“أصبحنا إمبراطورية كما كنا عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حاليًّا مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا كما في الماضي، وإن جغرافية إيران والعراق غير قابلة للتجزئة؛ إما نتقاتل معاً وإما نتحد”.. لم تكن تلك الكلمات تخمينات أو رأيا تحليليا، بل كانت تصريحات رسمية في الثامن من مارس/آذار 2015، على لسان علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني.
هيمنة إيرانية صريحة قولاً وفعلاً على العراق، سواء سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو اجتماعيًّا، جعلت من بغداد عقب سقوط نظام صدام حسين ساحةً للصراع الإقليمي.
فعقب مرور 6 سنوات على تلك التصريحات دفع ثمنها العراق من تدهور أمني واقتصادي، توعد رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي مليشيات إيران التي تعد ذراع طهران في العراق، مطالباً النظام الإيراني بكبح جماح تلك المليشيات.
وما بين الهيمنة بالسلاح تارة، والأحزاب تارة، يرصد مركز “الوشم الأوسط” لدراسات السياسة والإعلام، في دراسة مبسطة الخطوات العشر لإخراج بغداد من عباءة طهران، من وجهة نظر خبراء ومسؤولين عراقيين.
المحاور
طرحت الدراسة سؤالًا حول كيفية خروج العراق من الهيمنة الإيرانية، واهتمت بالتنوع في الآراء العراقية على النحو التالي:
- وجهة النظر الدبلوماسية.
- وجهة النظر العسكرية.
- وجهة النظر المدنية.
- وجهة النظر الأكاديمية.
أولًا: وجهة النظر الدبلوماسية
“خطوات عربية”.. العنوان الأبرز لتلك الرؤى، وهنا يقول الدكتور مزهر الدوري سفير العراق الأسبق في روسيا، إن الاحتلال الأمريكي للعراق ساعد في المقام الأول على فصل العراق عن محيطة العربي وسقوطه في الهيمنة الإيرانية.
ويشير سفير العراق الأسبق في روسيا، خلال حديثه لمركز “الوشم الأوسط”، إلى أن التغلغل الإيراني في سوريا واليمن، والذي جاء عقب سقوط الدولة وبث الفوضى، مثال حي لما حدث في العراق من هيمنة إيرانية تمت على مدار السنوات الماضية.
الدكتور مزهر الدوري سفير العراق الأسبق في روسيا
ويقول الدكتور مزهر الدوري: إن التغلغل والهيمنة الإيرانية في العراق وعدد من الدول العربية لم يكونا بمنأىً عن تنسيق أمريكي إسرائيلي، مؤكداً أن الخطوات العشر لإخراج بغداد من هيمنة طهران تكمن في المحيط العربي.
في السياق ذاته، حدد سفير العراق الأسبق في روسيا تلك الخطوات كالآتي:
خطوات خارج العراق
- موقف عربي موحد بعيدًا عن أي مصالح؛ حتى تخشاه الدول الكبرى.
- الضغط على واشنطن للتخلي فعليًّا عن السماح للهيمنة الإيرانية، وليس عن طريق التصريحات فقط.
- الإعلام العربي، عن طريق وضع أجندة متناغمة لفضح المخطط الفارسي الذي يستخدم المنظمات الإرهابية، والتبشير الطائفي وزرعه في المجتمع العربي السني المتسامح.
- إقناع روسيا والصين بأن مصالحهما مع العرب وليست مع إيران، وفضح دور طهران في العراق.
- تقوية العمل العربي على احتضان العراق مرة أخرى كما فعلت مصر والأردن مؤخرًا.
خطوات داخل العراق
- إقصاء عشرت المليشيات التي جمعها ما يسمى بالحشد الشعبي، وسلاحها المنفلت، وتطهير الجيش الذي أنشأته سلطة الاحتلال بعد أن حلت الجيش الوطني السابق.
- إنهاء الفساد والفاسدين ومحاسبتهم، واسترداد ما يقرب من تريليون دولار؛ بسبب شبكة إيران المتغلغلة في الاقتصاد العراقي.
- إيقاف التدخل الخارجي في قرارات الدولة العراقية، فما زال السفير الإيراني ومستشاروه والأحزاب الولائية يمارسون الهيمنة.
- إصلاح جذري وشامل يؤسس لإقامة برلمان جديد يتولى تشريع دستور جديد يليق بالعراقيين والعراق، وإجراء انتخابات نزيهة بإشراف دولي.
- إبعاد الأحزاب الموالية لإيران والتي تحاول التأثير وتعطيل أي إجراء يُخرج بغداد من مخالب طهران.
ثانيًا: وجهة النظر العسكرية
في السياق ذاته، يرى اللواء العراقي السابق محمد عاصم شنشل، أن إخراج بغداد من الهيمنة الإيرانية ليس بالأمر السهل نتيجة تغلغلها منذ سنوات داخل جميع المؤسسات العراقية، وبالأخص العسكرية.
وحدد اللواء السابق محمد عاصم شنشل، خلال حديثه لـ”الوشم الأوسط”، 10 خطوات لإخراج العراق من السيطرة الإيرانية، هي على النحو الآتي:
- الإيفاء (فعلًا) لا (قولًا) بكل تعهدات الدول العربية المتمثلة بكلمات ممثليها في تقديم الدعم السياسي للعراق لتقوية شبكة عموده للفترة المقبلة (ما بعد الانتخابات).
- الإسراع بوضع التعهدات بشكل ملموس وبأسرع وقت، وأهمها (الربط الكهربائي)، والتركيز على منطقة (الوسط والجنوب)؛ لكسر طوق التخوف الطائفي بالضد من إيران.
- دعم الجهات الشيعية المناوئة أو التي لديها الرغبة بالخلاص من سطوة إيران.
- رسم التقارب مع مرجعية النجف، والتي تختلف من حيث المنهج مع فكر ولاية الفقيه الإيرانية.
اللواء العراقي السابق محمد عاصم شنشل
- تطوير مشاريع الطرق والجسور، وتقوية ذلك بالطلب من الأهالي بتوفير حمايتها لخدمتهم؛ لمنع مليشيات إيران من تدمير البنية التحتية.
- وضع خطة تنمية شاملة (خمسية) لا تعتمد المحاصصة وتكون عادلة، وعلى مستوى البلاد بكاملها.
- اعتماد تمويلات بواسطة صندوق دولي بإشراف الأمم المتحدة للصرف على المشاريع بدراسات عالمية لقطع دابر السرقات والفساد.
- إشراك الدول التي تعهدت في مؤتمر الكويت بتقديم مساهماتها على شكل مشاريع تنفذ بواسطة شركاتها، دون صرف أموال بيد الطبقة السياسية أيًّا كان نوعها وانتماؤها.
- إنشاء لجنة مشتركة عراقية-دولية يكون الأساس فيها وزارة التخطيط وفق بياناتها للخطة الخمسية المطلوبة.
- عمل جميع الدول على تخفيف القيود على دخول العراقي أراضيها، ومسح فكرة (التفريق الطائفي) من الأذهان؛ لرسم تصور جديد.
ثالثًا: وجهة النظر المدنية
في السياق ذاته، يرى دكتور فارس العبادي، ناشط مدني وسياسي عراقي، خلال حديثه لـ”الوشم الأوسط”، أنه لتحقيق الهدف الذي يعد حلم كل عراقي -وهو الخروج من العباءة الإيرانية- يجب اتباعُ الآتي:
- الضغط على العراق من أجل حل المليشيات المسلحة والخارجة على القانون والمدعومة من إيران، والتي تأتمربأمرها.
- التعهد للعراق بتسهيل السفر والتبادل التجاري وتقديم الدعم في كل المجالات مقابل الخروج من عباءة إيران.
- تقديم الدعم اللوجستي والأمني والسياسي للعراق، حكومة وشعباً، في مواجهة الإرهاب والمليشيات المسلحة.
- دعم العراق في مجال البناء وإعادة تطوير البنى التحتية كافة.
- فتح قنصليات ثقافية في أكثر المدن، ونشر روح الوئام والالتحام العربي.
- فتح السفارات والقنصليات للدول العربية في بغداد والبصرة والموصل وأربيل.
دكتور فارس العبادي، ناشط مدني وسياسي
- تسهيل دخول العراقيين للدول العربية وبدون قيود أو شروط مسبقة.
- منح تسهيلات دراسية للطلبة العراقيين الراغبين في الدراسة خارج العراق داخل الدول العربية.
- اتفاق عربي شامل في الضغط على إيران ووقف تدخلها في شؤون العراق وباقي الدول العربية.
- شرح موقف الدول العربية للرأي العام الغربي والإقليمي بأن موقف الدول العربية هو مساعدة العراق، وليس تدخلًا في شؤونه الداخلية عكس ما تفعله إيران وتروج له أحيانًا.
رابعًا: وجهة النظر الأكاديمية
من جانبه، قال الدكتور عبدالكريم الوزان، الأكاديمي والباحث في مركز أبابيل للدراسات الاستراتيجية، خلال حديثه لـ”الوشم الأوسط”:
- التخلص من الاستقطاب الطائفي.
- إعلاء الدين وعلى المذهب.
- التخلص من الولاء سواء للإقليم أو للأجنبي، ويكون الولاء الوحيد هو للعراق.
- عدم التبعية لأي شخصية دينية أجنبية.
- التعمق بالتاريخ للعراق وجذوره.
الدكتور عبدالكريم الوزان، الأكاديمي والباحث في مركز أبابيل للدراسات الاستراتيجية
- تحسين الاقتصاد واستقلاله، وتطهير مؤسساته من الأذرع الإيرانية.
- استقلال وسائل الإعلام وابتعادها عن التجهيل الممنهج من قبل إيران وأتباعها القائمون بالاتصال.
- إعادة الخدمة الإلزامية بالجيش العراقي.
- حل المليشيات المسلحة بالكامل.
- حصر السلاح بيد الدولة فقط.
النتيجة
حدد مركز “الوشم الأوسط” أهم النقاط التي تحدث عنها الضيوف من أجل إخراج العراق من الهيمنة الإيرانية أبرزها:
- تكثيف العمل العربي تجاه احتضان العراق مرة أخرى، كما فعلت مصر والأردن مؤخرًا.
- إقصاء عشرات المليشيات التي جمعها ما يسمى بالحشد الشعبي، وسلاحها المنفلت.
- منح تسهيلات دراسية للطلبة العراقيين الراغبين في الدراسة خارج العراق داخل الدول العربية.
- شرح موقف الدول العربية للرأي العام الغربي والإقليمي بأن موقف الدول العربية هو مساعدة العراق، وليس تدخلًا في شؤونه الداخلية عكس ما تفعله إيران وتروج له أحيانًا.
- استقلال وسائل الإعلام العراقية والمؤسسات الاقتصادية من أذرع إيران.
- العمل على بناء برلمان قوى بعيدا عن المحاصصة وأحزاب إيران التي تعطل أي تقدم سياسي أو اقتصادي للعراق.
المصدر: مركز الوشم الأوسط لدراسات السياسة والاعلام