تنامى في الآونة الأخيرة خوف معارضين سوريين لنظام الأسد في العديد من الدول، من قدرة الأخير على الوصول لقاعدة البيانات الخاصة بالإنتربول الدولي وإدراج أسماء معارضيه في “النشرة الحمراء” بعد قرار الإنتربول الدولي رفع الحظر عن مكتبه في دمشق بحسب ما أعلنه نظام الأسد عبر إعلامه الرسمي.
ويشكل هذا القرار خطورة شديدة على ملايين اللاجئين السوريين المنتشرين في شتى أصقاع العالم، وذلك نتيجة إصدار النظام عشرات الألوف من الأحكام القضائية، الصادرة عن محاكم استثنائية وقضاء غير مستقل، بحق السوريين الذين تركوا ديارهم بتهم زائفة وملفقة وذات أبعاد سياسية، وبالتالي مطالبة الإنتربول بوضع أسماء هؤلاء اللاجئين على النشرة الحمراء، ما سيؤدي إلى تقييد حركتهم ولربما تسليمهم للنظام فيما لو قامت الدول المستضيفة بذلك، مما يشكل تهديدا لحياتهم وحياة عائلاتهم.
الإنتربول يردّ
وذكرت صفحة (المهاجرون الآن) أنها تواصلت مع مكتب الإنتربول الرئيسي في مدينة “ليون” الفرنسية، حيث أفاد من خلال مكتبه الإعلامي ببيان استهله بعبارة: “إنه من الخطأ القول إن سوريا أعيد قبولها في الإنتربول، فهي دولة عضو منذ انضمامها لأول مرة في عام 1953”.
وأضاف المكتب أنه “منذ عام 2012، خضع مكتب الإنتربول المركزي الوطني (NCB) في دمشق لـ إجراءات تصحيحية على النحو المبين في المادة 131 من قواعد الإنتربول بشأن معالجة البيانات (RPD)، ويشمل ذلك “تعليق حقوق الوصول الممنوحة لمستخدمي المكتب المركزي الوطني”. ومنذ تنفيذ الإجراءات التصحيحية، فإن جميع الاتصالات الواردة من سوريا كان يتسلمها مقر الأمانة العامة، الذي يحيلها بعد ذلك إلى الجهات المعنية إذا كانت تمتثل لقواعد الإنتربول.
وجاءت التوصية برفع الإجراءات التصحيحية بعد المراقبة الدقيقة للرسائل الواردة من المكتب المركزي بدمشق. وتماشياً مع توصية مقر الأمانة العامة، أقرت اللجنة التنفيذية للإنتربول رفع الإجراءات التصحيحية المطبقة في سوريا”. هذا يعني أنه على غرار المكاتب المركزية الوطنية الأخرى، يمكن للمكتب المركزي الوطني في دمشق إرسال واستقبال الرسائل مباشرة من الدول الأعضاء الأخرى.
وأشار توضيح المكتب إلى أن “البلدان الأعضاء تحتفظ بالسيطرة الكاملة على البيانات التي تقدمها للإنتربول وتقرر أيّاً من المكاتب المركزية الوطنية يمكنها الاطلاع على معلوماتها، وذلك بموجب المادتين 7 و 58 من قواعد الإنتربول بشأن معالجة بيانات RPD. تحتفظ المكاتب المركزية الوطنية والكيانات الدولية، في جميع الأوقات، بالسيطرة على معالجة بياناتها، وفقًا للقواعد الحالية.
وأضاف أن أي مكتب مركزي وطني أو كيان دولي، يتمتع بالحرية في تقييد الوصول إلى بياناته أو استخدامها في إحدى قواعد بيانات الشرطة التابعة للمنظمة. وذلك يعني أن المكتب المركزي الوطني بدمشق يمكنه فقط الوصول إلى المعلومات الموجودة في قواعد بيانات الإنتربول التي لم يتم تقييدها من قبل الدول الأعضاء الأخرى.
وبحسب التوضيح: “لا يمكن لسوريا (نظام الأسد) إصدار أوامر توقيف دولية عبر الإنتربول، ولا يصدر الإنتربول أوامر اعتقال دولية”. ويمكن لأي دولة عضو -بما في ذلك سوريا- أن تطلب من الأمانة العامة إصدار نشرة حمراء، والتي هي طلب موجه إلى جهات إنفاذ القانون في جميع أرجاء العالم لتحديد مكان شخص ما واعتقاله مؤقتًا في انتظار تسليمه أو استلامه أو القيام بإجراء قانوني مشابه. من جهته، يُجري فريق عمل متعدد التخصصات في مقر الأمانة العامة للإنتربول مراجعة لجميع طلبات الإشعارات الحمراء، وتأخذ هذه المراجعة في الاعتبار المعلومات المتاحة وقت النشر، ولا يتم نشر الإشعار إلا إذا كان يتوافق مع دستور الإنتربول، والذي بموجبه يُحظر تماماً على المنظمة القيام بأي تدخل أو أنشطة سياسية أو عسكرية أو دينية أو شخصية عرقية.
وإذا تبين أن النشرة الحمراء الصادرة سابقاً لا تمتثل للدستور والقواعد المتبعة، فسيتم حذفها من قواعد بيانات الإنتربول. كما يتم إبلاغ جميع الدول الأعضاء بعدم امتثال الإشعار أو النشر، ويُطلب منها تحديث قواعد بياناتها الوطنية وفقاً لذلك، بالإضافة إلى تذكيرها بأنه لا يجوز استخدام قنوات الإنتربول في أي اتصال بشأن القضية.
وأنهى المكتب الإعلامي التوضيح بأنه “لا يمكن للإنتربول أن يطالب باتخاذ إجراء بشأن الإشعار، و إذا كان يتعين القيام بذلك فهو يخضع لتقدير كل بلد”.
“هيئة القانونيين الأحرار”: الإنتربول ليس جهة تنفيذية
من جهتها، أصدرت “هيئة القانونيين الأحرار” بياناً أوضحت فيه آلية عمل الإنتربول الدولي عقب تهديدات نظام الأسد بالمطالبة بتسليم المطلوبين عبر الإنتربول.
وذكر البيان الصادر يوم الثلاثاء الماضي، أن الإنتربول الدولي ليس جهة قانونية تنفيذية لتسليم المطلوبين، بل يتم من خلاله تبادل المعلومات والبيانات حول الجرائم والمطلوبين، مضيفاً أن تسليم المطلوبين قرارٌ خاص بكل دولة يوجد المطلوب على أراضيها، وليس بإمكان الإنتربول تجاوز الدولة وقوانينها.
وأوضح البيان أن تسليم المطلوبين بين الدول يتطلب مبدأ المعاملة بالمثل، كما أن تسليمهم يتم عبر لجنة قضائية مختصة تدرس ملف المطلوب ثم تقرر تسليمه من عدمه وفق الأدلة القانونية. وأفاد أن أغلب ضباط ورموز نظام الأسد مطلوبين وفق مذكرات قانونية رسمية في دول أوروبية، بما فيهم وزير داخليته، وعليه فإن الإنتربول الدولي سيطلب تسليمهم للدول المصدرة لمذكرات الاعتقال.
وأشارت الهيئة في بيانها إلى أن “تلفيق الاتهامات للاجئين من نظام الأسد لا يمكن تمريره في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا، بسبب وجود لجان مختصة بدراسة الملفات”.
فتح مكتب الإنتربول بدمشق
وكان نظام الأسد قد أعلن في نهاية شهر أيلول الفائت، إعادة “منظمة الشرطة الجنائية الدولية” (الإنتربول) فتح مكتبه في العاصمة دمشق بعد أن رفعت اللجنة التنفيذية في أمانته العامة الحظر عن سوريا.
ونقلت صحيفة “الوطن” الموالية عن مدير إدارة الأمن الجنائي العميد حسين جمعة قوله إن “اللجنة التنفيذية في الأمانة العامة للإنتربول الدولي رفعت الحظر عن سوريا فيما يتعلق بموضوع الإنتربول، وبناء على ذلك عادت لمكتب دمشق جميع صلاحياته، مؤكداً أنه حالياً يتم الانتظار لتفعيل خدمات الإنتربول لمكتب دمشق”.
بدورها، ذكرت قناة “تي آر تي وورلد” التركية أن الإنتربول منح نظام الأسد حق الولوج لشبكة الاتصال الخاصة به وبالتالي الوصول إلى قاعدة بياناته، ما يشكل خطراً على الآلاف من السوريين في دول الجوار ودول اللجوء الأوروبية وملاحقتهم دولياً واستغلال هذه الخطوة للإيقاع بمعارضيه.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا