يروّج النظام السوري وحليفته روسيا إعلامياً أن الأوضاع في مناطق النظام باتت مناسبة لإعادة اللاجئين والمهجرين السوريين من الخارج، في حين أن الواقع على الأرض يكذّب جميع ادعاءات النظام، سواء الواقع الأمني أو الاقتصادي، وما يترتب على الأخير من أزمات على أصعدة عدة.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية “سانا”، اليوم الثلاثاء، إن اجتماع “الهيئتين التنسيقيتين السورية الروسية” بدأ اليوم “في إطار العمل بشكل ممنهج” لتأمين متطلبات المواطنين وتشجيع المهجّرين على العودة إلى سورية.
وسعى النظام مرات عدة لعقد مؤتمر من أجل عودة اللاجئين السوريين، إلا أنه لم يلق نجاحا بسبب مقاطعة معظم دول العالم النظام والمؤتمر، إضافة إلى العقوبات، وإصرار دول عظمى على عدم التطبيع مع النظام قبل المضي في الحل السياسي وفق قرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة.
وقالت “سانا” إن الاجتماع المشترك اليوم في قصر المؤتمرات بدمشق يحضره ممثلون “عن منظمة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية الأخرى، وذلك ضمن برنامج أعمال الاجتماع السوري الروسي المشترك لمتابعة أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين”.
سعى النظام مراتٍ عدة لعقد مؤتمر من أجل عودة اللاجئين السوريين، إلا أنه لم يلقَ نجاحاً بسبب مقاطعة معظم دول العالم النظام والمؤتمر، إضافة إلى العقوبات
وخلال الاجتماع، زعم وزير الإدارة المحلية والبيئة في حكومة النظام حسين مخلوف أنه “يجري العمل في كل المناطق التي حررها الجيش العربي السوري على إعادة تأهيل البنى التحتية بكل أشكالها”، مدعيا أنه جرى منذ بداية العام “إعادة تأهيل وصيانة المئات من مراكز تحويل الكهرباء ومحطات الضخ وشبكات الري والمراكز الصحية وشبكات مياه الشرب، وتأهيل آلاف المنازل والمحال التجارية المتضررة، ويجري العمل على إعادة تأهيل محطة حلب الكهربائية، وإنشاء محطة الرستين بمحافظة اللاذقية، وتمت إعادة تأهيل محطة الزارة، ويجري العمل على تأهيل باقي المحطات”.
وتنفي مصادر محلية من مناطق عدة في سورية، لـ”العربي الجديد”، صحة ما يزعمه الوزير في حكومة النظام، مؤكدة أن “انقطاع الكهرباء في اليوم يتجاوز في بعض المناطق 20 ساعة، وهناك مناطق لا تصلها الكهرباء نهائيا، بسبب السرقات التي تتعرض لها الشبكات، وهو دليل إضافي على أن الواقع الأمني غير مستقر”.
وقال محمد، من مدينة حمص، إن “مبنى إدارة الهجرة والجوازات في وسط المدينة يعج بالمراجعين من الصباح حتى المساء بهدف الحصول على جواز سفر رغم أن تكلفته باهظة، لكن هناك الآلاف يريدون مغادرة البلاد اليوم قبل الغد، بسبب سوء الواقع الاقتصادي والأمني، فكيف للاجئين أن يعودوا إلى البلاد؟”، مضيفا: “أنا شخصيا أنصحهم بعدم العودة”.
وأضاف أن النظام في الأسابيع الأخيرة رفع جميع الأسعار من دون استثناء، وخاصة أسعار المحروقات، التي أدّت إلى ارتفاع أسعار كل شيء، ويؤكد فقدان معظم السلع من السوق، مشيرا إلى أن تقارير كثيرة تتحدث عن أن نسبة الفقر في البلاد تجاوزت 90 بالمائة.
من جانبه، قال وائل، من أهالي مدينة حماة، إن “معظم الشبان في المدينة يفكّرون في الهجرة بسبب الواقع الاقتصادي السيئ وقلّة فرص العمل”، مضيفا لـ”العربي الجديد”: “الحال لم تعد تطاق على جوانب الحياة، إضافة إلى مسألة التجنيد الإجباري، فمعظم الطلاب يفكرون في الحصول على جواز السفر والمغادرة مباشرة هربا من التجنيد”.
النظام في الأسابيع الأخيرة رفع جميع الأسعار من دون استثناء، وخاصة أسعار المحروقات، التي أدّت إلى ارتفاع أسعار كل شيء
ويقول حسام، من سكان مدينة السويداء، إن الكثير من الشبان غادروا سورية خلال الأيام الماضية عن طريق مطار دمشق أو مطار بيروت إلى دول أخرى، وأن “منهم من وصل قبل أسابيع إلى بيلاروسيا بهدف العبور إلى أوروبا الغربية، وكلهم غادروا هربا من التجنيد وقلة فرص العمل”، وشكك في جدوى دعوات عودة السوريين من الخارج، “فمن في البلد يريد الخروج والهرب”.
وكان النظام قد اعتقل مجموعات من الشبان في العديد من المناطق الخاضعة لسيطرة خلال الفترة الأخيرة، ومن بينهم شبان أجروا تسوية ومصالحة، ومعظم عمليات الاعتقال كانت بهدف التجنيد الإجباري.
ويرى حسام، في حديثه مع “العربي الجديد”، أن ما يقوم به النظام وحليفته روسيا هو “سعي لجلب المال إلى سورية عن طريق فكرة إعادة الإعمار”، مؤكدا أن “النظام لم يعد إعمار أي شيء دمره، وهو غير قادر على ذلك أصلا بسبب الحصار وكثرة الديون أيضا، إضافة إلى استمرار الحرب في عدة جبهات”.
وكان النظام قد وقع العديد من الاتفاقيات مع روسيا وإيران في مجالات الاستثمار في النفط والطاقة والكهرباء، ومشاريع تتعلق بإعادة الإعمار.
المصدر: العربي الجديد