بعد الحديث عن تطور دبلوماسي..|| الحوار السعودي الإيراني في “الاتجاه الصحيح” ولكن

بعد نحو نصف عام على الكشف عن عقد أول جولة محادثات لترطيب الأجواء بين الغريمين الإقليميين اللدودين، السعودية وإيران، لا يزال أمام الطرفين طريق طويل من أجل ضمان عودة العلاقات لسابق عهدها، وفقا لمراقبين.

أجرى مسؤولون سعوديون وإيرانيون جولات عدة من المباحثات خلال الأشهر الماضية في العاصمة العراقية بغداد، كشف عنها للمرة الأولى في أبريل الماضي.

تعد إيران والسعودية أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، وهما على طرفي نقيض في معظم الملفات الإقليمية، لكن تصريحات كبار المسؤولين السعوديين والإيرانيين مؤخرا أشرت بشكل أو آخر قرب حصول انفراج في الأزمة.

آخر هذه التصريحات تلك التي نقلتها صحيفة “فايننشال تايمز”، الخميس، عن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان آل سعود، الذي قال إن المملكة “جادة” بشأن محادثاتها “الوديةو مع إيران، واصفا إياها، أي المحادثات، بـ”الودية”، و”الاستكشافية” في الوقت ذاته.

الصحيفة نقلت أيضا عن مسؤول سعودي القول إن “السعودية تدرس طلبا إيرانيا بفتح قنصليتها في جدة”، وهو تطور لو أكدته الرياض رسميا فسيكون “تقدما” في مستوى العلاقات بين البلدين.

يقول مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية، محمد صادقيان، إن “جولات المحادثات التي جرت في بغداد ورعتها الحكومة العراقية أتت بنتائج مثمرة”، مضيفا أن “تعدد عقد المباحثات مؤشر إيجابي على تقدم العلاقات بين البلدين”.

ويشير صادقيان لموقع “الحرة” إلى أن “مصطلح الاستكشافية الذي استخدمه وزير الخارجية السعودية دقيق جدا، لأن المباحثات كانت تهدف لأن يتعرف كل طرف على وجهات نظر الجانب الآخر”.

يعتقد صادقيان أن المحادثات بين طهران والرياض توصلت فعلا لنتائج إيجابية، ولفت إلى أن “ما نسمعه اليوم عن احتمال فتح قنصلية إيرانية في جدة وسعودية في مشهد يؤكد بما لا يقبل الشك أن هناك تقدما في المباحثات”.

لكن المحلل الإيراني يستدرك بالقول “لحد الآن لم ترتق هذه المباحثات إلى مستوى إعادة العلاقات وفتح السفارات في كلا البلدين”.

يتفق الكاتب والمحلل السياسي السعودي سليمان العقيلي مع صادقيان في أن الحوار السعودي الإيراني يسير في “اتجاهات إيجابية”، لكنه لم يصل بعد لمستوى “التسويات السياسية المرجوة التي تعيد العلاقات الدبلوماسية الكاملة”.

ويكشف العقيلي في حديث لموقع “الحرة” أن “عرض السعودية المتعلق بفتح قنصلية إيرانية في جدة، يتعلق بتسجيل وفود الحجاج الإيرانيين والمعتمرين”، مضيف أن هذا يأتي “في إطار التعاون السعودي الإيراني في المجالات الدينية”.

ويشير العقيلي، وهو أيضا عضو في مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلوم السياسية، إلى أن “هذا التعاون كان قائما حتى في ظل انقطاع العلاقات بين البلدين خلال السنوات الماضية”.

وقطعت الرياض وطهران العلاقات الدبلوماسية في يناير 2016 بعد تعرض السفارة السعودية للنهب في طهران، على خلفية قيام المملكة الخليجية بإعدام  رجل دين شيعي بارز.

وتصاعدت التوترات بين السعودية وإيران بعد أن دعمت الرياض قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018 بسحب الولايات المتحدة بشكل أحادي من الاتفاق النووي مع طهران وفرض عقوبات شديدة عليها.

ولدى البلدين وجهات نظر مختلفة في قضايا إقليمية عديدة، من أبرزها النزاع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفا عسكريا داعما للحكومة المعترف بها دوليا، وتتهم طهران بدعم الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد، أبرزها صنعاء.

كذلك، تبدي السعودية قلقا من نفوذ إيران الإقليمي، وتتهمها بالتدخل في شؤون دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان، عبر دعم وتمويل وتسليح مجموعات مسلحة فيها، وتتوجس من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.

ويقول دبلوماسيون إن الرياض تريد من طهران استخدام نفوذها على المتمردين الحوثيين في اليمن للمساعدة في إنهاء الحرب هناك، مع حرص المملكة على الخروج من الصراع بعد التدخل عام 2015 لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

ويبدو أن هذه الملفات لاتزال تشكل عقبة أمام حصول “تقدم حقيقي” في ملف علاقات طهران مع الرياض، وفقا للعقيلي، الذي يقول إن “إيران لم تضغط على حلفائها في اليمن، وهذا لا يعطي رسالة إيجابية للحوار السعودي الإيراني ولا يساعد في الوصول لتسوية”.

يشير العقيلي إلى أن “الاختلافات العقائدية والسياسية بين البلدين واسعة جدا، لكن في الوقت نفسه تعاني إيران من عزلة سياسية ومشكلات اقتصادية هي وحلفاؤها في المنطقة، فيما تواجه السعودية تحديات أمنية”.

ويرى أن “كلا البلدين لديه تحديات، وبالتالي هما لا يمانعان في الوصول لتسويات تحقق مبتغى كل طرف”.

من الجهة الأخرى، يعرب صادقيان عن اعتقاده أن “هناك إرادة لدى القيادة الإيرانية ولدى السعوديين من أجل ترطيب العلاقات وعودتها إلى سابق عهدها”.

يشير صادقيان إلى أن المعلومات المتوفرة لديه تؤكد أن “المباحثات لم تتناول ملفات بعينها، سواء اليمن أو العراق أو سوريا أو لبنان أو أي مكان آخر”.

ويبين أن المحادثات “تركزت على طبيعة ومستوى العلاقة التي يجب أن تكون بين البلدين”.

وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أعلن الأسبوع الماضي أن المحادثات الجارية بين بلاده والمملكة العربية السعودية تسير على “الطريق الصحيح”.

واعتبر أن “المملكة العربية السعودية دولة مهمة في المنطقة. والجمهورية الإسلامية الإيرانية دولة مهمة أيضاً”، مشددا على أهمية دور البلدين في تحقيق الاستقرار المستدام في المنطقة”.

وقبل ذلك كان الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز قال في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي إن “إيران دولة جارة، ونأمل أن تؤدي محادثاتنا الأولية معها إلى نتائج ملموسة لبناء الثقة”.

وأضاف الملك السعودي أن بلاده تتطلع لـ”إقامة علاقات تعاون مبنية على الالتزام بمبادئ وقرارات الشرعية الدولية، واحترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”.

كما دعا طهران “لوقف جميع أشكال الدعم للجماعات الإرهابية والميليشيات الطائفية التي لم تجلب إلا الحرب والدمار والمعاناة لجميع شعوب المنطقة”.

المصدر: الحرة. نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى