تحت هـذا العنوان النـازف، المليء بالحقيقـة والألـم – والحقيقة دائماً مؤلمة – كتب الشاعر التقدمي ” محمد الفيتوري” خـاطـرة في مجلة ((الديار)) اللبنانيـة، يرد بها وبكل موضوعية وإنصاف على الأقلام المأجورة الحاقدة، ويدعو الجمـاهير الثورية في مصر العربية وفي جميع أرجاء الوطن العربي لتطهير طريق الثـورة العربيـة، التي شق طريقهـا عبد الناصر ورفـع راياتهـا.
((فقـط… لأنه مات)).. عنـوان موجـع وخصيب، يكون جـواباً لكل سؤالٍ يُطـرح، واستفسار يُثـار حـول ما يجـري في مصر…
يستهل ” محمد الفيتوري” خـاطـرته بالقـول:
ليس ثمـة، ما يستثيـر الـدهشة أو الاستغـراب، في حمـلاتهـم المسعـورة، على الرجـل الكبيـر، الـذي استطـاع طـوال حياته، أن يجعل الرجـال يتطلعون إليه.. لقد كتبوا ما كتبوا في حياته، سواء عنه، أو عن المُثـل العليـا التي كانت تشده، وتُحـرك خطـاه، بينما هـم غير مؤمنين بشيء، ممـا آمـن بـه. لم يكـونـوا مؤمنين بشيء على الاطـلاق.. لا الاشتراكية، ولا القـوميـة العربيـة، ولا الوحـدة، ولا الشعب؛ عاشوا جماعات من الكتاب البرجـوازييـن، الانعـزاليين، لا تربطهـم بقيـم المجتمع الجديـد، الـذي وضع أسسه وتقاليده القائد الراحل عبد الناصر، إلا أهوائهم، ومصالحهم الخاصة.. وبعد أن يصف ولاءهم وتراميهم على أعتـاب العهد البائد، عهد الملكية والاقطاع، شعراء وكتاب، ومؤرخين، وفقهاء، كلٌ يؤدي دوره في التزييف والتملق والرياء، وكيف بدلـوا جلودهـم واحتموا بعلم الثـورة وأصبحوا من كتابها يقول: طبعـاً القلب الكبير ((لم يكن ذنبه – أي عبد الناصر – أنه أتاح لهم الفرصة، ليحققوا لأنفسهم، هذا الانتماء ولم يكن في مقدوره، أن يستشر قلوب طابورٍ طويل، من حملة القماقـم وحملة الأقلام.. ورحل الرجل، كما لا بـد لكل كائـن حي، أن يـرحل… وجـاء السادات، خليفـة عبد الناصر ورفيقه في مسيرته، رافعاً فـوق جبهتـه، ولاءه للـراحـل الكبيـر، وتصميمـه على متـابعـة مسيـرته…. إن السادات، ليس هـو أبـــداً عبد الناصر، وعلى قـرب مـا كـان بينهمـا، فلقـد أثبتت المتغيـرات الـدوليـة، وانعكاساتهـا على الـواقــع العـربي أيـةَ مسافـةٍ فكـريـة وأيُ فـرقٍ شاسع، كان يفصل بين الـرجُليـن الرفيقيـن………)).
وبعـد أن استعـرض الكـاتب دور القيـادة المصرية في تحمل مسؤوليتهـا في حـرب تشرين المُحـددة وتحمُل نتائجهـا المحـدودة، يخلص إلى القول ((ولا أظن، أنه أصبح من حق أحـد أن يتساءل عما كان سيصنـع عبد الناصر، فيما لـو امتـد بـه الأجـل، إلى مـا بعـد حـرب تشرين، ذلك أن خُطـاه على طـريـق التحريـر، طريـق المنجـزات القـوميـة، لـم يـلابسهـا غمـوض قـط، أو اضطـراب. إن الشعب العـربي المصـري وجمـاهيـر الأمـة العـربيـة بأسـرهـا تعيشُ واقعـاً قيـاديـاً مختلفـاً تمـام الاختـلاف ولعـل هـذه الجمـاهيـر، لـم تكـن مطالبـة يومـاً، كمـا هي مطـالبـة اليـوم، باستعــادة ثقتهــا في إرادتهـا الثـوريـة الخـلاقـة، من أجـل تطهير طريق الثورة العربية، التي فجرها عبد الناصر من مخلفات عصر الملكية ورواسب مـرحلة الإقطـاع، وعـوائق مـرحلة البنـاء الاشتراكي، وبغير ذلك، فإن أولئك الـذين يسبون عبد الناصر، من فـوق نفس المنـابر التي مدحـوه عليهـا.. فقـط لأنـه مـات.. سـوف يظلـون يكتبـون.. وتظـل الثـورة مشدودة إلى الــوراء)). فيـا جمـاهيـر أمتنـا العـربيـة المعطـاءة، إلى الأمـام على طـريـق الأهـداف القـوميــة.
((لـن نتخلى عـن حقـوق شعب فلسطين….. هـذا أساس القضيـة… لا يمكن أن نقبـل السـلام بمعنى الاستسـلام، ولا يمكن رغــم النكسـة ورغــم احتـلال سيناء أن نتخلى عـن حقـوق شعب فلسطين…. لا يمكن أن نيـأس…. ولا يمكن أن نكفـر بأهـدافنـا، ولا يمكن أن نفقـد ثقتنـا بأنفسنـا، أو بأمتنا العربية… وبشعبنــا العـــربي)).
((جمال عبد الناصر))