اتخذ حزمة إجراءات وقائية واسعة، منها إغلاق المدارس والجامعات، تبعها إغلاق المطاعم والمقاهي والنوادي الرياضية ودور السينما والأسواق التجارية، باستثناء محال بيع المواد الغذائية. كما علقت عمل وسائل النقل العام الجماعية الداخلية، والنقل بين المحافظات وبين الأرياف ومراكز المدن.
المصدر: العربي الجديد